غضب عمالي من قانون الإضراب في المغرب
العربي الجديد -

احتجاج عمالي سابق في المغرب (جلال المرشدي/الأناضول)

يدخل النقاش البرلماني حول مشروع قانون الإضراب في المغرب مرحلة حاسمة في ظل غضب ورفض اتحادات عمالية لذلك التشريع الذي تدعو إلى التفاوض حوله بهدف حماية حقوق العمال.
وأبدت الحكومة المغربية في الأسبوع الماضي، استعدادها لإدخال تعديلات على مشروع قانون الإضراب، في ظل احتدام النقاش مع الاتحادات العمالية التي عبرت عن رفضها للصيغة المطروحة للتصويت بالغربية الثانية من البرلمان.

صفحة قانون الإضراب

تسعى الحكومة المغربية إلى طي صفحة قانون الإضراب الذي نصت عليه جميع الدساتير منذ ستينيات القرن الماضي، حيث كانت الحكومة قد صادقت على مشروع في 2016، وأحالته آنذاك على مكتب مجلس النواب. غير أنه قوبل باعتراض الاتحادات العمالية التي ترى أنه لا ينسجم مع الدستور والمعايير الدولية ذات الصلة بممارسة حق الإضراب.
وكان مجلس النواب الذي يمثل الغرفة الأولى بالبرلمان قد صوت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي على مشروع النواب، قبل إحالته على مجلس المستشارين، الذي يشكل الغرفة الثانية بالبرلمان، والتي تحتضن الاتحادات العمالية وممثلي رجال الأعمال والأحزاب.
وعبرت اتحادات عمالية منذ الشروع في مناقشة مشروع القانون في البرلمان عن تطلعها إلى عودة الحكومة عن المقاربة التي اعتمدتها، حيث ترى أنها لم تُخضع المشروع للتفاوض الواجب في الحوار الاجتماعي من أجل التوافق حوله.

رسائل طمأنة ومخاوف الاتحادات

سعى وزير التشغيل في المغرب، يونس السكوري، في الأسبوع الماضي، إلى بعث رسائل طمأنة للاتحادات العمالية، عبر التأكيد على أن المشروع كما صادقت عليه الغرفة الأولى لم يكتمل، مشددا على استعداد الحكومة للأخذ بالمقترحات التي قدمتها الاتحادات العمالية.

غير أن ذلك لم يستأصل مخاوف الاتحادات العمالية، فقد بادر ممثلو الاتحاد المغربي للشغل الذي قدم كتاب مطالب إلى الحكومة، إلى الانسحاب في الأسبوع الماضي، من اجتماع اللجنة التي تتولى مناقشة المشروع بمجلس المستشارين.
وبادرت جبهة الدفاع عن الحق في ممارسة الإضراب، التي تشكلت منذ أكثر من شهرين، في سياق عرض مشروع القانون على مجلس النواب، إلى الدعوة إلى مسيرة وطنية بالرباط يوم 19 يناير/ كانون الثاني الجاري، من أجل الاحتجاج على مشروع القانون.
وتؤكد الجبهة أن الحكومة استعملت أغلبيتها في مجلس النواب لتمرير مشروع القانون دون إدخال التعديلات الجوهرية التي تقدمت بها المعارضة، مشددة على أن المشروع يرمي إلى تقنين المنع على مضامينه، منددة بمحاولة تسريع المصادقة عليه عبر إحالته على مجلس المستشارين دون أي حوار حقيقي.

لا توافق على القانون في المغرب

يذهب عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في المغرب، الحسين اليماني، إلى أن الحكومة أحالت مشروع القانون على البرلمان دون التوافق عليه في الحوار الاجتماعي، مؤكدا أن التعديلات التي أدخلت عليه في مجلس النواب لم ترفع القيود التي أحيط بها الحق في الإضراب.
ويضيف عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في تصريح لـ"العربي الجديد" أن استقواء الحكومة بأغلبيتها يدفع نحو خوض كل المبادرات لمواجهة ما يعتبره إجهازا على الحق في الإضراب. هذا ما يبرر لجوء جبهة الدفاع عن الحق في ممارسة الإضراب إلى التعبئة بهدف الاحتجاج على إصرار الحكومة على تمرير ذلك المشروع.

وكان مجلس النواب قد طلب رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي أوصى بأن يتضمن مشروع القانون التوازن بين حق الإضراب وحرية العمل، مؤكدا ضرورة أن يتم السماح بتنظيم جميع أشكال الإضراب التى تشهدها الساحة الوطنية دون إقصاء أو تمييز، مؤكدا إعطاء الأولوية للحوار والتفاوض.
وأكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على ضرورة تجنب النص على العقوبات السالبة للحرية مع تناسبيية الغرامات المالية بين أرباب العمل والعاملين، وشدد على ضرورة التركيز على المبادئ العامة والتوجهات الأساسية والقواعد الضرورية التي تهم شروط وممارسة حق الإضراب دون الدخول في التفاصيل الإجرائية الخلافية التي قد تغذي التصادم بدل التوافق بين الفرقاء. ويعاني العمال في المغرب من تراجع دخولهم في وقت تشهد فيه الأسواق ارتفاعا كبيرا في اسعار السلع، الأمر الذي يفاقم معيشتهم.



إقرأ المزيد