بالكاد نلحق أن نفتح أكورديون
العربي الجديد -

بافلوس د. بيزاروس

الذاكرة 


ترحل الحياة رويداً رويداً بلا أيّما رحمة 
مثل قِرِلّى تطير بسرعة 
وتعشّش على شواطئ البحار، 
ومعها الكلمات النهّابة، 
سهم أزرق فوق المياه.

إذ ترحل الأحلام كما تأتي، 
بلا أن تُمسَك، 
بالكاد نلحق 
أن نفتح أكورديون 
الذاكرة المتبقيّة 
لنغنّي، 
لنحكي، لنكتب 
بقايا الوقت المتسكّع 
في داخلنا.  


■ ■ ■


المفاجئ      


ظلاماً كثيفاً تنشر أحشاؤنا. 
الموت يأتي دوماً في الليل،
مع قلق الغسق 
المخطوط على الخدود الغائرة
خدود من يرحلون وأولئك الذين ينتظرون 
المفاجئ. 


■ ■ ■


من هنا وهناك 


في أيّ مرحلة من زمن مجرّتنا 
حُفِظَت السنوات التي بدّدناها 
بلا حسبان، حول طاولات 
المؤتمرات، والأفكار 
المجعّدة تتطاير 
داخل سلّات مهملات وخارجها، 
تاركة آثارها القتاليّة 
على جدران صفراء وأعلامٍ
مطويّة أعلامِ مظاهرات، أين راحت 
الأيّام التي عذّبت فكرنا، 
الساعات، اللحظات التي خسرناها
أين راحت؟ 

ما عساها قد صارت، 
أين وكيف رُتِّبَت،
أيّ أشكال يا ترى اتّخَذَت 
حواسّنا المبعثرة 
وخصوصاً تلك التي يُسمّونها دُنيا، 
الروائح والنكهات والآثار على الأصابع، 
ما عساها قد صارت اندفاعاتها،
أهواؤها الجامحة. 
ما الذي يبقى كي تفعله 
آذاننا المخضرمة، 
كي تلتقط أصوات السيرانات، 
أقلَّهُ الهديرَ الأزليّ
داخل إحدى صدفات البحر. 

يا نظرتِي المتسلِّطة تنحطّين 
مربِكة حواسّي الأخرى. 
(أيّها الفكرة المظلمة، أين تقودين عقلنا).

يا نظرتِي المتسلِّطة اسهري 
لتكوني آخر من يرحل 
قبطاناً أميناً على الواجب 
قبل أن يترك السفينة بكثير 
قد أمر أن تُلقى الحثالات.
اسهري. لئلّا يجدونا خاسرين. 
من هنا وهناك. 
لأجل هذه والأخرى كذلك.  


■ ■ ■


لعنة آدم 


كي تقدر أن تفكّر عليك أن تتصرّف. 
لا أذكر من قاله أولاً. 
إنّما لعنة آدم ترافقنا
في عملنا، 
وفي هواجسنا الصغيرة. 
جهد وعرق
جهد وعرق 
لبقيّة حياتنا بأكملها. 

فكيف عسانا نجد ثانية وَرَعَ  
الشهوات والرغبات، 
كلّ الأشياء تُقدَّم 
ببدل دقيق طبعاً. 

بقايا الشوق المظلمة 
تسكن في الأحلام كالأشباح. 
ورؤانا تتكسّر، 
تطحنها يوميّاً صور لا صوت لها
تتبدل كأوراق دفتر 
أمام شاشات العرض المتتالي. 


* ترجمة عن اليونانية: روني بو سابا



بطاقة 

Pavlos D. Pezaros شاعر يوناني من مواليد عام 1949 في بيرايوس التي عاش فيها حتى عام 1978 قبل أن ينتقل إلى العاصمة أثينا حيث يعيش اليوم. من مجموعاته الشعرية: "رائحة اليود" (1982)، "طعم الملوحة" (1986)، "تأكسد اللمس التدريجي" (1990)، "وقاع البحر" (2016). إلى جانب ذلك هو خبير في اقتصاد بلده الزراعي، حيث تولى مناصب مختلفة في هذا المجال، وله مؤلفات في حقل اختصاصه العِلمي.
 



إقرأ المزيد