في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دُور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية، ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المُترجمة إليها.

هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أُولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.

مختارات هذا الأسبوع تطلّ على القضية الفلسطينية من زاوية الأبحاث السياسية، كما تشمل مؤلّفات في القصة القصيرة والعلوم والدراسات المسرحية والترجمة الأدبية.

صدر عن دار "بلانياكس" في سراييفو كتابٌ بعنوان "فلسطين في ضمير الإنسانية" للأكاديمي والمُفكّر البوسنوي أسعد دوراكوفيتش (1948)، وهو يتضمّن المقالات التي نشرها في الصحف والمجلّات البوسنوية على امتداد عام ونيف من عُمر حرب الإبادة الإسرائيلية على غزّة، وتناول فيها مختلف الجوانب الجيوسياسية والمواقف العربية والدولية بكافة تلوّناتها حول العدوان المستمرّ منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023. كان دوراكوفيتش أول من أصدر في يوغسلافيا السابقة مختارات لمحمود درويش بعنوان "قصائد مقاومة" (1984) ثم ألحقها بمختارات من الشعر الفلسطيني.

يقدّم عالم الاجتماع الفرنسي الراحل بيير بورديو، في كتابه "التميُّز: النقد الاجتماعي للحكم"، منظوراً سوسيولوجياً للأذواق وأساليب الحياة، وتحليلاً موسّعاً لظاهرة تمايُز الطبقات الاجتماعية، مختلفاً مع المنظور الماركسي للطبقات الذي يتّكئ على التفسير الاقتصادي فقط. كما يُظهر الكتاب، الصادر بطبعة عربية عن "الشبكة العربية للأبحاث" بتوقيع نصير مروة، قراءة جديدة لماكس فيبر، يرى فيها صاحبُها أنّ صراع الأفراد يرتكز على الفرز الثقافي إضافةً إلى الفرز الاقتصادي، وأنّهم يتصارعون حول مواقع السيطرة والتميّز الاجتماعي والطبقي.

صدر عن "دار الساقي" كتاب "الثقافة، المعرفة والإيديولوجيا" للأكاديمي والباحث المغربي عبد الإله بلقزيز. ينطلق الكتاب من التفريق بين الالتباسات حول المفاهيم الثلاثة التي كثيراً ما يقع الخلط بينها ويجري التعبير عنها كمترادفات، بينما يرسم المؤلّف حدود الاختلاف والتمايز بين الثقافة والمعرفة والإيديولوجيا في العلوم الاجتماعية والإنسانية؛ حيث يزداد حضورها خلال العقود الأخيرة من دون بذل جهد نظري في تقديمها واستعراض تطوّرها، كما يتعقّب هذه المفاهيم في الإنتاج الفكري العربي، من خلال تحليل مجموعة من المؤلّفات.

متجنّباً المناقشات النظرية، يكتب المترجم الأميركي داميون سيرلز في عمله الجديد "فلسفة الترجمة"، الصادر عن "منشورات جامعة ييل"، وصفاً جديداً لماهية الترجمة وما يفعله المترجمون فعليّاً، انطلاقاً من كونه مترجماً لستّين كتاباً من لغات متعدّدة، أمضى معها عقوداً من الزمن في صراع مع الكلمات: الأسماء والأفعال، والقوافي، والإيقاع، والفروق الثقافية الدقيقة "غير القابلة للترجمة". يرى سيرلز أنّ الترجمة هي في الأساس طريقة للقراءة أبعد بكثير من مجرّد تلقٍّ للمعلومات أو عملية ميكانيكية لتحويل كلمة إلى أُخرى.

عن "مركز دراسات الوحدة العربية"، صدر كتاب "دور عائلة روتشيلد في إنشاء دولة 'إسرائيل'" للباحث معتمر أمين. يتناول الكتاب الدور الذي قامت به عائلة روتشيلد على مدى أكثر من قرن لدعم إنشاء دولة يهودية في فلسطين؛ حيث سبق دورُها إنشاءَ الحركة الصهيونية بقرابة نصف قرن، مضيئاً مساندتها ما سُمّي بالحركة الشعبية اليهودية التي انطلقت من شرق أوروبا وعُرفت بالحركة الصهيونية، ورعايتها للمنظّمة الصهيونية منذ نشأتها عام 1897، ودورها في دعم وتنظيم الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وفي إقرار وعد بلفور، وتوفير الشروط السياسية والمادية لتحقيق الوعد.

