العربي الجديد - 1/21/2025 1:47:16 PM - GMT (+3 )
بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولايته بعاصفة من القرارات والتوجيهات الاقتصادية التي أثارت الكثير من ردات الفعل الدولية والأميركية، بدءاً من وقف العمل عن بعد وصولاً إلى الانسحاب من منظمة الصحة العالمية وتجميد المساعدات الخارجية، وإلغاء خطة جو بايدن للتوسع في تبني السيارات الكهربائية وزيادة حصتها من إجمالي مبيعات السيارات إلى 50% بحلول عام 2030.
فقد ارتفع الدولار في تعاملات آسيوية متقلبة اليوم الثلاثاء بعد أن أشار ترامب إلى أن الولايات المتحدة قد تفرض رسوماً جمركية على كندا والمكسيك في المستقبل القريب.وكان رد فعل السوق هو انخفاض مفاجئ للدولار الكندي والبيزو المكسيكي، مما ساعد الدولار على تقليص الخسائر التي تكبدها أمس الاثنين. وارتفع الدولار 1.2 % إلى 1.4475 دولار كندي، بينما زاد 1.3 % أمام البيزو المكسيكي. وصعد مؤشر الدولار 0.6 % إلى 108.65، بعد أن فقد 1.2 % الليلة الماضية في ما كان أشد خسارة يومية منذ أواخر 2023.
وانخفض اليورو إلى 1.0364 دولار، من أعلى مستوى في وقت سابق عند 1.0434 دولار. ويحقق الاتحاد الأوروبي فائضاً تجارياً كبيراً مع الولايات المتحدة، ويُنظر إليه باعتباره هدفاً رئيسياً لرسوم ترامب الجمركية.
وتعافى الدولار 0.3 % مقابل العملة اليابانية إلى 156.06 ينّاً، بعد أن لامس في وقت سابق أدنى مستوى في خمسة أسابيع عند 154.90 ين. كما زاد الدولار 0.3 % أمام اليوان الصيني إلى 7.2847 يوانات. وكان ترامب هدد الصين في الماضي بفرض رسوم جمركية تصل إلى 60 %.
كذا استقرت أسعار الذهب اليوم الثلاثاء مع تقييم الأسواق للعواقب المحتملة لسياسات ترامب في ولايته الثانية بعد تنصيبه. واستقر الذهب في المعاملات الفورية عند 2707.19 دولاراً للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 0107 بتوقيت غرينتش. وانخفضت العقود الآجلة الأميركية للذهب 0.7 % إلى 2730 دولاراً.
وفي حين يُنظر إلى الذهب تقليدياً على أنّه تحوّط من التضخم، يُنظر إلى سياسات ترامب على أنّها تغذي التضخم مما قد يدفع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) إلى الحفاظ على أسعار فائدة أعلى، الأمر الذي يؤثر على جاذبية الذهب.
فما هي أبرز القرارات الاقتصادية التي أعلنها ترامب؟ أميركا تنسحب من الاتفاقية الدولية للحد الأدنى لضريبة الشركاتفي أول قراراته، أعلن ترامب أن الاتفاقية الدولية للحد الأدنى لضريبة الشركات لا تسري داخل أراضي البلاد، ما يعني انسحاب الولايات المتحدة ضمنياً من الاتفاق. ووافقت الإدارة السابقة للرئيس جو بايدن في عام 2021 على الانضمام إلى اتفاق دولي أبرم بين أكثر من 140 دولة، لفرض حد ضريبي أدنى بنسبة 15% على الشركات، لكن الكونغرس لم يتخذ أية تدابير لضمان التزام الولايات المتحدة بالاتفاقية.
وبعد ساعات من توليه السلطة رسمياً، أصدر ترامب مذكرة رئاسية أمر بموجبها وزارة الخزانة بإعداد تدابير حمائية لاتخاذها ضد الدول التي تُطبق، أو من المحتمل أن تُطبق قواعد ضريبية تمييزية على الشركات الأميركية.
