حرائق كاليفورنيا ... أميركا عاجزة عن إحصاء الخسائر
العربي الجديد -

حرائق غابات اجتاحت حي "باسيفيك باليساديس"، في 8 يناير 2025 (Getty)

لا تتوقف الولايات المتحدة عن إحصاء حجم الخسائر الكارثية المتعلقة بحرائق ولاية كاليفورنيا التي تعد الأعلى كلفة والأشد عنفاً في تاريخ البلاد، بل باتت المؤسسات عاجزة عن إحصاء تلك الخسائر بدقة، والسبب أن الرقم يرتفع يوما بعد يوم وبشكل جنوني، فهذه واحدة من أسوأ الكوارث في تاريخ أميركا كما قال الرئيس المنتخب دونالد ترامب والذي وصف أضرار الحرائق بأنها "أشبه بضربة نووية"، أو "كأن المنطقة تعرضت لضربة بسلاح نووي".

رائحة الموت تفوح في كل مكان. الحرائق لا تزال تنشط وتنتشر وسط توقعات بزيادة الرياح القوية التي تثير مخاوف من اتساع نطاق الكارثة الإنسانية، والتأثيرات متفاقمة وسريعة ولم يتم حصرها بعد، حيث لم يتم الإبلاغ عن الأضرار والإصابات في بعض المناطق حتى الآن.

ورغم جهود الإطفاء الضخمة، لا تزال حرائق كاليفورنيا تجتاح ثاني كبرى مدن الولايات المتحدة وحولت تجمعات سكنية ومناطق راقية بأكملها إلى ركام محترق وأثر بعد عين. حريق باليسيديس يقترب من حي برينتوود الراقي ووادي سان فرناندو المكتظ بالسكان، والسلطات تتوقع تدهور الوضع الإنساني بسبب الرياح المقبلة التي قد تؤدي إلى تأجيج النيران. ومع عودة الرياح القوية، يتوقع الخبراء أن تندلع حرائق جديدة في غابات المنطقة، وهو ما يزيد من حجم الكارثة والخسائر.

تداعيات الحرائق كارثية على الاقتصاد الأميركي، خاصة القطاع العقاري وشركات التأمين. وباتت الشكوك تتزايد حول مدى قدرة الحكومة على تغطية تكاليف الكارثة

الناجون من حرائق لوس أنجليس يواجهون صعوبة في إيجاد مساكن جديدة، والأسعار والإيجارات وصلت إلى حد الجنون، والحرائق لا تزال تلتهم منازل ومقتنيات الجميع، والمتضررون يفقدون فرص الحصول على تعويضات كافية من شركات التأمين عما فقدوه في ظل فداحة خسائر تلك الخسائر والتي تقدر بنحو 40 مليار دولار حتى الآن.

تداعيات حرائق كاليفورنيا باتت كارثية على الاقتصاد الأميركي، خاصة القطاع العقاري وشركات التأمين والموازنة العامة. وباتت الشكوك تتزايد حول مدى قدرة الحكومة على تغطية تكاليف تلك الكارثة في ظل توقعات بتفاقم الخسائر.

شركات التأمين باتت مهددة بالإفلاس والتعثر المالي بشكل جماعي، بل باتت أمام خطر الإفلاس بالفعل بعدما أصبحت عاجزة تماما عن تغطية الخسائر والأضرار والكلفة الاقتصادية الكلية للحرائق المندلعة في أجزاء واسعة من لوس أنجليس ومحيطها، والتي تشير أحدث التقديرات إلى أنها تتراوح بين 250 مليار دولار و275 ملياراً، وفق أحدث أرقام صادرة عن شركة "أكو ويذر" المتخصصة في خدمات التنبؤ بالطقس حول العالم.

والرقم الأخير يزيد كثيرا عن التقديرات التي أعلنتها الشركة الأسبوع الماضي والتي كانت تتراوح بين 52 مليار دولار و57 ملياراً. وهذه الأرقام مرشحة للزيادة في ظل استمرار النيران بالتهام المزيد من المباني والعقارات والأراضي الزراعية والغابات خلال الأيام المقبلة.

وبنظرة تفصيلية لخسائر الحرائق المستعرة حتى اللحظة، نجد أنه حتى التعويضات التي يمكن أن تصرفها الحكومة لا تغطي سوى النذر القليل، فحرائق باليسيديس، وإيتون، وكينيث، وهيرست سوّت أحياء بأكملها بالأرض، والتهمت أكثر من 62 ميلاً مربعًا (168 كيلومترًا مربعًا)، وهي مساحة تفوق حجم مدينة سان فرانسيسكو.

تشير التقديرات إلى أن خسائر الحرائق تتراوح بين 250 مليار دولار و275 ملياراً، وفق أحدث أرقام صادرة عن شركة "أكو ويذر"

ودمرت الحرائق أكثر من 40 ألف فدان حتى الآن، وتعرض أكثر من 57 ألف مبنى ما بين عقار ومدراس ومحال تجارية وغيرها لخطر شديد، وإذا استمرت النيران في التهام المزيد من المباني والأراضي خلال الأيام المقبلة، فقد تصبح تلك الحرائق هي الأسوأ في التاريخ الحديث للولاية بناءً على عدد المباني المحترقة والخسائر الاقتصادية.

لا تتوقف خسائر ولاية كاليفورنيا عند هذا الحد، فهناك خسائر أخرى تتمثل في تعطل الحياة الاقتصادية بشكل عام خاصة داخل مدينة لوس إنجليس، وشلل الأنشطة والأعمال التجارية، وتعطل القطاع الزراعي عن الإنتاج في ظل التهام مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والمحاصيل، وحدوث خسائر فادحة في البنية التحتية خاصة شبكات الطرق والكهرباء وأبراج الاتصالات.

كما أثرت الحرائق على العديد من الوجهات والأنشطة السياحية الشهيرة في ظل التهام المتاحف والفنادق والمطاعم والمعالم الثقافية وأماكن الإقامة الفاخرة. فوفق الأرقام فإن هناك ما يقرب من 17 مليون سائح زاروا الولاية في عام 2024.

وبالطبع، فإن تلوث الهواء يبعد السياح الأجانب والمحليين عن كاليفورنيا التي تصنف على أنها وجهة صيفية تناسب عشاق الطبيعة ومغامرات الهواء الطلق.

حرائق كاليفورنيا كارثة جديدة يمكن أن تنفجر في وجه الرئيس الجديد دونالد ترامب مع توليه منصبه يوم الاثنين المقبل، خاصة وأن إعادة إعمار ما تهدم في لوس أنجليس ستتطلّب عشرات مليارات الدولارات التي ستزيد بكل تأكيد أزمات الاقتصاد الأميركي الذي يعاني أصلا من دين مرتفع وعجز مالي مزمن تبلغ تكلفته نحو تريليون دولار سنويا.



إقرأ المزيد