في مطلع الأسبوع الجاري، شهدت أسواق المال العالمية موجة ارتفاعات هائلة لأسهم شركات لا يُتوقع عادةً أن تحقق مثل هذه الارتفاعات. وشملت هذه الموجة ما يُعرف بـ"أسهم الميم meme stocks"، وهي أسهم شركات تحظى بشعبية كبيرة بين المستثمرين الأفراد على منصات التواصل الاجتماعي، مثل Reddit's r/wallstreetbets.

ما هي أسهم الميم؟

يطلق اسم "أسهم الميم" على أسهم شركات تحظى باهتمام كبير من قبل مستخدمي الإنترنت، خاصةً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تنتشر معلومات حول هذه الأسهم بسرعة كبيرة، مما يخلق ضجة كبيرة حولها ويجذب انتباه المستثمرين. وترجع تسميتها إلى انتشارها الشبيه بالفيروسات عبر الإنترنت، حيث استوحي اسمها من مفهوم meme، وهي فكرة أو سلوك ينتشر بسرعة عبر الإنترنت، وغالباً ما يكون مضحكاً أو مثيراً للاهتمام.

وكان في مقدمة هذه المجموعة من الأسهم سهم شركة غيم ستوب GameStop، وشركة إيه أم سي للترفيه AMC Entertainment، وشركة بلاكبيري BB، وشركة ريفيان مصنعة السيارات الكهربائية، وغيرها.

لماذا ارتفعت أسهم الميم مؤخراً؟

اشتعلت من جديد ظاهرة "أسهم الميم" مطلع الأسبوع الجاري، من خلال التحديث الأخير لوسائل التواصل الاجتماعي من "Roaring Kitty". ونشر الرجل، واسمه القانوني كيث غيل، صورة على منصة X للاعب فيديو يجلس إلى الأمام على كرسيه، وهي صورة يستخدمها اللاعبون للإشارة إلى أنهم يأخذون اللعبة على محمل الجد.

pic.twitter.com/YgjVqtgcNS

— Roaring Kitty (@TheRoaringKitty) May 13, 2024

وكان هذا أول منشور لغيل على المنصة منذ عام 2021، ومنذ ذلك الحين جرت مشاهدته أكثر من 26 مليون مرة. وتابع غيل سلسلة من منشورات مقاطع الفيديو القصيرة من البرامج التلفزيونية والأفلام الشهيرة، على الرغم من أن المعنى الكامن وراء بعضها لم يكن واضحاً.

وعمل كيث غيل قبل سنوات مسوِّقاً لشركة التأمين Massachusetts Mutual Life Insurance، ونجح في اجتذاب جيش من المتداولين اليوميين الذين شجعوا بعضهم بعضاً وتكدسوا في أسهم ألعاب الفيديو الفعلية، وعدد من الأسهم الصغيرة الأخرى التي يفتقر معظمها إلى الأساسيات الضرورية لدفع سعر السهم لأعلى، بين عامي 2020 و2021.

وشملت طفرة "أسهم الميم" قبل ثلاثة أعوام مستثمرين أفراداً استهدفوا البائعين على المكشوف وصناديق التحوط ممن راهنوا على انهيار أسهم تلك الشركات، وأجبروهم على تغطية مراكزهم المكشوفة، بخسائر ضخمة، بعد ارتفاع أسعار الأسهم.

وعلى مدار يومي الاثنين والثلاثاء، شهدت أسهم الميم ارتفاعات جنونية، بدأت في تعاملات ما قبل الفتح لأول أيام السبوع، حيث قفز سهم غيم ستوب بأكثر من 100%، ثم ليكمل قفزته في اليوم التالي، لتقترب مكاسبه عند أعلى نقطة له وخلال يومين فقط من التعاملات من نسبة 300%.

كذلك ارتفعت أسهم "إيه أم سي" بنسبة تجاوزت 100% في تعاملات ما قبل فتح كل من يومي الاثنين والثلاثاء، حيث جمعت سلسلة دور السينما نحو 250 مليون دولار من رأس مال الأسهم الجديد خلال التداول الجامح يوم الاثنين. وفي أعلى مستوياته يوم الثلاثاء، تجاوزت أرباح سهم AMC نسبة 200%. 

كذلك ارتفعت أسهم شركة بلاكبيري لصناعة الهواتف الذكية التي كانت مهيمنة ذات يوم على مجتمع الأعمال بنسبة 25% في تداول ما قبل السوق يوم الثلاثاء.

