أوروبا أمام أزمة زيادة الإنفاق على الدفاع وسط ضغوط ترامب
العربي الجديد -

أورسولا فون دير لاين بقمة بروكسل، 19 ديسمبر2024(نيكولاس لاندرمارد/ الأناضول)

مع استمرار الحرب الأوكرانية وعودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للحكم في 20 يناير/ كانون الثاني، والذي يضغط على الحلفاء لبذل المزيد من الجهد للدفاع عن أنفسهم، يتعين على كتلة الاتحاد الأوروبي أن تبحث عن خطة قابلة للتطبيق لتأمين مئات مليارات اليوروهات لتعزيز دفاعاتها.

وفق تقرير بصحيفة "صباح التركية" الصادرة باللغة الإنكليزية مساء الخميس. ربما تحتاج أوروبا إلى رفع ميزانية الإنفاق على الدفاع إلى أكثر من 2.0% من إجمالي الناتج المحلي، أي نحو 700 مليار دولار سنوياً وفق تقديرات حلف ناتو، بإضافة مبلغ 200 مليار يورو إلى مبلغ 500 مليار يورو المرصودة حالياً.

وبرغم وجود اتفاق واسع النطاق على ضرورة زيادة إنفاق أوروبا، فإن الخيارات المحتملة، هي زيادة الحكومات لميزانياتها الوطنية، أو الاقتراض المشترك من الاتحاد الأوروبي، أو إنشاء أداة تمويل جديدة. ولكن هذه الاحتمالات تأتي مصحوبة بتحدياتها الخاصة، مثل الضغوط المالية، أو المقاومة السياسية، أو تكاليف التمويل. ووفق التقرير، يقدر الاتحاد الأوروبي أن هناك حاجة إلى استثمارات بقيمة 500 مليار يورو (524 مليار دولار) في العقد المقبل، على الرغم من أن لجنة الدفاع الأوروبية تقول إن ذلك لن يغطي سوى برنامج الدفاع الجوي.

وأبدى رئيس حلف شمال الأطلسي مارك روته ملاحظة مماثلة، داعيا الحلف، الذي يضم معظم دول الاتحاد الأوروبي إلى تبني "عقلية زمن الحرب"، ملمحاً إلى زيادة الإنفاق من 2% من إجمالي الناتج المحلي إلى 3%، على غرار ما قاله ترامب. 

ووفق تقديرات الحلف الدفاعي، يتطلب تحقيق هذه الغاية إنفاق ما يقرب من 200 مليار يورو سنوياً إضافية من الاتحاد الأوروبي ككل. ووفق صحيفة صباح التركية، قال ديك زاندي، وهو زميل في مركز أبحاث كلينجينديل والذي ترأس سابقًا التخطيط والسياسة في مركز الدفاع الأوروبي، إنه حتى الهدف الأقل، الذي يتراوح بين 2.5% و3%، سيكون "زيادة هائلة بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي. 

ونظراً لميزانيات العديد من الأعضاء المنهكة بشكل مزمن، فإن ألمانيا فقط من بين الاقتصادات الكبرى لديها المجال لزيادة إنفاقها الدفاعي بشكل كبير، كما يقول الاقتصاديون. وتسير فرنسا على الطريق الصحيح لتحقيق هدف الناتو البالغ 2%، لكن الاضطرابات السياسية زادت ضغوط الميزانية الفرنسية، مما أدى إلى خفض تصنيفها الاقتصادي وتتخلف إسبانيا وإيطاليا عن ذلك بكثير، حيث تبلغ النسبة أقل من 1.5%.

وفي الوقت نفسه، تهدف بولندا إلى إنفاق ضعف المبلغ الذي يستهدفه الحلف، مما يؤدي أيضًا إلى زيادة ميزانيتها. ويرى مصرفيون أن زيادة ميزانية الدفاع قد تخلق أزمة داخل المفوضية الأوروبية.

الديون الأوروبية

وأشار غولدمان ساكس في تقرير في 5 ديسمبر الجاري، إلى أنه في حين أنه من المتوقع أن يزيد الإنفاق الدفاعي الأوروبي بسبب التوترات الجيوسياسية المتزايدة، من المرجح أن يكون النمو متواضعاً. وشددوا على أن العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لا تزال تنفق أقل من هدف الناتو المتمثل في تخصيص 2% من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي. وتوقع البنك أن زيادة الإنفاق الدفاعي إلى ما بين 2.25% و2.5% بحلول عام 2026 يمكن أن تؤدي إلى زيادة العجز الهيكلي في دول الكتلة بنحو 0.3% إلى 0.5% سنوياً على مدى السنوات الثلاث المقبلة. وسلط  مصرف "دويتشه بنك" الألماني  الضوء في تقرير يوم 8 ديسمبر الجاري على الحاجة الملحة إلى استجابة متماسكة للسياسة المالية بين دول الاتحاد الأوروبي لمعالجة أوجه القصور في الإنفاق الدفاعي. وأشار إلى أنه في حين أن بعض البلدان ترغب في زيادة ميزانياتها، فإن عدم اليقين السياسي في الاقتصادات الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا قد يعيق التنفيذ في الوقت المناسب.

من جانبه علق باركليز في تقرير يوم 10 ديسمبر الجاري على الأثر الاقتصادي المحتمل لزيادة الإنفاق الدفاعي في أوروبا، فعلى الرغم من أنه قد يحفز بعض القطاعات، إلا أن تأثيرات النمو الإجمالي ستكون محدودة بسبب ارتفاع معدلات الواردات المرتبطة بالمشتريات العسكرية . وقدر أن الدافع المالي الناتج عن زيادة الإنفاق الدفاعي يمكن أن يضيف حوالي 0.2 نقطة مئوية فقط إلى النمو السنوي حتى عام 2027 على الأقل. وأعرب بنك كريدي سويس في تقرير يوم 12 ديسمبر الجاري، عن مخاوفه بشأن استدامة ميزانيات الدفاع المتزايدة وسط ارتفاع الديون الوطنية في جميع أنحاء أوروبا. وحذر من أنه بدون إدارة حذرة للسياسات المالية، قد تواجه البلدان تحديات اقتصادية طويلة الأجل حتى عندما تحاول تعزيز قدراتها العسكرية.

وقال ساندر توردوار، كبير الاقتصاديين في مركز الإصلاح الأوروبي: "لدينا مشكلة تتمثل في أن بعض الدول الأعضاء تعاني من قيود مالية أكبر، وبعض الدول الأعضاء أبعد عن التهديدات العسكرية، لذا فإن الحافز لديها أقل بكثير للإنفاق على الدفاع".



إقرأ المزيد