هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات القادمة من دول الاتحاد الأوروبي السبع وعشرين، متهماً هذا التكتل الاقتصادي والسياسي بأنه قد تأسس "للتلاعب" بالولايات المتحدة.

وخلال أول اجتماع لمجلس الوزراء في ولايته الثانية، أمس الأربعاء، أعلن ترامب أنّ الرسوم الجمركية ضد كندا والمكسيك ستدخل حيّز التنفيذ في 2 إبريل/ نيسان، قبل أن يتراجع اليوم الخميس ويقرر تطبيقها في 4 مارس/ آذار المقبل، مشيراً إلى أن إجراءاته التجارية ستشمل أيضاً فرض رسوم بنسبة 25% على البضائع القادمة من الاتحاد الأوروبي. وقال للصحافيين: "سنعلن عنها قريباً جداً. ستكون الرسوم بنسبة 25% بشكل عام، وستشمل السيارات وكل المنتجات الأخرى".

وأضاف: "لقد استغلونا بالفعل... إنهم لا يقبلون سياراتنا، ولا يقبلون منتجاتنا الزراعية بشكل أساسي. لديهم جميع أنواع الأعذار لرفضها. بينما نحن نقبل كل شيء منهم". وجعل الرئيس الأميركي إعادة التوازن للعلاقات التجارية هدفاً رئيسياً له، كونه يرى أنّ الولايات المتحدة تعاني من عجز تجاري مستمر، حيث تستورد أكثر مما تصدر.

وادعى ترامب، دون تقديم أدلة، أنّ الاتحاد الأوروبي قد تم تشكيله أساساً لإضعاف الولايات المتحدة. وقال: "أنا أحب دول أوروبا. أعتقد أنني أنحدر من هناك بطريقة ما منذ زمن بعيد، أليس كذلك؟... لكن الاتحاد الأوروبي تم إنشاؤه لإلحاق الضرر بالولايات المتحدة، هذا هو هدفه، وقد نجح في ذلك بشكل جيد. لكن الآن، أنا الرئيس". وتأسس الاتحاد الأوروبي بعد دخول معاهدة ماستريخت حيز التنفيذ في عام 1993، استناداً إلى رغبة في تحقيق الوحدة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، وكان من بين أهدافه الرئيسية إنشاء سوق داخلية موحدة وتحقيق تنمية مستدامة.

وتشير بيانات المفوضية الأوروبية إلى أنّ الاتحاد الأوروبي حقق فائضاً تجارياً قدره 155.8 مليار يورو (159.6 مليار دولار) مع الولايات المتحدة في مجال السلع خلال عام 2023، لكنه سجّل عجزاً قدره 104 مليارات يورو في قطاع الخدمات. وتعد الآلات والمركبات أكبر الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة، تليها المنتجات الكيميائية، والسلع المصنعة الأخرى، والأدوية.

ومن المتوقع أن يؤدي فرض الرسوم الجمركية على واردات الاتحاد الأوروبي إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، حيث يحذر الاقتصاديون بالفعل من التأثير التضخمي المحتمل لهذه الإجراءات. وأدى تهديد ترامب بفرض الرسوم الجمركية إلى اضطراب أسواق الأسهم الأوروبية، حيث تراجع المؤشر الرئيس في القارة العجوز ستوكس 600 بنحو نصف نقطة مئوية، وسط قلق واسع من تداعيات التصعيد التجاري.

وردّت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، اليوم الخميس، على تصريحات ترامب بالتعهد "بالرد بحزم وفوراً على أي عوائق غير مبررة أمام التجارة الحرة والعادلة، بما في ذلك عندما يتم استخدام الرسوم الجمركية وسيلة لمهاجمة سياسات قانونية وغير تمييزية". وفي ما يتعلق بادعاءات ترامب حول نشأة الاتحاد الأوروبي، أشارت المفوضية إلى أنّ الاتحاد قد حقق فوائد كبيرة للولايات المتحدة.

وجاء في بيان للمفوضية أنّ "الاتحاد الأوروبي هو أكبر سوق حرة في العالم، وقد كان مصدر فائدة كبيرة للولايات المتحدة. من خلال إنشاء سوق واحدة كبيرة ومتكاملة، سهّل الاتحاد التجارة، وخفض التكاليف على المصدرين الأميركيين، ووحّد المعايير واللوائح عبر 27 دولة. ونتيجة لذلك، تحقق الاستثمارات الأميركية في أوروبا أرباحاً كبيرة". ودعا الاتحاد الأوروبي الولايات المتحدة إلى التعاون معه "للحفاظ على هذه الفرص لشعوبنا وشركاتنا، وليس لأن نعمل بعضنا ضد البعض الآخر".

بدوره، أكد وزير المال الفرنسي إريك لومبار، لوكالة فرانس برس، اليوم الخميس، أنّ الاتحاد الأوروبي "سيقوم بالمثل" إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 25% على منتجاتها بعدما هدد ترامب بذلك "قريباً".

وقال لومبار على هامش اجتماع وزراء مال مجموعة العشرين في كيب تاون: "من الواضح أنّه إذا مضى الأميركيون قدما في زيادة الرسوم الجمركية، كما أعلن الرئيس ترامب، فإنّ الاتحاد الأوروبي سيفعل الأمر نفسه". وأضاف: "حتى لو لم يكن ذلك من أجل المصلحة العامّة، يجب علينا أيضاً أن نحمي مصالحنا ومصالح دول الاتحاد".

يذكر أن تهديدات فرض الرسوم الجمركية ليست جديدة، حيث سبق لترامب أن هدد بفرضها على الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، لكنه أشار سابقاً إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق مع بريطانيا، التي تتمتع بعلاقة تجارية "أكثر توازناً" مع بلاده.