الملياردير الهندي غوتام أداني متهم بالاحتيال بأميركا: تفاصيل القضية
العربي الجديد -

جرى توجيه اتهام في الولايات المتحدة لرجل الأعمال الهندي غوتام أداني، الذي يعد من أغنى أغنياء العالم، بالاحتيال على المستثمرين من خلال إخفاء حقيقة أن مشروع الطاقة الشمسية الضخم الخاص بشركته في شبه القارة الهندية يتم تسهيله من خلال مخطط رشوة.

وجاء اتهام أداني (62 عاما)، في لائحة اتحادية، تم الكشف عنها أمس الأربعاء، بارتكاب مخالفات في الأوراق المالية، والتآمر للاحتيال في الأوراق المالية والتحويلات. وتتعلق القضية بترتيبات تعاقدية مربحة لشركة "أداني غرين إنرجي المحدودة"، وشركة أخرى، لبيع 12 جيغاوات من الطاقة الشمسية للحكومة الهندية، وهو ما يكفي لإضاءة ملايين المنازل والشركات.

ووفق تقديرات "فوربس"، انخفضت ثروة غوتام أداني الصافية بمقدار 12.3 مليار دولار إلى 57.5 مليار دولار بعد إعلان الاتهام. وهذا يجعل أداني في المركز الخامس والعشرين بين أغنى الأشخاص في العالم على قائمة فوربس للمليارديرات في الوقت الفعلي، بعد أن كان في المركز الثاني والعشرين يوم الأربعاء. وعلى الرغم من الانخفاض، يظل الملياردير الهندي ثاني أغنى آسيوي في القائمة، خلف مواطنه موكيش أمباني.

وقالت نائبة مساعد المدعي العام ليزا ميلر إن الملياردير والمتهمين معه سعوا إلى "الحصول على عقود ضخمة لتوريد الطاقة وتمويلها من خلال الفساد والاحتيال على حساب المستثمرين الأميركيين". وفي التفاصيل، أثارت قضايا الاحتيال اهتمامًا واسعًا عالميًا بعدما وجهت السلطات الأميركية اتهامات إليه وإلى مسؤولين آخرين في المجموعة تتعلق بدفع رشاوى بمئات الملايين من الدولارات لمسؤولين هنود للحصول على عقود في قطاع الطاقة المتجددة.

5 اتهامات ضد أداني

وتأتي هذه الاتهامات ضمن خمس تهم تتعلق بالفساد وخرق القوانين المالية، وذلك بهدف تأمين عقود ضخمة بمليارات الدولارات. وبحسب الادعاء الأميركي، فإن المجموعة قدمت معلومات مضللة بشأن امتثالها لقوانين مكافحة الرشوة، ما أتاح لها الحصول على قروض واستثمارات دولية تقدر بأكثر من 3 مليارات دولار​، بحسب تيليغراف إنديا.

ووفق فايننشال تايمز، قال ممثلو الادعاء الفيدراليون الأميركيون إن أكثر من 250 مليون دولار في شكل رشاوى "عُرضت ووعدت" بين عامي 2020 و2024 لأشخاص في الحكومة الهندية باعتبارها جزءاً من المخطط، والذي يُزعم أنه تم إخفاؤه عن البنوك والمستثمرين الأميركيين الذين جمعوا منهم مليارات الدولارات، وزعموا أن غوتام أداني التقى مسؤولاً هندياً من أجل "الترويج" للمخطط.

كما وجه مكتب المدعي العام الأميركي في بروكلين اتهامات إلى ثلاثة موظفين سابقين في صندوق التقاعد الكندي الكبير CDPQ في ما يتصل بالمخطط المزعوم، وقال إنهم عرقلوا التحقيق في الرشاوى من خلال حذف رسائل البريد الإلكتروني والموافقة على تقديم معلومات كاذبة للحكومة الأميركية. وصندوق التقاعد الكندي CDPQ، الذي يستثمر في مشاريع البنية التحتية، هو مساهم في شركات أداني.

تزامنت هذه الاتهامات مع تراجع كبير في قيمة أسهم شركات أداني في البورصات الدولية والمحلية، حيث انخفضت أسهم شركات أداني العشر المدرجة في البورصة عند فتح الأسواق الهندية اليوم الخميس. وانخفض سهم شركة أداني إنتربرايزز الرائدة في المجموعة بنسبة 20%، وانخفض سهم أعمال الموانئ الرئيسية للشركة بنسبة 16.4%.

وتأتي قضية الفساد الجديدة بعد أن كانت المجموعة محل تحقيقات مكثفة عقب تقرير أصدرته شركة "هيندنبورغ" الأميركية العام الماضي، والتي اتهمت المجموعة بتضخيم قيمة أسهمها من خلال التلاعب بسوق الأسهم وإخفاء ملكية شركات مرتبطة، وهو ما تسبب بخسائر كبيرة في قيمة أسهم شركات أداني​.

