دخلت أوّل مطبعة إلى المغرب في ستّينيات القرن التاسع عشر، وكان ذلك تحديداً في مدينة مكناس سنة 1865. لكنّ النساخة التقليدية ظلّت قائمة رغم ذلك؛ حيث استمرّ إنتاج المخطوطات جنباً إلى جنب مع المطبوعات الحجرية التي اعتمدت على النسخ اليدوي، وهو ما حافظ على دورها في نقل المعرفة حتّى أوائل القرن العشرين.

"الوِراقة المغربية وصناعة المخطوط: مقارباتٌ في المواد والتقاليد والوظائف"، عنوان ندوة تُنظّمها "مكتبة قطر الوطنية" في الدوحة يومَي 14 و15 إبريل/ نيسان الجاري، بالتزامن مع "يوم المخطوط العربي"، وتستضيف خبراء وباحثين متخصّصين، يتناولون تاريخ الوِراقة وصناعة المخطوط في المغرب، وتقاليد التأليف والنَّسخ، وتطوّر المواد المستخدمة في الكتابة، وانعكاساتها على تداول المعرفة. كما تستعرض الندوة إمكانات التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي والإنسانيات الرقمية، في تحليل المخطوطات ودراستها، مع الحفاظ على مرجعياتها التراثية والبحثية.

وتُقدّم الندوة، وفق المنظّمين، إطاراً عاماً للموضوعات المطروحة، إلى جانب دراسات حالة لأمثلة تُبرز خصائص المخطوط المغربي، وتُحدّد أوجه الاتفاق والافتراق مع التقاليد المشرقية، مع التركيز على الخصوصية المغربية المادية والمعرفية، كما تناقش محاور الندوة دور الورّاقين المغاربة في نشر المعرفة شرقاً وغرباً، والأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لاقتناء الكتب وتداولها في المغرب.

تبدأ الندوة، في يومها الأوّل، بمحاضرة افتتاحية بعنوان "المنتسخات المحقّقة في المغرب والأندلس: خطية عتيقة من الشفا للقاضي عياض"، من تقديم محمد الطبراني من جامعة القاضي عياض في مرّاكش، وتليها جلسةٌ علمية أُولى بعنوان "تاريخ المخطوط المغربي"، تتضمّن أربع مداخلات: "تاريخ المكتبات وخزائن الكتب في المغرب" لرشيد العفاقي، و"الخزانة الزيدانية من المغرب إلى الإسكوريال: رحلة مكتبة مغربية سلطانية" للبشير التهالي، و"مهن الوراقة وحركة الكتب وتداولها في المغرب" لأحمد الصديقي، و"النصوص المُصاحبة للمخطوط: مفاتيح جديدة لفهم التاريخ المغربي" لخالد زهري.

وتحمل الجلسة الثانية عنوان "صناعة المخطوط المغربي"، وتتضمّن أربع مداخلات أيضاً؛ هي: "المخطوط في الغرب الإسلامي: الحوامل المادية والأحبار" لمحمد سعيد جنشي، و"محاولة في تصنيف خطوط المغرب والأندلس: مساراتها وتطوّرها وتأثيرها" لمحمد عبد الحفيظ خبطة الحسني، و"الزخارف وجماليات المخطوط المغربي" لتامر مختار، و"من الورّاقين إلى الدارسين: تواصل الوراقة المغربية بين الممارسة والتوثيق" لخالد السباعي.

أمّا برنامج اليوم الثاني والأخير، فيتضمّن حلقتين تطبيقيّتين؛ الأُولى حول مدارَسة وتحليل مخطوطات مغربية مختارة من المجموعة التراثية بـ"مكتبة قطر الوطنية" من إعداد أخصائي المخطوطات محمود زكي وأخصائي الأرشيف معز الدريدي، والثانية بعنوان "من الوراقة إلى الخوارزميات: استكشاف آفاق جديدة لدراسة المخطوطات بالذكاء الاصطناعي والإنسانيات الرقمية" ويقدّمها محمود زكي.

يُذكَر أنّ الندوة تُقام ضمن فعاليات "العام الثقافي قطر - المغرب 2024"، والذي احتضنت "مكتبة قطر الوطنية"، ضمن فعالياته أيضاً، معرضاً حول صناعة الكتب وفنّ الوراقة المغربية بعنوان "من السفّارين إلى السوق: فن الوِراقة المغربية"، افتتح في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي ويستمرّ حتى 26 إبريل/ نيسان الجاري.