في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دُور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية، ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المُترجمة إليها.

هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أُولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.

مختارات هذا الأسبوع تتضمن كتباً في علم التاريخ وأدب الطفل والاقتصاد والسينما والسياسية وغيرها.

■ ■ ■

تكمن أهمية كتاب "جماعة كركوك: الحداثة الشعرية الثانية"، الصادر عن دار "النابغة" للباحث رسول عدنان، في كونه أول كتاب يتحدث عن جماعة كركوك بوصفها تجربة شعرية شكّلت ريادة شعرية بعد تجربة الرواد. تأتي أهميتها بما أحدثته من انحراف في بوصلة الشعريتين العراقية والعربية. يضع الكتاب المجموعة في سياقها التاريخي بين المجموعات الأدبية، ويعرّفنا على أبرز شعراء هذه المجموعة، والخصائص الشعرية التي جمعتهم، إضافة إلى التأثير الكبير الذي مارسته على الشعر العراقي والعربي، وكيف تحوّلت تجارب بعضهم إلى تجارب شعرية عالمية.

أكثر ما يلفت نظر الباحث في أدب الطفل العربي هو قلة المصادر، وقلة الدراسات الجادة فيه، والأكثر شحَّة هو العثور على دراسات تطبيقية في فنونه المختلفة، إذ يغلب على أكثر المتيسِّر في ساحتنا الثقافية طابع العُجالة. يضم كتاب "دراسات في أدب الطفل" للباحث بيان الصفدي، الصادر عن دار "نينوى"، مجموعة دراسات تطبيقية تتناول تجارب أعلام معروفين في أدب الطفل العربي كعبد الرزاق عبد الواحد وشوقي بغدادي وفاروق سلوم وجودة فخر الدين، لكن نتاجهم مع ذلك لم يأخذ بعض حقه من الدرس والإضاءة، ومنها أيضاً ما هو تناولٌ نظري لحال أدب الطفل العربي والتحديات التي تواجهه بعامة.

"الميثاق المفقود.. أسطورة البداية"، عنوان كتاب للباحث اللبناني طلال الحسيني، صادر عن "دار النهار"، وفيه يعود الباحث إلى الأعوام الأولى لإنشاء الدولة اللبنانية، حين ترشّح الشيخ محمد الجسر لرئاسة الجمهوريّة عام 1932، فاضطرّ الانتداب الفرنسي إلى التدخُّل بناءً على إيعاز من البطريرك أنطوان عريضة، لكنّ الجسر ثبت على موقفه. وتعرّض لبنان لأخطر أزمة عرفها منذ العام 1920، باعتباره بؤرة وطنيّة للمسيحيّين، في حال أدّى دستور 1926 إلى وصول شخص مُسلِم إلى سدّة الرّئاسة، وهكذا أتيح المجال لمندوب فرنسا السامي، هنري بونسو، ليعلّق الدّستور.

صدر عن "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" كتاب "سيرة لسينما الفلسطينيين: محدودية المساحات والشخصيات" للصحافي والروائي الفلسطيني سليم البيك. يفرِّق الكتاب بين السينما الفلسطينية وسينما الفلسطينيين، فيتناول سيرة السينما الروائية التي صنعها فلسطينيون، من بداياتها إلى لحظة الانتهاء من الكتاب، وهو ما ينحصر بين حدثَين محوريَين: انتفاضة الحجارة والحرب الإبادية. ويقدِّم الكتاب سياقاً وطنياً يسبق أن تناولَ السيرة، باعتبار السينما انعكاساً للحالة السياسية للفلسطينيين، فانتفاضة الأقصى كذلك فرضت تحولاً في هذه السينما.

"الاقتصاد السوري المهدور: النموّ اللامستقرّ والتنمية الضائعة في نصف قرن 1960 - 2010"، عنوان كتاب صادر عن "دار هدوء"، للباحث السوري أيهم أسد، ويحلّل بُنية النمو الاقتصادي السوري على شكل عشريات متتالية، كان لكلّ عُشرية منها خصائصها وظروفها الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بها. ووفقاً للباحث، بدا أنه تمّ هدر موارد الاقتصاد الذاتية والموارد كما تم تضييع الفرص التنموية الكبيرة التي كان يُمكن من خلالها تطوير الاقتصاد والمجتمع، وتجاوز الكثير من الاختلالات الهيكلية، وتوفير مصادر نمو مستدامة وبديلة، لخلق مجتمع متقدّم وحداثي.

ما الفهم؟ وما التأويل؟ وكيف يمكننا تحسينهما؟ انطلاقاً من هذه الأسئلة، يتناول الباحث السوري حسام الدين درويش في كتابه "جدل التأويل بين الفهم والتفسير في فلسفة بول ريكور"، الصادر عن "مؤمنون بلا حدود"، المسار الهيرمينوطيقي للفيلسوف الفرنسي (1913 - 2005)، في سياق تحليله لسعي الإنسان لـ"فهم" ذاته والآخر والعالم. يؤكّد الكتاب رؤية ريكور في الترابط الوثيق بين الفهم والتفسير، في كل من الهيرمينوطيقا والعلوم الإنسانية والاجتماعية، كما يتتبّع إشكالية المنهج لدى صاحب "الاستعارة الحيّة" عبر مراحلها وتطوراتها الفكرية المتعددة.

حين وقعت ألبانيا تحت احتلال الدول المشاركة في حرب البلقان (1912 - 1913)، فرضت عليها أميراً ألمانياً ليكون على رأس هذه المملكة الجديدة. يكشف كتاب "الأمير فيد: ألبانيا مملكةً لستّة أشهر، مذكّرات السكرتير الشخصي للأمير" لـ هيتن أرمسترونغ، الصادر عن "دار كلمات" بترجمة عن الألبانية للمؤرّخ السوري الكوسوفي محمد م. الأرناؤوط، التحديات التي واجهت هذه الدولة الأوروبية الجديدة، سواء من التنافس بين القوى المحلّية المتصارعة أو بين القوى الأوروبية الكبرى، بالإضافة إلى شخصية الملك المتردّدة الذي غادر ألبانيا بعد اندلاع الحرب العالمية.

ضمن سلسلة "ذاكرة الكتابة"، صدر عن "الهيئة العامّة لقصور الثقافة" كتاب "الانعزاليون في مصر" للناقد المصري رجاء النقاش (1934 - 2008). يتناول الكتاب مفهوم الانعزالية الفكرية في مصر، محلّلاً دوافعها وتجلّياتها التاريخية والاجتماعية، كما يضمّ مجموعة من المقالات أسهم بها النقاش في السجالات الثقافية التي دارت خلال سبعينيات القرن الماضي حول هوية مصر وانتمائها وتوجّهها الفكري والثقافي، وعلاقتها بمحيطها العربي، ومكانها على خريطة القومية العربية، والتي ردّ من خلالها على كتّاب مثل: لويس عوض، وتوفيق الحكيم، وحسين فوزي وآخرين.