وقال ترامب في المذكرة إن الاتفاقية الدولية للحد الأدنى لضريبة الشركات، والممارسات الضريبية الأخرى التي تُطبقها الدول قد تؤدي إلى تعرض الشركات الأميركية لممارسات انتقامية حال عدم امتثال الولايات المتحدة لهذا الاتفاق.
وذكر أن هذه الإجراءات تهدف إلى استعادة سيادة الأمة الأميركية، وقدرتها التنافسية على الصعيد الاقتصادي، وفق ما نقلت وكالة "رويترز". إلغاء خطة التوسع في تبني السيارات الكهربائية بحلول 2030ألغى ترامب أمراً تنفيذياً أقره سابقه جو بايدن بزيادة حصة المركبات الكهربائية من إجمالي مبيعات السيارات إلى 50% بحلول عام 2030. وأصدر أمس الاثنين عقب توليه السلطة أمراً تنفيذياً بوقف إنفاق الأموال المتبقية من حزمة تمويلات بقيمة 5 مليارات دولار لإنشاء محطات شحن للسيارات.
وأمر كذلك بإعفاء الولايات من قواعد إلزامها بتبني السيارات عديمة الانبعاثات بحلول عام 2035، وقال إن إدارته سوف تبحث وقف الإعفاءات الضريبية للسيارات الكهربائية، وفق وكالة "رويترز".وأضاف أنه يُخطط لتوجيه هيئة حماية البيئة بإعادة النظر في حزمة قواعد كانت من المُقرر أن تُلزم شركات صناعة السيارات بأن تراوح نسبة السيارات الكهربائية من إجمالي المركبات المبيعة بين 30% و56% بحلول 2032. وذكر ترامب خلال حفل تنصيبه أمس، أن الولايات المتحدة لن تُدمر صناعاتها بيديها، بينما تستمر الصين في تلويث المناخ من دون عقاب.
ترامب يسعى لخفص العجز التجاريأمر ترامب الوكالات الاتحادية "بالتحقيق في العجز التجاري الأميركي المستمر وسده"، ومعالجة ممارسات التجارة غير العادلة والتلاعب بالعملة من جانب دول أخرى. جاء ذلك في مسودة مذكرة تجارية للبيت الأبيض اطلعت عليها رويترز والتي لم تصل إلى حد الأمر بفرض رسوم جمركية جديدة فورية.
وتأمر المذكرة، المتوقع توقيعها قريباً، الوكالات الاتحادية أيضاً بتقييم أداء الصين بموجب "المرحلة الأولى" من اتفاق التجارة الذي وقعه مع بكين في 2020 لإنهاء حرب الرسوم الجمركية التي استمرت قرابة عامين.
وكان الاتفاق يتطلب من الصين زيادة مشترياتها من الصادرات الأميركية بمقدار 200 مليار دولار على مدى عامين، لكن بكين لم تلب هذا الهدف مع انتشار جائحة كوفيد-19. وجاء في المذكرة أيضاً "سيتم الآن تقييم مدى التزام الصين بهذا الاتفاق، لتحديد ما إذا كان الأمر يتطلب التنفيذ أو التغيير".
تعليق المساعدات الخارجيةووقع ترامب يوم الاثنين أمراً تنفيذياً يقضي بتعليق جميع برامج المساعدات الخارجية الأميركية مؤقتاً لمدة 90 يوماً، وذلك لحين إجراء مراجعات لتحديد مدى توافقها مع أهداف سياساته. ولم يتضح على الفور مقدار المساعدات التي ستتأثر بشكل مبدئي بهذا القرار، نظراً إلى أن تمويل العديد من البرامج قد تم تخصيصه مسبقاً من قبل الكونجرس وهو ملزم بالصرف، إن لم يكن قد تم صرفه بالفعل.
