"النجم الجديد" وصف دمّر عدداً من المواهب.. فهل يصمد يامال؟
العربي الجديد -

يامين يامال في مباراة خيتافي في 18 يناير 2024 إسبانيا (ألبرتو جاردين/Getty)

تشهد الملاعب الإسبانية تألق نجم برشلونة الجديد الشاب لامين يامال (17 عاماً)، الذي أصبح النجم الأول في فريقه، والرقم الصعب والمؤثر في كل مباريات "البلاوغرانا". هذا التألق اللافت دفع إدارة الفريق إلى منحه القميص رقم 10، مثلما ذكر موقع فوت ميركاتو الفرنسي، الخميس الماضي، مما يُحمّله إرث ميسي الثقيل، وهو ما دفع الجماهير إلى تسميته "ميسي الجديد". 

وسبق أن حصل عدد من اللاعبين على وصف "النجم الجديد"، تيمناً بنجم الفريق أو المنتخب الذي يحملون ألوانه، ولكن هذا الوصف خلق لهؤلاء المواهب الصاعدة مشاكل عديدة، ووضعهم تحت ضغط رهيب، الأمر الذي جعلهم في النهاية يبتعدون تماماً عن الأضواء. 

 زيدان الجديد.. لكل لاعب من أصول عربية 

عاش معظم اللاعبين من أصول عربية، أو الذين يلعبون في مركز أسطورة فرنسا وريال مدريد زين الدين زيدان هاجساً وكابوساً، يُعرف بـ "زيدان الجديد". من بين هؤلاء اللاعبين كمال مريم وسمير نصري وحاتم بن عرفة. وعلى الرغم من امتلاكهم كل مقومات النجاح مع المنتخب الفرنسي، فإن مستوياتهم لم ترقَ أبداً إلى تطلعات الجماهير، التي ظلت تحلم بمن يخلف النجم رقم واحد والأسطورة الخالدة لدى الفرنسيين. 

مارادونا الجديد.. لكل أرجنتيني قصير مهاري 

شهدت كرة القدم الأرجنتينية فترة تراجع كبيرة، منذ اعتزال نجمها الأول دييغو أرماندو مارادونا، الذي قادها إلى المجد، وعلى الرغم من وجود العديد من المواهب الكبيرة خلال تلك المرحلة، فإن الضغط الكبير، الذي عاشه كل لاعب موهوب، كان عائقاً أمام نجاحهم، فقد كانت المهارة وقصر القامة كافيين لإطلاق لقب "مارادونا الجديد" على أي لاعب يظهر على الساحة، كما حدث مع بابلو أيمار وأرييل أورتيغا، ومع ذلك، لم يتمكن كلا اللاعبين من خلافة نجم الأرجنتين الأول، ولم ينجحا في إعادة منتخب "الألبيسيليستي" إلى قمة المجد الكروي والفوز بكأس العالم. ورغم المحاولات المتعددة لملء الفراغ، الذي تركه مارادونا، ظل هذا الإرث الثقيل عبئاً على كل موهبة أرجنتينية صاعدة، مما جعل تكرار الإنجاز التاريخي لمارادونا أمراً مستعصياً، إلى أن جاء ليونيل ميسي ليكسر هذه القاعدة لاحقاً. 

ميسي الجديد.. لكل مهاري خريج "لاماسيا" 

لا يقتصر لقب "ميسي الجديد" على لامين يامال فقط، بل هو شبح لاحق العديد من المواهب الكبيرة، وقضى على مسيرتهم، ومن بين هؤلاء اللاعبين المكسيكي جيوفاني دوس سانتوس، والمغربي منير الحدادي، والإسبانيان: بويان كركيتش وأنسو فاتي، والعامل المشترك بينهم وبين ميسي، أنهم  شغلوا جميعاً مراكز هجومية فوق المستطيل الأخضر، ولكونهم خريجي أكاديمية نادي برشلونة "لاماسيا"، مما جعل المقارنة مع ليونيل ميسي أمراً حتمياً، وساهم في تعطيل مشوارهم الاحترافي بشكل كبير، إذ وجدوا أنفسهم في مواجهة توقعات جماهيرية هائلة، تتطلب منهم الوصول إلى مستوى أحد أعظم اللاعبين في تاريخ كرة القدم. 

