تحذيرات من منظمات حقوقية قبل تعيين حاكم مصرف لبنان
العربي الجديد -

أصدرت مجموعة من المنظمات المدنية والحقوقية والتي تعمل على "تعزيز المصلحة العامة في لبنان" اليوم الأربعاء، بياناً مشتركاً حول تعيين حاكم جديد للبنك المركزي وذلك عشية انعقاد مجلس الوزراء غداً الخميس للبتّ باستحقاقٍ يعدّ بمثابة أكبر التحديات أمام العهد الجديد. ومع اقتراب موعد الجلسة، بدأت الأخبار تنهال حول هوية الحاكم الجديد لمصرف لبنان، في ظلّ ارتفاع أسهم كريم سعيد، وتقدّم حظوظه على باقي المرشحين، خصوصاً الاسمين الآخرين اللذين اقترحهما أيضاً وزير المال ياسين جابر، أمس الثلاثاء، وهما جميل باز وإدي الجميّل، وقد سقطا فجأة على الطاولة رغم عدم إثارتهما في الفترة الماضية، وذلك بعد استبعاد شخصيات عدة، أبرزها وزير المال السابق جهاد أزعور والمصرفي سمير عساف.

وقالت مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد": "هناك ثلاثة مرشحّين جدّيين لتولي منصب الحاكم، تبلّغت بهم الرئاسة الأولى، لكن الأوفر حظاً هو كريم سعيد، إلا إذا حصل ما هو غير متوقّع"، وذلك في وقتٍ تعوّل جهات معترضة على تعيين سعيد على مفاجآت الساعات الأخيرة، خصوصاً أنّ انتقادات عدة برزت اليوم حول نظرة سعيد بشأن الودائع، مع تنبيهات من تداعيات توليه الحاكمية.

مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد": "هناك ثلاثة مرشحّين جدّيين لتولي منصب الحاكم، تبلّغت بهم الرئاسة الأولى، لكن الأوفر حظاً هو كريم سعيد

وانقسمت الساحة اللبنانية بين مؤيد لتولي كريم سعيد منصب الحاكمية، الاسم الذي يتمسّك به الرئيس جوزاف عون بالدرجة الأولى، رغم تحفّظ رئيس الوزراء نواف سلام عليه وميله أكثر صوب أزعور، وبين معترض على تعيينه، باعتباره مقرّبا جداً إلى المصارف وأركان من الطبقة السياسية، ويشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة "غروث غايت كابيتال" العاملة في الإمارات، التي كانت موّلت وضع خطة هارفارد، للتعافي وحلّ الأزمة الاقتصادية في لبنان، ودعت عام 2023 إلى تحويل كافة الودائع إلى سندات دين على الدولة، كما اقترحت نظاماً نقدياً يقوم على الدولرة الكاملة، عدا عن أنّ هذه الشركة تضم في مجلس إدارتها ماهر نجيب ميقاتي.

وقالت مجموعة من المنظمات المدنية والحقوقية في بيانها اليوم الأربعاء، إنه "في خلال الأسابيع الأخيرة، تأرجح اللبنانيون بين أمل حذر بقيادتهم الجديدة، وواقع قاسٍ فرضته الحرب والانهيار الاقتصادي المستمرّ. وفيما قطع رئيس الجمهورية جوزاف عون وعوداً ببسط السيادة، تعهّد رئيس الوزراء نواف سلام باستعادة هيبة الدولة والتزمت حكومته بخدمة الشعب. أمّا، الآن، فيقف الجميع أمام مفترق طرق مصيري، تتمثّل أولى اختباراته الواضحة والملحّة في تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان المركزي".

وحثت المجموعة "مجلس الوزراء على تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان المركزي يتمتّع بالكفاءة والنزاهة. فقد أدّى التشابك العميق والراسخ بين مصرف لبنان والمصالح السياسية والخاصة، على مدى سنوات، إلى تفشي الفساد المالي، والإثراء غير المشروع، وسوء الإدارة الجسيم، وأسفر في نهاية المطاف عن انهيار اقتصادي كارثي، عمّق فجوة اللامساواة، وأدّى إلى إفقار المجتمع بسواده الأعظم"، مشددة على أنّ الموقعين على البيان لا يدعمون أي مرشح لمنصب حاكم مصرف لبنان.