رواية "أشرف البعلوجي" ليحيى السنوار، والصادرة عن دار "خطوط"، هي عمل أدبي يستعرض حياة الأسير الفلسطيني أشرف البعلوجي. يصف فيها أبو إبراهيم رحلة أشرف منذ طفولته في غزّة، وانتمائه للحركة الخضراء، إلى ملاحقته وأسره، متناولاً تفاصيل المقاومة وحياة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي. يقدّم الكتاب وصفاً لمعاناة الفلسطينيّين منذ النكبة، ويستعرض مشاعر الفدائي وشجاعة أصحاب المثلّثات الحمراء، كما يتطرّق إلى طبيعة العدوّ. وبين السطور، يشير الكاتب إلى تلاحم أعضاء الحركة ودورهم في حماية الفدائيّين.

في كتاب "فنزويلا: مذكّرات مستقبل ضائع" الصادر عن دار "كاتراتا" الإسبانية، يُشبّه الصحافي الفنزويلي رافائيل أوسيو كابريسيس بلاده بالحوت الذي جنح على الشاطئ محاطاً بالناس المذهولين. لا أحد يعرف كيف وصل الأمر إلى هناك، لكن الجميع يريد أن يشرح الأسباب. ماذا حدث لهذا البلد الذي بدا لفترة طويلة أنه يقدّم الكثير؟ يجيب الكاتب عن السؤال من ثلاث وجهات نظر: كصحافي شهد الأحداث الرئيسية وتمكّن من الوصول إلى أبطالها، ومهاجر يسمح له البعد برؤية وطنه بعيون مختلفة، وفرد من الجيل الأخير الذي جرّب الديمقراطية وآمن بوعودها للمستقبل.

نعيش عصراً سِمتُه الخطر والقلق. العالم مشحون بالعدوان والتوتّر، إذ أعاد الغزو الروسي ‏لأوكرانيا الحرب إلى أعتاب أوروبا. ‏تغيُّر المناخ يتسارع، والآثار الشديدة للاحترار العالمي ترسّخت واقعاً مفزعاً يصاحبه استمرار خطر الأسلحة النووية، الذي يفرض بدوره تهديداً للبيئة وبقاء النوع البشري ‏على حدٍّ سواء.‏ يعالج المفكّر الأميركي نعوم تشومسكي في كتابه "سلطة لا شرعية"، الصادر عن "دار نينوى" بترجمة بابل العيسى، هذه التحدّيات وغيرها، خصوصاً بعد أن ‏مزّقت النيوليبرالية النسيج المجتمعي وأفسحت المجال لصعود الشعبوية.‏

صدر، عن "الهيئة المصرية العامّة للكتاب"، كتاب "قضايا الوجود والمعرفة والأخلاق لدى فلاسفة الإسلام" للباحث المصري الصاوي الصاوي أحمد. يتناول الكتاب أطروحات نصير الدين الطوسي وابن سينا وفخر الدين الرازي والشهرستاني الذين شغلهم البحث في الوجود، واهتمّوا بمعظم العلوم التي تتعلّق بالوجود، من فلك ورياضيات ورصد وفلسفة ونفس ومنطق وأخلاق وغيرها، كما يضيء محاولة الطوسي التوفيق بين الفلسفة وعلم الكلام وكذلك مناقشاته ومحاوراته مع المتكلّمين والفلاسفة وكتاباته التي تُعدّ من أوائل النصوص في النقد الفلسفي في التاريخ العربي.

"جون لويس: حياة" عنوان كتاب صدر عن "منشورات سيمون وشوستر" لأستاذ التاريخ ديفيد غرينبيرغ. يتتبّع العمل سيرة السياسي الأميركي (1940 - 2020) الذي يُعدّ أحد أبرز رموز حركة الحقوق المدنية للسود، من خلال العودة إلى أرشيف مقابلاته، ومقابلة نحو مئتين وسبعين شخصية عايشته خلال فترات مختلفة من حياته، مع التركيز على محطّة أساسية تتمثّل في تعرّضه لضرب مبرّح من قبل جنود ولاية ألاباما عام 1965، وسُمّيت الحادثة بـ"الأحد الدامي"، ليبدأ بعد ذلك صعوده كناشط سياسي ثمّ نائباً في الكونغرس في الثمانينيات، وكاتباً أيضاً.

عن "دار نوفل"، صدر كتاب "موجز الرحلتين في اقتفاء أثر مولانا ذي الجناحين" للكاتب العراقي سردار عبد الله. وفيه يسرد تفاصيل رحلتَين له إلى الهند عام 2018، وتحديداً إلى مدينة جيهان آباد القديمة؛ حيث قضى الشيخ خالد النقشبندي عاماً في مطلع القرن التاسع عشر، قبل أن يعود إلى كردستان وبغداد والشام، يحمل طريقةً أحدثت تحوّلاً كبيراً في المنطقة خلال فترة شهدت سقوط ولاية بغداد والإمارات الكردية. يتساءل الكاتب: "لماذا يثور مَن تتلمذ على يد الشيخ النقشبندي، بدءاً بالشيخ النهري في كردستان وصولاً إلى الأمير عبد القادر في الجزائر، ضدّ المحتلّين؟".