موازنة إسرائيل 2025 في مهبّ الانتقادات
العربي الجديد -

تتزايد الانتقادات في إسرائيل بعد إصدار كتيب وزارة الخزانة "أساسيات موازنة إسرائيل 2025" الذي اعتبره البعض يثير خيبة الأمل مع تعميق الفجوة بين التحديات الكلية في الخطة الاقتصادية ومحتواها. ويتألف الكتيب من 227 صفحة، ويقرأه عدد قليل من الناس، وحتى أقل منهم يقرأونه بدقة، وفق كالكاليست. يبدأ الكتيب بعرض الوضع المالي، وبعد ذلك مباشرة تُعرض التحديات الهيكلية التي يواجهها الاقتصاد الإسرائيلي، والتي من المفترض أن تعالجها الخطة الاقتصادية المصاحبة للموازنة.

وقال يالي روتنبرغ، المحاسب العام لإسرائيل، في تصريح لوكالة "رويترز" إنه يتوقع أن يتراوح العجز هذا العام بين 4.4% و4.9% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل هدف 4.4% المحدد في مسودة ميزانية 2025، التي لا تزال بحاجة إلى الموافقة البرلمانية النهائية.

ولفت إلى أن العجز في عام 2024 هو الأعلى منذ تجاوز 11% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وسط زيادة في الإنفاق، وانخفاض في الإيرادات الضريبية نتيجة لجائحة كوفيد.

وفي الأسبوع الماضي، توقع بنك إسرائيل أن يبلغ العجز هذا العام 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي. وقال روتنبرغ في إفادة لمناقشة بيانات ميزانية 2024: "من المهم للغاية الالتزام بخطة العجز. ومن المهم للغاية إقرار الميزانية التي تعكس انكماشًا ماليًّا بنقطتين مئويتين". إلا أن هذا التوجه يبدو صعب المنال ربطًا بمؤشرات الاقتصاد الإسرائيلي.

ويحدد كتيب موازنة 2025 عددًا من التحديات أبرزها "نظرًا لمعدل النمو السكاني المرتفع نسبيًّا في إسرائيل، يظل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي منخفضًا مقارنة بدول مجموعة السبع، والفجوة لا تضيق". وبعيدًا عن معدل المواليد المرتفع، يشير الاقتصاديون إلى أنه "لا تزال هناك مجموعات سكانية تكون نسبة مشاركتها منخفضة في سوق العمل، ولا سيما الرجال المتدينين والنساء العربيات، وهذه مشكلة من المتوقع أن تصبح أكثر أهمية بمرور الوقت".

والمشاكل الأخرى هي "الحواجز التنظيمية التي أدت إلى زيادة تكاليف المعيشة "، و"مستويات إنتاجية العمل المنخفضة نسبيًّا"، وحقيقة أن "قطاع البنية التحتية يتخلف عن المتوسط ​​العالمي". وأضافت الحرب، بحسب الاقتصاديين، التحديات التالية: "المشاعر السلبية، وارتفاع مستوى المخاطرة، وعبء تكلفة تمديد الخدمة العسكرية، وارتفاع تكاليف الفوائد مع مرور الوقت".

ويكتب الاقتصاديون أن "الخطة الاقتصادية الحالية، لموازنة 2025، مصممة للتعامل مع بعض هذه التحديات، وتتضمن عددًا من الإصلاحات الهيكلية لتحسين نمو الاقتصاد على المدى الطويل". كيف يمكن تحسين النمو؟ يرد الاقتصاديون في الكتيب: "تعزيز ركائز الاقتصاد، رأس المال البشري، ورأس المال المادي، والبنى التحتية الوطنية، والظروف الداعمة للنمو".

موازنة إسرائيل بلا حلول للتحديات

إلا أنه بحسب كالكاليست، يغفل الكتيب الإصلاحات التي تتوافق مع التحديات المذكورة، تشغيل الحريديم والعرب، رفع التعليم، تحسين البنية التحتية، خفض حوافز المواليد، خفض العبء العسكري، تشجيع الاستثمار، "وهو ما يستدعي خيبة الأمل. فبدلًا من برنامج اقتصادي يتوافق مع التحديات الكلية التي نواجهها، كان لزامًا على هؤلاء المسؤولين أنفسهم أن يذكروا قائمة بالبرامج الرئيسية، التي تتراوح العلاقة بينها وبين هذه التحديات من غير موجودة إلى واهية" وفق الموقع الإسرائيلي.

البرنامج الرئيسي الثاني هو "فرض الضرائب على الأرباح غير الموزعة"، والذي يُعرف باسم فرض الضرائب على الأرباح المقيدة. وقد جرت الموافقة بالفعل على هذا الاقتراح في ثلاث قراءات. وبشكل عام، يتعلق الأمر بتغيير الضرائب على الأرباح المتراكمة في الشركات، وهي خطوة منطقية من الناحية المالية والاجتماعية، على الرغم من وجود معارضة قوية لها أيضًا في قطاع الأعمال.

وفي كلتا الحالتين، فإن هذه الخطوة لا تتعامل مع أي من التحديات الكلية التي تطرحها وزارة الخزانة، وفق كالكاليست. ويجب أن يقال الشيء نفسه عن الخطة الرئيسية الرابعة، التي تتعامل مع رأس المال الأسود، إن محاربتها فكرة جيدة دائمًا، ولكنها ليست واحدة من التحديات الكلية، لذا فهي أيضًا لا تلبي وصف البرنامج لتشجيع النمو في الاقتصاد.

وهناك برنامج آخر هو الرقمنة، والذي جرى تصميمه لتسريع انتقال الحكومة إلى الرقمية. يفرض القانون بشكل أساسي التزامًا على كل هيئة عامة بتقديم أي خدمة رقميًّا يستخدمها أكثر من 5000 مواطن أو 500 شركة سنويًّا. البرنامج ربما سيسرع من تحول الحكومة إلى الرقمنة، لكنه أيضًا لا يتوافق مع التحديات الكلية. 

ويختم كالكاليست أن مسؤولي الخزانة لا يكتبون أي كلمة انتقادية صراحة. في نهاية المطاف، هذا تقرير رسمي لإسرائيل، لكن أي قارئ حاد النظر لا يمكنه إلا أن يلاحظ الفجوة بين التحديات الكلية التي تكمن وراء الخطة الاقتصادية ومضمونها، "كما يبدو مثل نكتة متعمدة، نكتة حزينة بالطبع" وفق تعبير الموقع.

ووافق المشرعون على الميزانية بأغلبية ضئيلة في تصويت أولي، ولكنها لا تزال بحاجة إلى اجتياز تصويتين آخرين لتصبح قانونًا.
وفي حالة عدم الموافقة على الميزانية بحلول 31 مارس/آذار، فمن المتوقع إجراء انتخابات تشريعية جديدة.

وتبلغ تكاليف الحرب في عام 2024 نحو 100 مليار شيكل (27 مليار دولار)، وبلغت 125 مليار شيكل منذ بدء الحرب. وبلغ عجز الميزانية في إسرائيل 4.1% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023. وارتفع إلى 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي في الأشهر الاثنتي عشرة المنتهية في سبتمبر 2024 قبل أن يتراجع في الربع الرابع.

(1 دولار = 3.6604 شواكل)



إقرأ المزيد