" يامينة ثابت " تونسية تسابق سنها
وكالة أخبار المرأة -
المرأة الفاعلة

قمر بن سالم - تونس

تتقد عيناها ذكاء و نشاطا و اندفاعا..ذكاءها يرسم نظرتها العميقة لماهية الوجود..نشاطها يدفعها للمزيد البحث والمعرفة..اندفاعها ينطلق نحو بذل الجهد والعطاء لكل من يحتاجها..في عمق ذاتها تكمن الرغبة في تحدي الصعاب و كسر الحالة النمطية التي يعيشها المجتمع محاولة فتح دائرته المحدودة المغلقة نحو افاق اكثر اتساعا و نحو نظرة مغايرة و هادفة ذات بعد اصلاحي ايديولوجي و انساني..انها "يامينة ثابت" طالبة الطب التونسية والبالغة من العمر احدى وعشرين سنة والتي تعيش منذ طفولتها في بيت تسكنه روح النضال الذي استلمت شعلته من والدتها الناشطة و نائبة رئيسة جمعية المرأة الليبيرالية...أيقنت "يامينة ثابت" أن المجتمع التونسي لا يضم ماهو ظاهر للعيان من رجال و نساء و أطفال يعيشون و يشتغلون ويتعلمون.. بل تكمن ضمنه فئة منسية و لا يقع التعرض أو الالتفات اليها أو الى حاجياتها أو الى مشاغلها الا في لحظات خاطفة ثم يغض عنها الطرف و كأنها لا وجود لها ضمن المجموعة ألا وهي "الأقليات" فقد نسي كل تونسي أنه يمكن أن يكون هو فردا من "الأقليات"..و تضيف "يامينة ثابت" اننا نعيش داخل مجتمع في ظاهره يعيش التفتح و يمقت الانغلاق و لكن في عمق ذاته مجتمعا نمطيا يرفض الاخر المختلف عنه ..فمسألة الاختلاف لا تتعلق ضرورة بالجنس أو اللون أو الطبقية بين غني و فقير..ان الظاهرة تتجاوز ذلك الى ماهو أعمق و اخطر بكثير...فهناك فئات لم تسلط عليها الاضواء حتى لمساعدتها و لا نقترب منها الا لنبذها أو لاشعارها بعدم صلوحيتها أو لتغييبها كليا بدعوى أن وجودها في مجتمع له تقاليده وعاداته و دينه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكشفها..و هذا غريب في مجتمع دينه الاسلام الذي قطع بينه وبين كل أشكال التمييز والعنصرية فقد قال الله تعالى"يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر و انثى وجعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم"صدق الله العظيم سورة "الحجرات" الاية 13