كما اتهم الادعاء الأميركي موظفين سابقين في شركة Azure Power وشركة كندية بالاشتراك في هذه المؤامرة، مؤكدين على أهمية التحقيق في هذه القضايا التي تشمل شخصيات دولية وشركات كبرى عبرت عن قلقها بشأن الامتثال للقوانين المالية. ويقود التحقيقات في الولايات المتحدة مكتب المدعي العام في المنطقة الشرقية من نيويورك، ويركز على ما إذا كانت هناك تجاوزات تتعلق بقانون ممارسات الفساد الأجنبية (FCPA)، الذي يمنع الشركات ذات العلاقات المالية الأميركية من دفع رشى للمسؤولين الأجانب للحصول على عقود أو امتيازات تفضيلية.

وبحسب موقع ناسداك، فإن التطورات الأخيرة تظهر أن الحكومة الأميركية تدرس اتخاذ خطوات قانونية إذا تم تأكيد هذه المزاعم، والتي قد تشمل فرض غرامات ضخمة على مجموعة أداني، والتي تشارك أيضاً في مشاريع الطاقة المتجددة في الهند، وهو ما يزيد تعقيد القضية، خاصةً مع دعم حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لمشاريع الطاقة الخضراء.

من هو أداني؟

وأداني لم يكمل تعليمه الجامعي، فقد ترك الكلية لتجربة حظه في صناعة الماس في مومباي في أوائل الثمانينيات قبل أن يتجه إلى الفحم والموانئ. وتوسّعت مجموعته منذ ذلك الحين لتشمل كل شيء، من المطارات إلى مراكز البيانات والإسمنت ووسائل الإعلام والطاقة الخضراء، مع التركيز على المجالات التي يعتبرها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي حاسمة لتحقيق الأهداف الاقتصادية طويلة الأجل للهند.

أسس "مجموعة أداني" عام 1988، لتصبح خلال السنوات الأخيرة ضمن أكبر الشركات الهندية وأهمها، بحجم مبيعات سنوية يتجاوز 20 مليار دولار، يأتي أغلبها من الخدمات اللوجستية، والأعمال الزراعية، وقطاع الطاقة، الذي تُعَدّ الشركة أكبر منتج خاص فيه، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية. وتعدّ المجموعة حالياً أكبر مطور ومشغل للموانئ في الهند.

وفي عام 2015، صُنِّفَت "أداني" على أنها الشركة صاحبة العلامة التجارية الأكثر ثقة في الهند، ويعمل فيها حالياً أكثر من ثلاثة وعشرين ألف عامل وموظف في خمسين دولة.

وُلد أداني في مدينة أحمد آباد بولاية غوجارات الهندية، وكان له سبعة من الإخوة، واشتغل أبوه بتجارة المنسوجات، حتى تمكن من إدخاله كلية التجارة في جامعة غوجارات، إلا أن الشاب المتعطش للعمل لم يمكث فيها أكثر من عامين، ليخرج إلى معترك الحياة، لكن بعيداً عن مهنة أبيه التي رآها غير مشبعة لطموحاته.

استفاد أداني كثيراً من تداعيات جائحة كورونا. فبعد شهور قليلة من ظهور الوباء وانتشاره في جميع أنحاء المعمورة، وبينما كانت أغلب شركات العالم خاضعة لإغلاق كبير لمنع انتشار الوباء، فاز بأكبر مناقصة في العالم من شركة الطاقة الشمسية الهندية بقيمة ستة مليارات دولار، قبل أن يتمكن في سبتمبر/ أيلول من العام نفسه من الاستحواذ على 74% من مطار مومباي الدولي، ثاني أكبر مطارات الهند بعد مطار دلهي. وتُعَدّ حياة الملياردير الهندي البالغ من العمر 60 عاماً، مليئة بالأحداث الدرامية. ففي عام 1998 تعرّض لعملية اختطاف، إثر هجوم إرهابي على فندق تاج محل في مومباي خلال وجوده في الفندق.

وبسؤاله عن الواقعة، بدا الملياردير الهندي غير راغبٍ في التحدث عن تفاصيلها، أو ذكر الأسباب التي دعت الخاطفين إلى الإفراج عنه، قبل أن يُقبَض عليهم ثم يُفرَج عنهم بعد المحاكمة. وخلال الحادث، وبينما كان البعض يختبئ تحت الأرائك، جلس أداني على إحداها غير مبالٍ بالرصاص المتطاير على بعد أقل من مائة قدم، وفق ما أدلى به لوسائل إعلام هندية.



إقرأ المزيد