"هزيمة الغرب" لإيمانويل تود.. كيف انتهى الأمر بنا هنا؟
العربي الجديد -

في كتابه "هزيمة الغرب" (صدر بالفرنسية مطلع العام الجاري وتصدر ترجمته العربية بداية عام 2025 عن "دار الساقي" بتوقيع محمود مروّة)، يحاول الأنثربولوجي وعالم الاجتماع الفرنسي إيمانويل تود تقديم إجابة مقنعة عن السؤال الآتي: ماذا يحدث لنا في الغرب؟

يأتي هذا السؤال من وجهة النظر الجيواستراتيجية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، ولكن لا يمكن فصله عن سؤالٍ آخر ذي طبيعةٍ أنثروبولوجية فلسفية، يمكن صياغته على الشكل الآتي: كيف انتهى بنا الأمر عن هذا الحد هنا؟

للإجابة على هذين السؤالين، يناقشُ الكاتب الفرنسي الأزمات الاجتماعية والديموغرافية والثقافية القاتلة التي تعصف بالولايات المتحدة والدول الأوروبية، كما يغوص في الانجراف الذي اتبعه الغرب إلى حد الوصول إلى الوضع الحالي الذي تعيشه المجتمعات الغربية من الناحية الأخلاقية والسياسية والاجتماعية والفكرية. فمن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية إلى احتدام المواجهات العسكرية في الشرق الأوسط، يقدّم تود صورةً لنظام عالمي جديد يتشكّل، حيث يواجه الغربُ تحدّيات وجودية تُعرّض استقرار البشريّة للخطر.

يعترف تود أن أحد أسباب ذلك يعود إلى فشل القيم الليبرالية التي قامت عليها المجتمعاتُ الغربية، لا سيّما أمام صعود التطرف اليميني وقوى محافظة وتقليدية مثل روسيا والصين، كما أنه ينطلق في تحليله لهذه التحولات من الخطابات القائمة حول الشرعية، والرؤى العالمية حول مفاهيم المجتمع والتاريخ، فهي كما يقول ليست "سوى نسخ متدهورة من وجهات النظر العالمية الدينية".

ورغم تقديم هذه الخطابات والرؤى في شكل أفكار ومعتقدات جديدة، إلا أنها، في العموم، ليست إلا أيديولوجيات سياسية قوية تنظّم الأفراد في المجتمعات وتبنيهم بالطريقة نفسها التي عمل بها الدين. 

يرى إيمانويل تود أن الغرب يعيش الآن فترة من العدمية، خصوصا بعد اختفاء البروتسيتانتية في الولايات المتحدّة، وفقدان بريطانيا العظمى حس الفكاهة، وانهيار الأديان الكامل في دول الاتحاد الأوروبي، وقد اندمجت، تبعاً له، هذه العدمية الغربية مع العدمية الأوكرانية، وهذا ما يسبب شعور عدم الاطمئنان لدى بقية العالم الذي لم يعد يرغب في اتباع الغرب في مغامراته. 



إقرأ المزيد