وأضافت: "سوف يشكّل هذا التعيين اختباراً حقيقياً لمدى التزام الحكومة الجديدة بالإصلاح الجادّ. فهل تكرّس مبادئ الجدارة والاستقلالية والنزاهة وتتمسّك بها، أم سوف تنجرّ إلى دوّامة الممارسات السابقة التي عرقلت تطوّر البلاد، وقامت على المحاصصة السياسية والمحسوبيات والابتزاز؟ لن يكون نهج الحاكم الجديد حاسماً في تحقيق التعافي المالي وضمان مستقبل البلاد فحسب، بل سوف يمتدّ أيضاً إلى استعادة ثقة المجتمع الدولي".

حثت المجموعة مجلس الوزراء على تعيين حاكم جديد للمصرف يتمتّع بالكفاءة والنزاهة. فقد أدّى التشابك العميق والراسخ بين البنك والمصالح السياسية والخاصة، إلى تفشي الفساد المالي، والإثراء غير المشروع

وشددت المجموعة على أن "هذا التعيين يحمل أهمّية إستراتيجية قصوى. إذ سوف يكون للحاكم المقبل دور محوري في رسم أجندة الإصلاحات العاجلة في لبنان، وسوف يكون الطرف الأساسي في التعامل مع صندوق النقد الدولي، كما سوف يشارك مباشرة في مفاوضات إعادة هيكلة الدَّيْن العام جنباً إلى جنب مع وزارة المالية. ويجب أنّ تهدف هذه المناقشات الحاسمة إلى تحقيق الاستقرار المالي في لبنان ومعالجة التشوّهات في ميزانية مصرف لبنان وإصلاح الخلل العميق الذي يعتريها".

وأكدت أنه "يجب تقييم المرشّحين بناءً على مؤهِّلاتهم، ولكن أيضاً وفقاً للمبادئ التي سوف يعتمدونها لوضع خريطة طريق إستراتيجية في مواجهة التحدّيات المقبلة. ومن خلال قرارات مصرف لبنان، يتعيّن على الحاكم المقبل أنّ يستعيد ثقة اللبنانيين والشركاء الدوليين في نزاهة النظام المالي اللبناني".

وتشمل الأولويات الأساسية، "استعادة مصداقية مصرف لبنان وسلطته من خلال الحوكمة السليمة، إجراء تدقيقات مالية وجنائية شاملة، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المالية، إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وتوزيع الخسائر بما يحترم مبدأ تراتبية المسؤوليات والحقوق وحماية الأصول العامة، العمل على إعادة بناء قطاع مصرفي يدعم الاستثمار والنمو الاقتصادي، إدارة عملية إخراج لبنان من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي، ومكافحة الاقتصاد غير الشرعي بما في ذلك الأنشطة التي تديرها جهات غير حكومية".

وأكدت أنه "في المرحلة المقبلة، من الضروري التخلّي عن الفكرة القائلة بأنّ القرارات الاقتصادية والمالية في لبنان هي من اختصاص مصرف لبنان حصراً". واعتبرت المنظمات الموقعة على البيان أنها "لحظة محورية في تاريخ لبنان. لا يقتصر تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي على مسار التعافي الاقتصادي فحسب، بل هو اختبار حقيقي لإرادة القيادة الجديدة في كسر حلقة الماضي".

وضمّت المجموعات، معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت، منظمة كلنا إرادة، مبادرة سياسات الغد، المفكرة القانونية، معهد العدالة الاجتماعية وتسوية النزاعات في الجامعة اللبنانية الأميركية، الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين، المركز اللبناني للدراسات، مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، مبادرة الإصلاح العربي.



إقرأ المزيد