رحيل محمد المكي إبراهيم.. قصائد ثورية باسم السودان
العربي الجديد -

ينتمي الشاعر السوداني محمد المكي إبراهيم (1939 - 2024) الذي رحل أمس الأحد في القاهرة، إلى جيل الستينيات في المشهد الشعري ببلاده، حيث ساهم في تأسيس جماعة "الغابة والصحراء" مع كلّ من محمد عبد الحي، والنور عثمان أبكر، وصلاح أحمد إبراهيم، وتركّزت قصائدهم على استنهاض هوية وطنية سودانية.

وُلد الراحل في مدينة الأُبيّض، غرب السودان، وفيها تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي، وتخرج من كلية القانون في "جامعة الخرطوم"، قبل أن يلتحق في العام 1966 بوزارة الخارجية السودانية دبلوماسياً تدرج فيها حتى درجة السفير، وفي مطلع تسعينيات القرن الماضي استقال من وظيفته، وذلك في عهد الرئيس المعزول عمر البشير، واختار الهجرة إلى الولايات المتحدة، وفيها تواصلت كتاباته الشعرية والأدبية ومقالاته الصحافية.

بدأ إبراهيم نشر نصوصه الأولى في الصحف والمجلات السودانية والعربية، وبرز أثناء ثورة تشرين الأول/ أكتوبر عام 1964 التي أطاحت بالرئيس الأسبق إبراهيم عبود، حين كتب قصائده "الأكتوبرية" التي أدّاها الفنان السوداني محمد الأمين، وفي قطع منها يقول "باسمك الأخضر يا أكتوبر الأرض تغنّي/ والحقول اشتعلت قمحاً ووعداً وتمنّي/ والكنوز انفجرت في باطن الأرض تُنادي../ باسمك الشعب انتصر/ حائط السجن انكسر/ والقيود انسدلت جدلة عرس في الأيادي".

ساهم في تأسيس تيار 'الغابة والصحراء' الذي ركّز على الهوية الوطنية خلال السيتينيات

وفي قصيدة أُخرى بعنوان "مَن غيرُنا"، يدوّن الشاعر: "مَن غيرُنا يُعطي لهذا الشعب معنىً أن يعيش وينتصرْ/ مَن غيرُنا ليقرّر التاريخ والقيم الجديدةَ والسِّيرْ/ مَن غيرُنا لصياغة الدنيا وتركيب الحياةِ القادمةْ/ جيلُ العطاءِ المستجيش ضراوة ومصادمةْ/ المستميتِ على المبادئ مؤمناً/ المشرئبّ إلى السماء لينتقي صدر السماءِ لشعبنا../ جيلي أنا".

جمع المكّي إبراهيم قصائده في أربع محموعات، هي: "أُمّتي" (1968)، و"بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت" (1972)، و"يختبئ البستان في الوردة" (1984)، و"في خباء العامرية" (1988)، كما أصدر كتابين اشتملا على مجموعة من مقالاته بعنواني "ظلال وأفيال" و"في ذكرى الغابة والصحراء".

في حديثه إلى "العربي الجديد"، يقول الشاعر حاتم الكناني إن محمد المكّي إبراهيم، واحد من ثلاثة شعراء مع النور عثمان أبكر ومحمد عبد الحي، أسّسوا لتيار الغابة والصحراء وهو تيار شعري، لكنه يحمل وراءه خلفية فكرية فيما يتعلّق بسؤال الهوية السودانية، بالرغم من أنّ السؤال قديم عند الأدباء والكتّاب والمثقّفين، غير أنّ الشعراء الثلاثة حاولوا تجديد السؤال بمدرستهم تلك".

وأوضح أنّ "الراحل يتميّز عن جيله بالسلاسة المُفرطة والجزالة في شعره والاعتناء بالتكنيكات الشعرية المتقدّمة جداً"، مضيفاً "القصيدة لدى الشاعر محمد المكّي شاملة للحُسنيين: تحتفي بالبساطة العميقة، وعلى السطح تبدو مرآة الواقع عاكسة وجه الشعر والشاعر والحياة".
 



إقرأ المزيد