طيف بيليه خلف الرقم 10 في البرازيل 

يُعتبر الرقم "10" في منتخب البرازيل إرثاً كروياً كبيراً، يُثقل كاهل كل اللاعبين الذين حملوه، بدءاً من آرثر أنتونز كويمبرا الملقب بـ" زيكو"، وصولاً إلى فينيسيوس جونيور، مروراً بأسماء كبيرة مثل ريكاردو كاكا، ورونالدينيو، ونيمار دا سيلفا، وتمكن ريفالدو وحده من تكرار إنجازات بيليه، حيث كان صاحب القميص رقم 10 في منتخب البرازيل المتوج بكأس العالم عام 2002، ويحلم معظم اللاعبين البرازيليين الموهوبين بأمرين: الاحتراف في أوروبا لجني الأموال، وحمل الرقم 10 وصناعة المجد مع منتخب بلادهم، في محاولة لتكرار ما قام به أسطورتهم بيليه، الذي يظل رمزاً خالداً في ذاكرة كرة القدم. 

وسط ميدان أسمر عقدة ريال مدريد مع ماكيليلي 

عاشت جماهير نادي ريال مدريد الإسباني كابوساً حقيقياً في مرحلة "الغلاكتيكوس" مطلع الألفية، مع الرئيس فلورنتينو بيريز، ورغم نجاح الفريق في جلب العديد من النجوم، مثل الفرنسي زين الدين زيدان والبرتغالي لويس فيغو والإنكليزيين ديفيد بيكهام ومايكل أوين، فإن تفريط الإدارة وقتها في جوهرة خط الوسط الدفاعي، الفرنسي كلود ماكيليلي، أثر كثيراً على مستوى الفريق، خاصة من الناحية الدفاعية، وساهم في إعاقة الفريق عن تحقيق الألقاب، رغم امتلاكه ترسانة من النجوم، وخلق هذا القرار عقدة للنادي، الذي أصبح مرتبطاً بعدد كبير من اللاعبين أصحاب البشرة السمراء في خط الوسط الدفاعي، مثل: الفرنسي لاسانا ديارا والمالي مامادو ديارا والغاني مايكل إيسيان، حتى أن العديد من الجماهير طالبت بالتعاقد مع الفرنسي نغولو كانتي، لاعتقادها بأنه يمتلك مواصفات ماكيليلي نفسها. ولكن لم ينجح أي من هؤلاء اللاعبين في الوصول إلى مستوى ماكيليلي، وكان مرورهم مع ريال مدريد متواضعاً جداً، وفشلوا في كتابة التاريخ مع النادي الملكي، أو ترك بصمة تخلد أسماءهم في ذاكرة جماهير "الميرينغي". 

المقارنات ظالمة وضغط سلبي على المواهب 

في النهاية، من الصعب على أي لاعب، مهما كانت موهبته، أن يكرر إرثاً استثنائياً صنعه نجم في تاريخ نادٍ أو منتخب بلد، فبعض النجوم يُعتبرون خالدين في ذاكرة محبيهم، مثل بيليه ومارادونا وزيدان وميسي أو كريستيانو رونالدو، ومع ذلك يبقى تحقيق الألقاب أمراً ممكناً لأي لاعب موهوب، ولكن أن يُطلب منه أن يكون "خليفة" لهؤلاء الأساطير فقط بسبب بعض أوجه التشابه في الأسلوب أو الظروف، هو إجحاف في حق المواهب الشابة، وضغط سلبي يمكن أن يدمر مشوارهم. والتاريخ مليء بالأمثلة على مواهب واعدة لم تستطع تحمل عبء المقارنات، مما أثر على أدائها ومستقبلها، إذ تختلف مسيرات اللاعبين، حتى وإن تشابهت الظروف، فلكل نجم بصمته الخاصة، التي يصعب تكرارها، وهو المطلوب من لامين يامال، أن يكون يامال الجديد وفقط. 



إقرأ المزيد