وجاء في نص الأمر التنفيذي، وهو واحد من العديد من الأوامر التي وقعها ترامب في يومه الأول بعد عودته إلى منصبه، أن "قطاع المساعدات الخارجية والبنية البيروقراطية المرتبطة به لا يتماشى مع المصالح الأميركية، وفي كثير من الأحيان يتعارض مع القيم الأميركية"، كما أشار إلى أن هذه المساعدات "تسهم في زعزعة السلام العالمي من خلال ترويج أفكار في الدول الأجنبية تتعارض بشكل مباشر مع العلاقات الداخلية والخارجية المتناغمة والمستقرة بين الدول". وعليه، أعلن ترامب أنه "لن يتم صرف أي مساعدات خارجية أميركية بشكل لا يتماشى تماماً مع السياسة الخارجية لرئيس الولايات المتحدة".
رسوم جمركية جديدةوأعلن ترامب الاثنين أنه قد يفرض رسوماً جمركية بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك في موعد أقربه الأول من شباط/فبراير، بينما تعهّد بإجراءات ضد بلدان أخرى بوصفها جزءاً من سياسة واشنطن التجارية الجديدة.
وعاود تهديد الشريكين التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة بعد ساعات على أدائه القسم، متهماً جارَي بلاده بالفشل في منع الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة. وقال ترامب في البيت الأبيض "نفكر في فرض رسوم بنسبة 25% على المكسيك وكندا، لأنهما تسمحان لأعداد هائلة من الناس بدخول بلادنا".
كما وقع ترامب الاثنين مرسوماً يوجّه الوكالات إلى دراسة مجموعة من القضايا التجارية بما يشمل العجز والممارسات غير المنصفة والتلاعب بالعملات. ومن شأن هذه الدراسات أن تمهّد لرسوم إضافية. كذلك دعا إلى إعادة النظر في اتفاقية واشنطن للتجارة مع المكسيك وكندا واتفاقها مع الصين الذي أدى إلى هدنة في حرب رسوم جمركية سابقة.
وتعهد ترامب في وقت سابق الاثنين "بدء إصلاح فوري" لمنظومة التجارة الأميركية "لحماية العمال والعائلات الأميركية". وقال في خطاب تنصيبه "بدلاً من فرض ضرائب على مواطنينا لإثراء بلدان أخرى، سنفرض رسوماً جمركية وضرائب على البلدان الأخرى لإثراء مواطنينا".
تفيد بيانات التجارة الرسمية بأن المكسيك وكندا والصين تعد أكبر مصادر للمنتجات التي تستوردها الولايات المتحدة. وفي تصريحاته في المكتب البيضاوي، تحدث ترامب عن اختلال الميزان التجاري مع الاتحاد الأوروبي أيضاً، قائلاً إنه لا يستورد ما يكفي من المنتجات الأميركية. وأضاف أنه "سيصلح ذلك" عبر اللجوء إلى الرسوم أو حض التكتل على شراء المزيد من النفط والغاز.
لا للعمل عن بعدإذ وقع ترامب على أوامر بتجميد التوظيف الحكومي واللوائح الاتحادية الجديدة، بالإضافة إلى أمر يلزم العاملين الاتحاديين بالعودة التامة إلى العمل بنظام الحضور الشخصي. وقال "سأنفذ تجميداً فورياً للإجراءات التنظيمية الجديدة، مما سيمنع بيروقراطيي جو بايدن من الاستمرار في إصدار اللوائح"، مضيفاً أنه سيصدر أيضاً "تجميداً مؤقتاً للتوظيف لضمان توظيفنا فقط للأشخاص الأكفاء المخلصين للجمهور الأميركي". وستجبر هذه الخطوة أعداداً كبيرة من موظفي الحكومة على التخلي عن ترتيبات العمل عن بُعد، في عدول عن اتجاه بدأ في المراحل المبكرة من جائحة كوفيد-19.
وقال بعض حلفاء ترامب إن تفويض العودة إلى العمل يهدف إلى المساعدة في تقليص الخدمة المدنية، مما يسهل على ترامب استبدال العاملين الحكوميين الذين خدموا لفترة طويلة بموالين له. ويشمل الأمر تعليق التوظيف للوظائف الجديدة والعديد من الوظائف الشاغرة، مع استثناءات للمناصب المتعلقة بالأمن القومي والسلامة العامة، بالإضافة إلى القوات المسلحة. وخلال حملته الانتخابية، تعهد ترامب بتفكيك البيروقراطية الاتحادية التي كان يسخر منها بوصفها "الدولة العميقة". وكان الأمر الذي صدر قبل ثمانية أعوام يهدف إلى أن يكون إجراء مؤقتاً لمدة 90 يوماً حتى يتمكن المسؤولون عن الميزانية الاتحادية والمكتب المعني بالموظفين الحكوميين من وضع استراتيجية طويلة المدى لتقليص حجم الحكومة الاتحادية، وقد تم رفعه فعلياً في إبريل/نيسان من ذلك الوقت.