ومع ذلك، وفي الساعات الأولى من تعاملات الأربعاء، فقد غيم ستوب وإيه أم سي ما يقرب من ثلث قيمتهما، بينما تراجع سهمي بلاكبيري وريفيان بنحو 10%.

هل هناك من المقومات الأساسية ما يدعم ارتفاعات الأسهم؟

رفض الكثير من المحللين الرضوخ لفكرة أن شخصاً واحداً بإمكانه تحريك الأسواق على النحو المشار إليه. وقبل ثلاث سنوات، استُدعي مسؤولون من تلك الشركات لسؤالهم عما يمكن أن يكون وراء تلك التحركات غير المنطقية، حيث يفتقد أغلب تلك الشركات للأساسيات الضرورية للارتفاع، مثل تحقيق أرباح أو مبيعات ضخمة، أو خضوع الشركة لعملية استثمار أو استحواذ متوقعة. وكان من بين المستدعين للشهادة صاحب حساب Roaring Kitty.

وقال بعض المسؤولين إن السبب في الارتفاعات القوية يرجع إلى الضجة المثارة على الإنترنت، حيث شهدت بعض أسهم الميم زيادة هائلة في الاهتمام على منصات التواصل الاجتماعي، خاصةً Reddit's r/wallstreetbets. وشجع هذا الاهتمام المستثمرين الأفراد على شراء هذه الأسهم، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير.

وقال آخرون إن الضغط على صناديق التحوط كان وراء التحركات الكبيرة في الأسعار، حيث اتخذت بعض تلك الصناديق مراكز بيع على المكشوف على أسهم الميم، أي أنها راهنت على انخفاض أسعارها. وأدى الارتفاع المفاجئ في أسعار هذه الأسهم إلى خسائر فادحة لصناديق التحوط، مما دفعها إلى شراء هذه الأسهم لتغطية خسائرها، وترتب على ذلك ارتفاع أسعارها أكثر.

وفي وجهة نظر فلسفية إلى حد بعيد، اعتبر بعض المحللين أن مستثمري أسهم الميم، التي يعتبرها المحللون الماليون ذات مخاطر عالية أو غير قابلة للاستثمار، يُمثل نوعاً من التمرد ضد النخبة المالية، التي يرون أنها تسيطر على الأسواق، وتفرض أسهماً بعينها على الراغبين في الاستثمار في الأسواق، حتى يتمكنوا من تحقيق الأرباح. 

مخاطر الاستثمار في أسهم الميم:

على الرغم من الإمكانات الهائلة التي قد يحملها الاستثمار في أسهم الميم، إلا أنه ينطوي على مخاطر كبيرة، منها:

التقلبات العالية: تتميّز أسهم الميم بتقلباتها الشديدة في الأسعار، مما يعني أنها قد ترتفع بسرعة كبيرة ثم تنخفض بنفس السرعة، وهذا يعرض المستثمرين لمخاطر كبيرة.

الافتقار إلى التحليل الأساسي: فغالباً ما يُبنى قرار الاستثمار في أسهم الميم على الضجة والمشاعر على الإنترنت، دون تحليل دقيق للوضع المالي للشركة أو آفاقها المستقبلية.

التلاعب بالسوق: فقد يكون بعض المستثمرين في أسهم الميم متورطين في عمليات التلاعب بالسوق، مما قد يؤدي إلى تضخيم أسعار الأسهم بشكل مصطنع ثم انهيارها لاحقًا.

الضغوط الاجتماعية: قد يشعر المستثمرون بالضغط للمشاركة في الاستثمار في أسهم الميم خوفاً من تفويت الفرصة أو التعرض للسخرية من قبل زملائهم على الإنترنت.

نصائح قبل الاستثمار في أسهم الميم:

إجراء البحث: لا تعتمد على الضجة والمشاعر على الإنترنت، بل قم بإجراء تحليل دقيق للوضع المالي للشركة وآفاقها المستقبلية قبل الاستثمار.

فهم المخاطر: كن على دراية بالمخاطر العالية المرتبطة بالاستثمار في أسهم الميم، ولا تستثمر أكثر مما يمكنك تحمله خسارته.

التنويع: لا تضع كل أموالك في أسهم الميم، بل قم بتنويع استثماراتك لتقليل المخاطر.

الاستثمار بمسؤولية: لا تستثمر بناءً على نصائح من الغرباء على الإنترنت، بل اتخذ قراراتك الاستثمارية بعقلانية ومسؤولية.