العربي الجديد - 1/21/2025 4:11:17 PM - GMT (+3 )
في عام 1814، نشر كاتسوشيكا هوكوساي رسوماته التخطيطية (التي تُسمّى مانجا باللغة اليابانية) في مجلّدٍ أول صوّر المناظر الطبيعية والنباتات والحيوانات والحياة اليومية والظواهر الخارقة للطبيعة، ليواصل إصدار أعماله الفنية التي سيتأثر بها فنّانون من مختلف أنحاء العالم، وتُجمع في خمسة عشر مجلَّداً.
رسومات الفنّان الياباني (1760 - 1849) قُدّمت في معرض بإيطاليا سنة 2016 تحت عنوان "مانجا هوكوساي مانجا"، ثم انتقل إلى الهند وتايوان والولايات المتحدة والبوسنة وغيرها قبل أن يحطّ في "المتحف السعودي للفنّ المعاصر" في مدينة الدرعية السعودية الأربعاء الماضي، ويستمر إلى الثامن من الشهر المقبل.
مثّلت أعمال كاتسوشيكا هوكوساي مرجعية بصرية للفنّ الأوروبي
المعرض الذي يقام بالتعاون مع السفارة اليابانية ومؤسسة اليابان، يضيء تجربة أحد أبرز الفنانين اليابانيين الذي تعرّض إلى مآسٍ كبيرة في حياته، حيث تركته أُسرته ما سبّب له ألماً وحزناً شديداً ثم أصيب بجلطة دماغية، وغيرها من الأحداث التي قادته بعد الخمسين إلى أن يبدأ مشروعه الفنّي الذي أُتلف جزءٌ كبير منه في فيضان دمّر مدينة إيدو التي عاش فيها.
كما يُبرز المعرض تعدّد أنماط الرسم لدى هوكوساي وتنوّع موضوعاتها بين تصوير شخصيات دينية وسياسية وعدد من العلماء، وكذلك شخصيات نسائية إلى جوار الطيور، والوحوش، والأعشاب، والأشجار، ومَشاهد مستمدّة من المجتمع تعكس تبايُناته الطبقية الحادّة.
ويتوقّف المنظّمون عند تقنياته المتطوّرة في الرسم خلال تلك المرحلة، والتي مثّلت مرجعية بصرية للفنّ الأوروبي، في فترة شهدت اليابان بدايات انفتاحها على العالَم عقب قرون من الانغلاق، حيث عُرضت أعمال هوكاساي لأول مرّة خارج بلاده عام 1867، وتحديداً في فرنسا، فتركت أثرها لدى المدرسة الانطباعية و"الآرت نوفو"، وتحوّلاً في تجارب إدغار ديغا وبول غوغان وغوستاف كليمت وفرانز مارك وأوغست ماكي وإدوارد مانيه وفان غوخ وآخرين.
تتضمّن مجلّدات هوكاساي التي استمرّ صدورها حتى سنة 1834، أكثر من أربعة آلاف رسم تخطيطي لا تقتصر على الحياة اليابانية، بل تشتمل على شاهد من الهند والصين في القرن التاسع عشر وقبله أيضاً، ومناظر طبيعية في بلدان عدّة من شرق آسيا، بالإضافة إلى رسوماته التي تُرافق مقاطع من الشعر ومقتطفات من الأدب والروايات التاريخية اليابانية.
ويكشف المعرض التأثير المتواصل للفنّان الياباني الراحل على أجيال لاحقة من فنّاني بلاده وصولاً إلى اليوم، في محاولة للإضاءة على تطوّر فن المانجا الذي تتضمّنه مخطوطات تعود إلى القرن الثاني عشر لكنها لم تأخذ تسميتها الحالية إلا نهاية القرن الثامن عشر، كما يضيء المعرض الصلة الوثيقة بين الرسوم الكلاسيكية وفنون القصص المصوّرة الحديثة.
إقرأ المزيد