العربي الجديد - 12/21/2024 11:11:50 AM - GMT (+3 )
نمو ملحوظ لسوق العقارات في السعودية (فرانس برس)
رغم نمو السوق العقارية السعودية لا تزال أزمة أسعار السكن في المملكة تتصاعد بشكل ملحوظ، وتشير توقعات المؤسسات الاقتصادية الدولية إلى أن هذا الاتجاه قد يستمر في ظل ارتفاع معدلات التضخم.
فنمو السوق يترافق مع تحديات كبيرة مثل ارتفاع تكاليف البناء والمنافسة على التمويل من مشاريع رؤية 2030 الأخرى، حسب تقرير نشرته مؤسسة "ستاندرد آند بورز" مشيراً إلى أن أسعار المبيعات السكنية في الرياض وجدة ارتفعت بنسبة 10% و5% على التوالي خلال النصف الأول من عام 2024.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن تكاليف السكن كانت المحرك الرئيسي للتضخم في السعودية، فقد ارتفعت الإيجارات بنسبة 11.6% في أكتوبر/تشرين الأول 2024 مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، كما أن نفقات الإسكان والمرافق الأخرى ارتفعت بنسبة 9.6%، مما يعكس الضغط المتزايد على تكلفة الإسكان بالنسبة للأسر السعودية.
وإزاء ذلك، يبرز تقرير أصدرته شركة "نايت فرانك" للاستشارات العقارية الحاجة إلى بناء أكثر من 115 ألف منزل سنوياً حتى عام 2030 لتلبية الطلب المتزايد في السعودية. وتتبنى حكومة المملكة برامج لمعالجة الحاجة للسكن عبر برنامج "سكني" الذي يهدف إلى تحقيق معدل تملك سكني يبلغ 70% بحلول عام 2030، وهو ما يتطلب استثمارات ضخمة وتخطيطاً دقيقاً لتلبية احتياجات السكان الشباب الذين يشكلون أغلبية سكان المملكة.
وإضافة لذلك، تسعى حكومة المملكة إلى تسهيل الحصول على التمويل من خلال تقديم قروض بدون فوائد وضمانات للتمويل العقاري، حسب ما أشار خبيران لـ"العربي الجديد".
ضغوط مستمرة في سوق العقارات السعودية
في هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي، حسام عايش، لـ"العربي الجديد"، إلى أن أزمة السكن في السعودية تعكس تحديات متداخلة بين ارتفاع تكاليف العقارات وتزايد الطلب المحلي والدولي، لافتاً إلى أن الرواتب والأجور الحالية للمواطنين غالباً ما تكون غير كافية لتغطية تكاليف السكن، خاصة مع ارتفاع تكلفة المساكن نتيجة دخول مطورين عقاريين عالميين للسوق السعودي وزيادة متطلبات الإسكان وتطور نوعيته.
ويضيف عايش أن الحكومة السعودية، رغم جهودها المبذولة ضمن رؤية 2030 لتقديم قروض إسكانية وحلول سكنية، تواجه ضغوطاً مستمرة بسبب تصاعد معدلات التضخم، التي تغذي ارتفاع معدلات الفائدة، ورغم ارتباط الأخيرة بأسعار الفائدة الأميركية، قد تضطر السلطات النقدية السعودية لاتخاذ قرارات مستقلة لمواجهته، خاصة إذا استمرت أسعار العقارات في الارتفاع.
وهذا الارتفاع، وفقاً لعايش، يتأثر أيضاً بالمنافسة العقارية التي أصبحت بين المطورين السعوديين والدوليين على حد سواء، ما يخلق ضغطاً إضافياً على الأسعار ويؤدي إلى زيادة معدلات التضخم.
ويرى عايش أن السلطات السعودية تسعى لتحقيق التوازن بين جذب الاستثمارات العقارية الدولية وتلبية احتياجات المواطنين السكنية، ومع ذلك ينوه إلى أن هذه الجهود تواجه تحديات بسبب التركز العقاري في مناطق محددة مثل العاصمة والمدن الرئيسية، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار فيها مقارنة بمناطق أخرى.
ويخلص عايش إلى تأكيد أهمية مراجعة الآليات التنفيذية للاستراتيجيات العقارية السعودية، مع التركيز على تلبية الاحتياجات ذات الأولوية للمواطنين، وإعادة هيكلة الخطط بما يتناسب مع التحديات الراهنة، وذلك لتجنب اختلالات السوق وضمان استدامة التطور العقاري.
صحة السوق في السعوديةفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، لـ"العربي الجديد"، إلى أن ارتفاع أسعار العقارات في السعودية يعد دليلاً على وجود طلب متزايد على العقارات، مما يعكس صحة السوق العقارية في المملكة، مشيراً إلى أن حركة الأسعار تؤكد أن السوق يخضع لآليات العرض والطلب، ما يعكس طبيعة السوق الحرة التي تتجه إليها المملكة، مما يعزز ثقة المستثمرين والمستهلكين على حد سواء.
ويوضح عجاقة أن الأسعار العقارية شهدت ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 1.7% بحلول نهاية الربع الثالث من عام 2024، وهو ما أثر على مؤشر الأسعار العام نظراً للوزن الكبير للعقارات في هذا المؤشر، لافتاً إلى أن معدلات التضخم في المملكة لا تزال ضمن الحدود المقبولة عالمياً، مما يدل على استقرار نسبي في الاقتصاد.
وحول كيفية مواجهة أي ارتفاع مفرط في الأسعار، يؤكد عجاقة أهمية تحفيز الاستثمارات، خصوصاً في قطاع الإسكان لتلبية الطلب المتزايد في السعودية، ويرى أنه من الأفضل أن تكون هذه الاستثمارات مدفوعة من القطاع الخاص مع إمكانية مشاركة الحكومة عبر صناديقها السيادية، مشيراً إلى ضرورة تقديم تحفيزات ضريبية ومالية للقطاع الخاص لدفع عجلة الاستثمار في الإسكان.
ويخلص عجاقة إلى أن المؤشرات تؤكد أن السعودية مقبلة على نهوض اقتصادي كبير، مما يجعل الاستثمار في قطاع الإسكان أمراً ضرورياً لمواكبة الطلب المتزايد، مؤكداً أهمية اتخاذ خطوات مدروسة لتحفيز القطاع الخاص وضمان استدامة النمو الاقتصادي في المملكة.
إقرأ المزيد