العربي الجديد - 2/11/2025 7:57:35 AM - GMT (+3 )

بين عامَي 1842 و1849، نشَر ديفيد روبرتس مطبوعاته الحَجرية تحت عنوان "الأرض المقدّسة" في ثلاثة مجلّدات، بعد رحلة طويلة إلى شرق المتوسط بدأها من مدينة الإسكندرية سنة 1838، ويضيء على جانب منها المعرضُ الذي افتُتح، أمس الاثنين، في "المتحف الوطني للفنون الجميلة" بعمّان، ويتواصل حتى الرابع والعشرين من الشهر الجاري.
يضمّ المعرض ثمانية وثلاثين عملاً، مُهداة من "مجموعة جورج أبو خضر" لتصبح من مقتنيات المتحف، وهي تُمثّل مختارات من أعمال الفنّان الاسكتلندي (1796 - 1864) الذي وُلد لأبٍ يعمل صانع أحذية، وتعلّم الرسم ليعمل في سنٍّ مبكرة بتصميم ديكورات عروضٍ مسرحية في إدنبرة وغلاسكو ولندن، قبل أن يزور إسبانيا والمغرب ويُسجّل هناك معايشاته بالألوان المائية في زيارة ستدفعه إلى السفر نحو الشرق.
أول فنّانٍ أوروبي يزور الشرق دون ارتباط تبشيري أو عسكري
واحدةٌ من أبرز الأعمال المعروضة تنتمي إلى كتاب روبرتس المعنون بـ"مشاهد من الأرض المُقدّسة وسوريّة وأدوم والجزيرة العربية ومصر والنوبة"، الذي يحتوي أكثر من مئتين وخمسين مطبوعة حجَربة، ويحمل العمل عنوان "الاقتراب من البتراء: برج مراقبة قديم يُشرف على الغور"، مؤرّخاً بالخامس من شباط/ فبراير 1839.
المطبوعة تُصوّر مجموعةً من المسافرين على الإبل يحطّون برحالهم قرب المدينة، التي بناها الأنباط في القرن الرابع قبل الميلاد وأُعيد اكتشافها عام 1812، وهم يغذّون الخطى نحوها وإلى جوارهم برج مراقبة يطلّ على وادي الأردن.
تأتي أهمية روبرتس من كونه أول فنّانٍ محترف يزور المنطقة دون راعٍ أو ارتباط ببعثة عسكرية أو مجموعة تبشيرية، في خلاف لغالبية الفنّانين الأوروبيّين الذين ارتبطوا بدوائر استخباراتية ومجموعات أكاديمية استشراقية في القرن التاسع عشر، إذ وصل روبرتس إلى القدس في عيد الفصح عام 1839، بعد أن سافر من مصر عبر سيناء والبتراء.
تُعرض أيضاً لوحة "القسم الخارجي من القبر المقدّس والجلجثة"، التي رُسمت عام 1842، وتُصوِّر موقعاً في كنيسة القيامة المقدسية، ونُشرت في المجلّد الثالث لروبرتس، الذي تضمَّن 123 مطبوعة حجرية ملوّنة ومائية تمثّل مناطق مختلفة في فلسطين، والتي اعتبرها نقّاد ومؤرّخو فنّ بأنها من أفضل الأعمال التي قدّمت مدن الشرق بواقعية تهتَمّ بإخلاص وإتقان.
يعكس المعرض محطّات متعدّدة من رحلة الفنّان الاسكتلندي الذي رسم مسارها، حيث تظهر العديد من المناظر على طول نهر النيل، عبر القاهرة والأقصر وصولاً إلى معبد أبو سمبل، كما تتناول خطّ رجعته إلى الشمال حيث واصل رحلته عبر خليج السويس وجبل سيناء والبتراء إلى القدس ودمشق وتدمر، منهياً رحلته التي استمرّت 11 شهراً في لبنان.
رسومات توضيحية لأماكن طبيعية وأثرية وتاريخية بالألوان المائية، لكنها ستنال شهرة واسعة بعدما أعاد إنتاجها الفنان البلجيكي المقيم في لندن آنذاك، لويس هاغي، بتقنية الليثوغراف، مستخدماً مجموعةً واسعة من الألوان والدرجات اللونية الدقيقة مثّلت العفوية في التقاط الرسم ودقّة تنفيذه.
إقرأ المزيد