العربي الجديد - 2/11/2025 1:24:43 PM - GMT (+3 )

مشروع نيوم يكشف الأطماع الإسرائيلية، 22 نوفمبر 2024 (Getty)
يحلم الإسرائيليون، بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للولايات المتحدة وبحثه مع الرئيس الأميركي جو بايدن تسريع التطبيع بين تل أبيب والرياض، بأن يَفتح لهم هذا التطبيع باب ثراء واسع من خلال التعاون مع المملكة في مشروعها الضخم "نيوم".
وتوقع الباحث الإسرائيلي نيتسان كوهين، في تقرير نشرته صحيفة إسرائيل اليوم في الرابع من فبراير/شباط 2025، أن تجني تل أبيب في مدينة نيوم وحدها، على الأقل 10–20% من المشروع الذي تُقدَّر أرباحه بـ 500 مليار دولار، أي ما يعادل 100 مليار دولار. وحاول كوهين إغراء السعودية بالقول إنّ إسرائيل يمكن أن توفر لها ما تحتاجه في مجالات الأمن السيبراني والطاقات المتجددة والدفاع عن الجبهة الداخلية، مقابل مكاسب بمليارات الدولارات لإسرائيل، زاعماً أنّه لا يوجد في المنطقة من هو أقوى من إسرائيل لدعم السعودية.
ويعد مشروع نيوم واحداً من أكبر المشاريع المستقبلية في السعودية، ويهدف إلى تطوير منطقة اقتصادية ومالية متقدمة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، وتبلغ مساحته 10,230 ميلاً مربعاً، ويمتد في المنطقة الحدودية بين المملكة العربية السعودية والأردن ومصر. وفي مايو/أيار الماضي، أكدت صحيفة بيزنس إنسايدر الاقتصادية الأميركية أن "السعودية تحتاج إلى إحلال السلام في الشرق الأوسط لضمان نجاح مشروعها الضخم في نيوم، الذي تقدر تكلفته بـ 500 مليار دولار"، مشيرة إلى أن خطط نيوم ورؤية 2030 السعودية تأثرت سلباً بسبب حرب غزة.
وفي أغسطس/آب الماضي، ذكرت وكالة بلومبيرغ للأنباء أن شخصيات سعودية بارزة أشارت إلى ارتفاع تكلفة نيوم إلى 1.5 تريليون دولار. وبدأت تظهر تقارير إخبارية إسرائيلية مكثفة حول التعاون الاقتصادي المحتمل بين السعودية وإسرائيل، مع تلميحات إلى احتمال مشاركة إسرائيل في مشروع نيوم، ووجود خطط جاهزة لذلك. وسبق أن ناقش رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خططاً لتطوير منطقة تجارة حرة كبيرة مرتبطة بمشروع نيوم بحلول عام 2035.
ويقول الباحث الإسرائيلي نيتسان كوهين إن شركات إسرائيلية بدأت تستعد لمثل هذا التطبيع، ومن بينها شركة تيفن للاستشارات، التي تديرها نيلي بتسور فرانس، وأشار إلى أن عدداً من زبائن الشركة بدأوا أيضاً في التحضير لانطلاق التعاون الاقتصادي بعد التطبيع، سواء أكان تعاوناً كاملاً أم جزئياً. وأضاف كوهين أن الناتج القومي السعودي يتجاوز تريليون دولار ويعتمد بشكل أساسي على النفط، لكن وفقاً لرؤية 2030، تسعى المملكة إلى تنويع اقتصادها بالاعتماد على السياحة والتكنولوجيا المتقدّمة في قطاع المواصلات، فضلاً عن تطوير أنظمة لحماية الجبهة الداخلية والأمن، وأكّد أن إسرائيل تمتلك التكنولوجيا المطلوبة في هذه المجالات، كما أنها من الدول الرائدة عالمياً في الطاقات المتجددة والزراعة المتطورة، وهما عنصران أساسيان في مشروع نيوم.
