لا أحد بمنجى
العربي الجديد -

طفل يلوّح بالعلم الفلسطيني بعد وقف إطلاق النار في غزّة أول أمس (Getty)

كيف ستنبت الأشجار من جديد بعد إعدامها؟ والمياه التي هي موضوع التكهّنات، متى ستتوفّر للشرب من دون ذلّة وشوائب؟ الأهالي الذين غادروا ديارهم، نازحين تحت القصف الجهنّمي، إلى أيّة كومة أنقاض سيعودون؟ أهالي القرى وقد فرّوا إلى المُدن، ما حالُهم بعد نهاية الإبادة، حين لا مدينة ولا قرية؟

حتى تلك الجثامين، التي تطفو فوق ندى البال، هامدةً، كيف سنتعامل معها، آناء الليل بالخصوص؟ بأيّة نجوى وشكوى سنُخاطب العليَّ القدير الأكبر؟ بأيّة لغة سوف يتمّ التحدّث مع الغائبين الأبديّين؟ هل ستعمل عضلة اللسان وسنّ القلم الفلسطينيّان، كما معهودهما السابق؟ أيّتها الدنيا، ولسوف نتعامل معك في مُقبِلك بشكل أقلّ فأقلّ. أيّتها الكلمات وتجميع حروفها في جُمل مفيدة، ستفقدين المعنى والمبنى.

كيف سنزور الآمال التي لم تعُد تُستخدَم؟ كيف سنقول الحقّ الواضح البسيط؟ بينما المنطقة من حولنا استنامت لخطاب الهزيمة، لأنّه أسهل، أمام الحيتان الضارية، وأريح. ومتى بعَزم الأشدّاء منّا -نحن لا سوانا- ستظهر تلك الحيتان هامدة على الساحل؟ حينها تُزغرد لغة الكتاب الكريم، ويفرح فلّاحون وصغار كسبة وحتى برجوازيّون غير مقبولين من أوليغارش كمبرادور الإقليم.

لمَ نُرمَى بشَرَر الكلام الخشبي؟ ما له الخشب؟ هل يستطيع الحيّ حياةً، بَلاه؟ متى سوف نُصحصح، لأنّ الطوفان مقسوم على الجميع، ولا أحد بمنجى. متى سوف يُحترم الأدب المشجّع على جميع أنواع المقاومات؟

* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا
 



إقرأ المزيد