حادثة كانت سببا في انشاء الجمعية

تحدثت "يامينة" أن فكرة انشاء"الجمعية التونسية لمساندة الأقليات" جاءت من خلال موقف قاس كانت قد تعرضت لهتقول "يامينة" أنها لما كانت بصدد ممارسة تربصها التكويني في مجال الطب و في لحظة خاطفة و عن غير قصد وخزتها "ابرة" طبية فشعرت بهول ما تعرضت اليه و سارعت الى مركز التحاليل و الكشف- و المعروف أن طاقمه يضم زميلاتها و زملاءها- و لما أخبرتهم أنها تعرضت لوخزة "ابرة حقنة" و أنها ترغب في اجراء تحاليل للتأكد من سلامتها من التعرض لاي مرض خطير كانت المفاجأة الكبرى لها و التي كادت تدمر نفسيتها فقد تجهمت الوجوه و نظرت اليها نظرة ازدراء خاصة وأن الحالات التي يتعرضون اليها فيها الكثيرين ممن هم مصابين "بالايدز" و كأنها قد أذنبت أم اقترفت خطأ فادحا في حياتها...قامت باجراء التحاليل و مر الأمر بسلام و علمت أنها لم تتعرض لأي سوء..و لكنها لم تنس تلك النظرة الدونية التي تعرضت لها و خاصة من قبل زميلات و زملاء مدركين أن كل ممارس لمهنة الطب هو عرضة لما تعرضت اليه و من يومها شعرت بما يشعر به المصاب بهول و مصيبة المرض و أدركت كم تحتاج هذه الأقلية من دعم نفسي و معنوي يساعدها على مقاومة المرض و ادماجها في معترك الحياة و أضافت "يامينة" ان المجتمع مليء بالأقليات المتروكة والمنسية التي بدورها تتخفى بصمتها و لا ترغب في كشف ذواتها و الاعلان عن ماسيها أو توجهاتها مخافة النبذ و القسوة و المعاملة السيئة و الحرمان من العيش..ثم ان مفهوم "أقلية" لا يعني بالضرورة المصاب بمرض خطير بل الأمر أعمق من ذلك بكثير فالمعاقين جسديا أيضا يعيشون حالة من الاغتراب الجسدي والنفسي لانهم دائما يشعرون بعمق الاختلاف بينهم وبين الناس العاديين و لأنهم مهمشين أيضا في مجتمعهم فلم لا نوليهم اهتمامنا و نعتني بهم و ندمجهم في مجتمعهم فهم مندمجون و غير مندمجين في الان ذاته وهذه مسألة هامة خاصة و أن أهداف الثورة التونسية و عمقها يحمل شعار "الحرية" بمفهومها الايجابي كحرية العيش و الاستقلالية و حرية التعبير و ممارسة الحياة العادية و حرية التنقل دون مطاردة من نظرات المجتمع القاسية أو من سياط السلطة الجبارة طالما أن الرغبة في الحرية هي تماما الرغبة في كسر قيود العقل الذي تسيطر عليه الرجعية..وأوضحت" يامينة" أن المجتمع التونسي لا يعيش فيه المسلمون فحسب بل فيه نسبة كبيرة من اليهود و المسيحيين التونسيين و لكن نحن لا نعرفهم بصورة مباشرة فكل الذي نعلمه عنهم انهم يخفون أنفسهم مخافة أن توجه لهم أصابع اتهام لما لم يقترفوه... فالمسيحية و اليهودية ديانتين سماويتين شأنهما شأن الاسلام ...ا

الانفتاح على "الاقليات"

وأشارت رئيسة الجمعية" يامينة" أنها ستبلغ فكرتها من خلال حملات تحسيسية ثقافية توعوية فالجمعية تتكون من أعضاء مثقفين من ميادين مختلفة و سيمدنا كل عضو بمخططه الخيري كأن نقوم بجلسات معالجة نفسية تخرج الأقلية من بوتقة الخوف و عدم الثقة في النفس ...كأن نشجع المريض و نحثه على مقاومة المرض و التعامل والتفاعل معه على أنه أمر يمكن أن يجعله يغير نظرته للحياة و ينظر لها من زاوية ضيقة الى زاوية أشد اتساعا و قد يساعده هذا على تخطي الأزمة ....أما بالنسبة للفئات غير المسلمة تقول "يامينة"ان عادات الطبخ والتغذية هي التي تعرفك بثقافة شعب ما" و انه من الضروري أن نبدأ بالدخول الى مطابخها و التعرف على وصفاتها واشهارها كنوع من العادات والأطباق المختلفة التي يرغب الناس في محاولة تطبيقها و تذوقها...كما تقر بأن مسألة التبليغ و تغيير الفكرة لدى الشعوب النمطية تتطلب ذكاء ووقتا و صبرا من أجل تحقيقها .

الامال المنتظرة

وعن امالها من الجمعية تذكر طالبة الطب"يامينة"أن أملها كبير في نشر فكرتها و بتظافر الجهود ستتمكن الجمعية من النجاح خاصة وأن المجتمع التونسي عاش في الثورة مفهوم "الكرامة" بكل ما تحمله الكلمة من معنى و تؤكد ثقتها الكبيرة في فكرتها التي هي حلم من بين أحلام كثيرة ينتظرها "الشعب"



إقرأ المزيد