المتاجر الكبيرة في المغرب تقلق بقّال الحي
العربي الجديد -

محلات البقالة تقدم تسهيلات كبيرة في الدفع (بيير ويت/Getty)

لم يكف أصحاب محلات البقالة في المغرب عن التعبير عن مخاوفهم من تراجع نشاطهم، في ظل انتشار المحلات التجارية العصرية الكبيرة والمتوسطة في الأحياء الشعبية.

وجذبت تجارة السلع الغذائية في المغرب مستثمرين محليين وأجانب، حيث يتنافسون من أجل فتح محلات عصرية في الأحياء الشعبية، ما يشكل منافسة تثير مخاوف أصحاب محلات البقالة.
ويشير رئيس جمعية لتجار السلع الغذائية، عبد الحميد باهي، إلى أن تجارة السلع الغذائية كانت تضم حوالي 1.8 مليون محل بقالة، ناهيك عن ألف محل من الأسواق التي تنعقد كل أسبوع، خاصة في الأرياف.

ويؤكد باهي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المساعي مازالت تبذل لدى وزارة الصناعة والتجارة من أجل تنظيم تجارة السلع الغذائية، بما يحمي محلات البقالة.

ويشدد باهي الذي يتخوف من تراجع نشاط محلات البقالة، على ضرورة العمل على سن تشريع يفرض على المحلات التجارية الكبيرة أو المتوسط الالتزام بمسافة تتيح عدم مشاركتهم نفس الحيز الجغرافي مع محلات البقالة.

ويعتبر أن تراجع محلات البقالة التي اعتادت على تقديم تسهيلات في السداد للأسر في الأحياء الشعبية وحتى تلك التي تقطن بها الطبقة الوسطى، سيؤثر سلبا على القدرة الشرائية لتلك الأسر، خاصة في فترات التضخم.

ويرى الكاتب العام للاتحاد العام للمقاولات والمهن، محمد الذهبي، أن التخوف يأتي من انتشار المحلات التجارة المتوسطة التابعة لشركات أجنبية ومحلية متوفرة على إمكانات مالية كبيرة، والتي أضحت تقتحم الأحياء الشعبية التي تنشط فيها محلات البقالة بكثيرة.

ويذهب في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أنه إذا كانت محلات البقالة لا بديل عنها في حياة الأسر المغربية بالنظر لأنها تقوم بإسعافها، خاصة عبر تزويدها بالسلع وتأجيل السداد، إلا أنه ينبه إلى أن التحول الذي تعرفه التجارة يمكن أن ينعكس سلبا على إيراداتها.

تسهيلات محلات البقالة في المغرب

ويعتقد الذهبي أن البقال ما زال ملاذا للعديد من الأسر، التي قد تتسوق من المحلات التجارية الكبرى، لكنها تضطر عندما تنفد إيراداتها في الأيام الأخيرة من الشهر إلى اللجوء إليه كي يزودها بمواد غذائية، حيث تستفيد من تسهيلات في الدفع.
ولا تحدد آجال لاسترداد ما في ذمة الأسر تجاه البقال، وقد لا يتم الالتزام بها إذا ما حددت، حيث تقيد الديون المؤجلة في ذمة الأسر في "الدفتر" أو ما يعرف بـ"الكارني"، الذي يشتهر به البقال إلى أن تتحسن الأوضاع المالية للأسر التي يتعامل معها.
ودأب المراقبون على تأكيد الدور الاجتماعي الذي يقوم به البقال في حياة الأسر المغربية، فهو يلعب في بعض الأحيان دور مصرفي عندما يقرض المال لبعض الأسر دون فوائد، ويؤتمن على مفاتيح المنازل.

وتجلى دوره، بشكل كبير، عندما لاذت به أسر إبان أزمة كوفيد، حيث قدم البقال السلع للأسر مقابل تسهيلات في السداد، بل إن حوالي 20% من الأسر صرحت في بحث أنجزته المندوبية السامية للتخطيط الحكومية حول تأثيرات كوفيد 19 على الالتزامات المالية للأسر، أنها لم تستطع أن تسدد ما في ذمتها تجاه البقال.

ورغم الشكوى من زحف المحلات التجارية الكبرى، بما تشكله من منافسة شديدة للبقالين، إلا أن وزير الصناعة والتجارة رياض مزور، أكد عندما سئل حول هذا الموضوع بمجلس النواب، أن محلات البقالة الصغيرة تمثل 80% من مجمل التجارة في المملكة.

ويشدد الوزير على الدور الاجتماعي الذي يقوم به البقال في حياة العديد من الأسر، مؤكدا أن 30% من الديون التي توجد في ذمة بعض عملاء البقالين لا علاقة لها بالمعاملات التجارية.
وتعتبر وزارة الصناعة أن نسبة الـ30% من الديون تمثل فواتير الماء والكهرباء وحتى إيجار منازل التي يسددها أصحاب محلات البقالة نيابة عن الأسر إلى حين توفر سيولة لدى هذه الأخيرة التي تسدد ما في ذمتها تجاه الأسر.



إقرأ المزيد