أما المدة التي قد يستمر فيها تجميد التوظيف الأخير فهي أقل وضوحاً، ويعد خطوة جذرية بعيداً عن إدارة الرئيس السابق جو بايدن التي اتخذت خطوات لزيادة حجم القوة العاملة الاتحادية ومنح زيادات في الأجور للكثير من موظفيها.
كبح التضخمأمر ترامب جميع الإدارات والوكالات التنفيذية بتقديم إغاثة طارئة للشعب الأميركي في ظل ارتفاع الأسعار وبزيادة رخاء العامل الأميركي. وتشمل التدابير خفض اللوائح والسياسات المناخية التي ترفع التكاليف، والإجراءات اللازمة لخفض كلفة الإسكان وتوسيع المعروض من المساكن. وجاء في الأمر "على مدى السنوات الأربع الماضية، ألحقت سياسات إدارة بايدن المدمرة أزمة تضخم تاريخية بالشعب الأميركي".
الانسحاب من معاهدة المناخ وطوارىء نفطيةكما وقع ترامب على الانسحاب من معاهدة باريس للمناخ، بما في ذلك رسالة إلى الأمم المتحدة تشرح أسباب الانسحاب. يهدد الإعلان، الذي كان متوقعاً على نطاق واسع منذ فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني، الهدف الرئيسي للاتفاقية بتجنب ارتفاع درجات الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية عن مستويات ما قبل الصناعة.
ويقول الأمر "سياسة إدارتي هي وضع مصالح الولايات المتحدة والشعب الأميركي في المقام الأول". وألغى مذكرة من عام 2023 أصدرها بايدن تحظر التنقيب عن النفط في نحو 16 مليون فدان في القطب الشمالي، قائلاً إن الحكومة يجب أن تشجع استكشاف الطاقة وإنتاجها على الأراضي والمياه الاتحادية، وألغى تفويضاً بخصوص المركبات الكهربائية. وأعلن ترامب حالة طوارئ وطنية للطاقة، ووعد بملء الاحتياطيات الاستراتيجية من النفط وتصدير الطاقة الأميركية في جميع أنحاء العالم.
ووضع خطة شاملة لتعظيم إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة - بما في ذلك إعلان حالة طوارئ وطنية للطاقة وإزالة اللوائح التنظيمية الزائدة، وانسحاب الولايات المتحدة من ميثاق دولي لمكافحة تغير المناخ. وقال ترامب إنه يتوقع أن تساعد الأوامر في خفض التضخم وحماية الأمن القومي الأميركي. كما وقع على أوامر تهدف إلى تعزيز تطوير النفط والغاز في ألاسكا، وألغى جهود بايدن لحماية أراضي القطب الشمالي ومياهه من التنقيب. وقال موقع البيت الأبيض إن الولايات المتحدة ستنهي أيضاً تأجير مزارع الرياح للأراضي. وتشير هذه التحركات إلى تحول كبير في سياسة الطاقة في واشنطن بعد أن سعى بايدن إلى تشجيع التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري وترسيخ ريادة الولايات المتحدة في مكافحة الاحتباس الحراري.
كفاءة الحكومةوقع ترامب على إجراء تنفيذي لإنشاء مجموعة استشارية تسمى وزارة كفاءة الحكومة تهدف إلى تقليص الحكومة الأميركية. يدير المجموعة إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا ولديها أهداف كبرى تتمثل في إلغاء وكالات اتحادية بأكملها وخفض ثلاثة أرباع وظائف الحكومة الاتحادية.
إقرأ المزيد