وقال كوهين: "استثمرت السعودية أموالاً طائلة في هذا المشروع، ما يخلق فرصاً لصفقات ضخمة بمليارات الدولارات، ونحن نمتلك قوة كبيرة هناك". وفي سياق متصل، زعم مسؤولون إسرائيليون في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 أن وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو في نيوم، التي تمثل رمزاً لإعادة تشكيل اقتصاد المملكة، وهو ما نفته الرياض حينها.
وفي مايو/أيار 2024، كشفت صحيفة The Architect's Newspaper أن نتنياهو أعلن عن خطة إقليمية لبناء "منطقة تجارة حرة ضخمة" تخدمها شبكة سكك حديدية تمتد حتى نيوم في السعودية. وفي الثالث من مايو/أيار الماضي، كشف نتنياهو عمّا أسماه "خطة غزة 2035"، وهي خطة ثلاثية المراحل تهدف إلى إنشاء "منطقة تجارة حرة" تشمل غزة والعريش وسديروت، وأورد موقع جيروزاليم بوست هذه الخطة لأول مرة.
ووفقاً لتقرير الصحيفة، تمتد هذه المنطقة التجارية على مساحة 141 ميلاً مربعاً، وتشمل قطاع غزة وميناء العريش في سيناء ومدينة سديروت الإسرائيلية الواقعة شمال غزة. وذكرت الصحيفة أن الخطة، التي أطلق عليها نتنياهو اسم "رؤية سنغافورة"، تشمل تطوير ناطحات سحاب مستقبلية، وحقول طاقة شمسية، ومحطات تحلية مياه في شبه جزيرة سيناء، إضافة إلى إنشاء خط سكة حديد سريع يمتد على طول طريق صلاح الدين، وهو الطريق السريع الرئيسي الذي يربط مدينة غزة برفح، كما تتضمن الخطة إنشاء منصات نفطية بحرية قبالة سواحل غزة تمتد وصولاً إلى نيوم السعودية.
ويتماشى اقتراح خط السكة الحديدية الجديد بين غزة ونيوم مع رؤية 2030 السعودية، التي تهدف جزئياً إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل عبر بناء المدينة المستقبلية نيوم، رغم تقليص طول المشروع من 170 كيلومتراً إلى 2.5 كيلومتر فقط. وفي سبتمبر/أيلول الماضي، ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن قرب مشروع نيوم من إيلات يعزّز احتمال مشاركة إسرائيل فيه مستقبلاً، ويشير محللون اقتصاديون إلى أن أحد الأهداف الرئيسية لخطة "غزة 2035"، التي تشمل تعاوناً بين إسرائيل والسعودية ومصر، هو استغلال احتياطات النفط في غزة، ففي عام 2019، قدرت الأمم المتحدة أن أكثر من 3.2 مليارات برميل من النفط تقع في منطقة ميناء غزة والضفة الغربية، بقيمة تصل إلى مليارات الدولارات.
ووفقاً للأمم المتحدة، قد يحتوي حوض البحر الأبيض المتوسط على 1.7 مليار برميل من النفط، بينما تقدر احتياطات الضفة الغربية بنحو 1.5 مليار برميل. ودفعت هذه التقديرات الصحفيةَ البيئية يسينيا فونيس إلى القول في مجلة أتموس إن "العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة مدفوعة جزئياً بالمصالح النفطية، وإن الإبادة الجماعية التي تُرتكب هناك تتعلق أيضاً بالموارد الطبيعية".
وفي ديسمبر/كانون الأول 2024، أطلقت مجموعة العقارات الإسرائيلية هاري زهاف إعلانات ترويجية لبيع منازل على شاطئ البحر في غزة، مما أثار جدلاً واسعاً. وجاء ذلك في وقت تزايدت فيه التصريحات الأميركية التي تشير إلى إمكانية تطوير الواجهة البحرية لغزة في المستقبل، وسبق أن صرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال لقائه بنيامين نتنياهو في واشنطن في الرابع من فبراير/شباط الجاري بأن "الواجهة البحرية لغزة يمكن أن تكون ذات قيمة استثمارية كبيرة بمجرد أن تقوم إسرائيل بتنظيفها"، في إشارة واضحة إلى مخططات الاحتلال الإسرائيلي تجاه القطاع.
إقرأ المزيد