العربي الجديد - 2/11/2025 1:59:33 AM - GMT (+3 )

سوق خضروات في العاصمة مسقط (محمد محجوب/فرانس برس)
سلّط تصدّر سلطنة عُمان لدول مجلس التعاون الخليجي كأرخص دولة في مؤشر تكلفة المعيشة لعام 2025 الضوء على العوامل الذي ساهمت في التصدّر، والفوائد التي تعود على اقتصاد السلطنة منه، خاصة ما يتعلق بتكاليف السكن والنقل والمواد الغذائية.
و"مؤشر تكلفة المعيشة" هو تقرير سنوي يقارن تكاليف المعيشة عالمياً مع مدينة نيويورك، التي حُدّدت نقطةً مرجعية برصيد 100، واحتلت فيه الكويت المرتبة الثانية خليجياً، تليها السعودية وقطر والبحرين، بينما احتلت الإمارات المرتبة الأولى بوصفها أغلى دولة خليجية في المؤشر.
وتعد أسعار الإيجارات السكنية والتجارية في سلطنة عُمان من بين الأكثر اعتدالاً في المنطقة، إذ يبلغ متوسط إيجار شقة بغرفة نوم واحدة في المدن الرئيسية مثل مسقط حوالي 476 دولاراً شهرياً، مقارنة بأسعار أعلى بكثير في دول مثل الإمارات أو قطر، كما تنخفض التكاليف خارج المراكز الحضرية إلى 336 دولاراً شهرياً، وفقاً لما أورده تقرير نشرته منصة Connsect للتحليلات الاقتصادية.
وفي الإطار ذاته تندرج تكلفة النقل، إذ تبلغ تكلفة تذكرة النقل العام الشهرية 22.5 ريالاً عُمانياً، بينما تصل فاتورة الكهرباء والمياه لشقة متوسطة إلى 37.86 ريالاً شهرياً.
كما تتميز عُمان بأسواق محلية توفر مواد غذائية بأسعار منخفضة، مثل الأرز (0.73 ريال عُماني/كغم) والدجاج (2.13 ريال/كغم)، وفقاً لبيانات منصة Numbeo.
يؤكد الخبير الاقتصادي، محمد الناير، لـ "العربي الجديد"، أن الوضع الاقتصادي في سلطنة عمان يشهد استقراراً كبيراً على مستوى جميع المؤسسات، ويمتد هذا الاستقرار ليشمل النواحي السياسية والمجتمعية، ما ينعكس إيجاباً على تكاليف المعيشة في البلاد.
وتتفاوت تكاليف المعيشة في السلطنة بين العاصمة وبقية المدن، إذ ترتفع نسبياً في العاصمة مسقط، لكنها تظل الأقل مقارنة بدول الخليج الأخرى، وذلك حسب تصنيف حديث صنّف السلطنة في المرتبة الأولى من حيث انخفاض تكاليف السكن والإعاشة، حسب الناير.
ويمكن استثمار هذه الميزة عنصراً مهماً للجذب السياحي، إذ يبحث السياح عادة عن قضاء إجازاتهم بتكاليف معقولة، وفق الناير، لافتاً إلى أن عامل التكلفة يمثل محوراً أساسياً في قرار السائح إلى جانب المقومات السياحية التي تتمتع بها السلطنة.
ويشدد الناير على أن السلطنة تمثل وجهة مفضلة للباحثين عن الإقامة والسكن بتكاليف معقولة في منطقة الخليج، رغم وجود دول أخرى في العالم مثل مصر وليبيا وباكستان والهند تتميز بانخفاض أكبر في تكاليف المعيشة.
ويلفت الناير إلى أن أحد أهم العوامل التي ساهمت في تميّز السلطنة على هذا الصعيد هو توظيف مواردها وموازنتها في تحسين مستوى المعيشة، وتوفير البيئة المناسبة والأمن والاستقرار داخل حدودها، دون إنفاق مواردها على قضايا خارج إطار الدولة إلا في مجال الاستثمار، وعدم تدخلها في شؤون الدول الأخرى، مما يجعلها تختلف عن بعض دول الخليج التي تشهد ارتفاعاً كبيراً في تكاليف المعيشة.
في السياق، يشير الكاتب العماني المختص بالشأن الاقتصادي، مرتضى حسن علي، إلى أن تصنيف سلطنة عمان أقلَّ دول مجلس التعاون الخليجي في تكلفة المعيشة خلال عام 2024، والتوقعات باستمرار هذا التصنيف في عام 2025، يعود إلى عوامل رئيسية، في مقدمتها تركيز السلطات على ضبط التضخم وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، إذ تستمر الحكومة في تقديم الدعم للسلع الأساسية والوقود، إضافة إلى دعم قطاعي الزراعة والصيد السمكي للتقليل من الواردات.
كما أن تسهيل القروض وتقديمها بنسبة فائدة منخفضة، مع التوجه نحو تصنيع بعض المواد محلياً، أسهم في خفض تكاليف الاستيراد، حسب علي، الذي يشير في الإطار ذاته إلى اتباع الحكومة العُمانية سياسات تستهدف استقرار سوق العمل، وتجنب الارتفاع الكبير في تكاليف العمالة، في حين تحافظ على معدلات ضريبية منخفضة مقارنة بدول المنطقة الأخرى، ما يخفف الضغط على الأفراد والشركات ويساعد في تجنب التضخم.
ولفت إلى أن استمرار تقديم الخدمات الصحية والتعليمية والأدوية مجاناً للعُمانيين يعد عاملاً مهماً في خفض تكلفة المعيشة.
ويخلص إلى أن سياسات الحكومة العُمانية تعمل على رفع القدرة الشرائية للمواطنين والمقيمين وتقليل الضغوط الاقتصادية وتوفير الاستقرار الاجتماعي، إلى جانب تعزيز القطاعات الصناعية والزراعية والسمكية، مما يدعم التصدير إلى أسواق المنطقة ويوفر المزيد من فرص العمل، مؤكداً على أهمية استمرار عُمان في تحقيق التوازن بين خفض تكلفة المعيشة وتحقيق نمو اقتصادي مستدام، مع ضمان استمرار جودة الخدمات العامة ودعم البنية التحتية.
إقرأ المزيد