أول خطوة لتجسيد مشروع ممر الهيدروجين الجزائري الأوروبي
العربي الجديد -

الهيدروجين الأخضر في معرض هانوفر الصناعي 2023، 17 إبريل 2023 (ألكسندر كورنر/Getty)

وقعت وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية اليوم الثلاثاء، إعلان النيات السياسية المشترك بشأن مشروع ممر الهيدروجين الجنوبي "ساوث كاريدور 2"، تؤكد من خلاله الأطراف الموقعة نيتها لتعزيز التعاون لتطوير هذا المشروع الاستراتيجي الذي يربط مواقع الإنتاج في الجزائر بالاتحاد الأوروبي، عبر تعزيز التعاون ضمن مجموعة عمل خماسية مشتركة، علماً أن الهيدروجين الأخضر هو مصدر طاقة نظيف ينبعث منه بخار الماء فقط ولا يترك أي بقايا في الهواء، على عكس الفحم والنفط.

ويجمع العقد الموقع بالعاصمة الإيطالية روما، إضافة إلى وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب نائب رئيس مجلس الوزراء الإيطالي ووزير الشؤون الخارجيّة والتّعاون الدولي، أنطونيو تاجاني، ووزير البيئة والأمن الطاقوي الإيطالي، جيلبرتو بيشيتو فراتان، وكاتب الدولة للوزارة الاتحادية الألمانية للاقتصاد وحماية المناخ، فيليب نيمرمان، وممثل وزارة العمل المناخي والبيئة والطاقة والتنقل والابتكار والتكنولوجيا بجمهورية النمسا الفيدرالية، إلى جانب سعادة سفير الجمهورية التونسية لدى إيطاليا، وممثلي مفوضية الاتحاد الأوروبي وسويسرا بصفتها ملاحظ.

ويعتبر التوقيع على الإعلان خطوة عملية أولى لتجسيد مشروع نقل الهيدروجين الجزائري نحو أوروبا (خاصة ألمانيا والنمسا وإيطاليا) مروراً بتونس، باستعمال البنية التحتية من الأنابيب الخاصة بنقل الغاز "تراسميد"، حيث تؤكد وزارة الطاقة الجزائرية في بيانها الرسمي أنه بمقتضى التوقيع على الإعلان المشترك "تُقر الأطراف بالإمكانات الكبيرة للجزائر وتونس في إنتاج الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، وضرورة تعزيز أمن الطاقة بين المنطقة والاتحاد الأوروبي لدعم النمو الأخضر".

تقاسم التمويل والمخاطر ونقل التكنولوجيا

ودعت الوزارة الجزائرية إلى أهمية تطوير محطات الهيدروجين والبنية التحتية المرتبطة بها، وتسريع الانتقال الطاقوي المستدام لتحقيق الأهداف المناخية العالمية، مع التركيز على جذب الاستثمارات في الجزائر وتونس لدعم السوق المحلية وخلق فرص عمل وتعزيز الابتكار، إذ عادة ما طالبت الجزائر الشركاء في الاتحاد الأوروبي، ولا سيما الدول المعنية بالمشروع، بضرورة الإسهام في استثمارات لتطوير هذه الشعبة وتحمل جزء من التمويل ونقل التكنولوجيا.

فالاتفاق يشدد على أهمية ممر الهيدروجين الجنوبي بوصفه بنية تحتية لنقل الهيدروجين بين الجزائر عبر تونس وأوروبا، مع الحاجة إلى تعزيز القدرات وتطوير المهارات اللازمة، وتحديد احتياجات التمويل وآليات تقليل المخاطر، كما يلتزم الأطراف بتنسيق السياسات وتبادل الخبرات لضمان التنفيذ الفعّال للمشروع، مع المتابعة الدورية من خلال فريق عمل مشترك يجتمع كل ستة أشهر.

فرصة لتعزيز التعاون الطاقي

وفي المقابل، أكد وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة الجزائري، محمد عرقاب، في كلمته بالمناسبة التزام الجزائر بتطوير صناعة الهيدروجين الأخضر، انطلاقاً من موقعها الجغرافي المتميز ومواردها الغنية من الطاقة الشمسية والريحية، وبنيتها التحتية المتقدمة في قطاع الطاقة. وكشف أهداف ومساعي بلاده لتكون مركزاً إقليمياً لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره إلى أوروبا، بما يساهم في تنويع إمدادات الطاقة وتقليل الانبعاثات الكربونية.

واعتبر الوزير المشروع بمثابة فرصة استراتيجية لتعزيز التكامل الطاقوي بين الجزائر وأوروبا، مع التركيز على إنشاء إطار قانوني وتنظيمي ملائم، وتطوير القدرات البشرية والتكنولوجية، وجذب الاستثمارات اللازمة لتسريع الانتقال الطاقوي، مغتنماً الفرصة لتجديد دعوته إلى تكثيف التعاون الدولي تسهيلاً لنقل التكنولوجيا وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، مؤكداً أن المشروع يجسد رؤية الجزائر الطموحة لتحقيق التنمية المستدامة وتجاوز التحديات المناخية.

الهيدورجين بديل مهم ونظيف

ويمتد مشروع ممر الهيدروجين الجنوبي من الجهة الأوروبية على مسافة 3300 كلم، بالإضافة إلى ما يراوح بين 500 إلى 900 كلم في أراضي شمال أفريقيا بين الجزائر وتونس، وتقدّر تكلفة المشروع بحسب المعلومات المتداولة بين 5.2 إلى 5.9 مليارات يورو، فيما قدرات النقل الخاصة به إلى أربعة ملايين طن سنوياً، الأمر الذي من شأنه أن يمثل بديلاً نظيفاً وهاماً للاحتياجات الطاقوية الأوروبية، خاصة في ظل توقف إمدادات الغاز الروسي وارتفاع تكاليف بقية العروض.

وفي موازاة ذلك، يتوقع المراقبون أيضاً ارتفاع حجم الطلب الأوروبي على الهيدروجين الأخضر، في ظل ترقب دخول الرسوم الجديدة على نزع الكربون حيز التطبيق في أوروبا، بداية من أول يناير كانون الثاني 2026. الأمر الذي يضع الطرف الأوروبي في الوضعية للإسراع في تجسيد المشروع، إذ ستكون الدول المعنية به المستفيد الأكبر، خاصة إذا ما ارتبط الأمر بتأمين احتياجات طاقوية ضمن عقود طويلة الأجل، على غرار ما يتم العمل به في ما يخص أنابيب الغاز الطبيعي الموصولة بين الجزائر وإيطاليا من جهة والجزائر وإسبانيا من جهة أخرى.



إقرأ المزيد