موقع سي ان ان بالعربية - 6/30/2025 5:47:08 AM - GMT (+3 )

(CNN)-- مع تحليق قاذفات B-2 الأمريكية فوق إيران، مستهدفةً منشآت مرتبطة بطموحات طهران النووية، كان صناع السياسات والمحللون في شرق آسيا يبحثون عن إجابة لسؤال حاسم: ما هي الإشارة التي يوجهها هذا إلى كوريا الشمالية، وهي دولة تمتلك ترسانة نووية أكثر تطورا بكثير من إيران؟.
ويحذر الخبراء من أن الإجراءات العسكرية لواشنطن قد تُعزز عزم بيونغ يانغ على تسريع برنامجها النووي وتعميق تعاونها مع روسيا، بالإضافة إلى تعزيز اعتقاد زعيمها كيم جونغ أون بأن الأسلحة النووية هي الرادع النهائي ضد أي تغيير في النظام تفرضه الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من الجهود التي استمرت لسنوات لإقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن برنامجها النووي، يُعتقد أن نظام كيم يمتلك أسلحة نووية متعددة، بالإضافة إلى صواريخ يمكنها الوصول إلى الولايات المتحدة - مما يعني أن أي ضربة عسكرية محتملة على شبه الجزيرة الكورية ستحمل مخاطر أكبر بكثير.
قد يهمك أيضاً
وقال ليم يول تشول، أستاذ الدراسات الكورية الشمالية في جامعة كيونغ نام بكوريا الجنوبية: "لا شك أن ضربة ترامب على المنشآت النووية الإيرانية ستعزز شرعية سياسة كوريا الشمالية الراسخة، والمتمثلة في بقاء النظام وتطوير الأسلحة النووية".
وأضاف: "كوريا الشمالية تنظر إلى الغارة الجوية الأمريكية على أنها تهديد عسكري استباقي، ومن المرجح أن تُسرّع جهودها لتعزيز قدرتها على شن هجمات صاروخية نووية استباقية".
ويحذر المحللون من أن هذا التسارع قد يتحقق من خلال المساعدة الروسية، بفضل العلاقة العسكرية المزدهرة التي أقامتها الجارتان في أعقاب غزو موسكو لأوكرانيا.
ومنذ تدشينها رسميا في 2024، أصبحت الشراكة الاستراتيجية لكوريا الشمالية مع روسيا شريان حياة اقتصاديا وعسكريا حيويا لبيونغ يانغ في ظل العقوبات الغربية المستمرة.
وقال ليم: "بناءً على التحالف الاستراتيجي بين كوريا الشمالية وروسيا، من المرجح أن تتجه بيونغ يانغ نحو تطوير أسلحة مشتركة، وتدريبات عسكرية مشتركة، ونقل التكنولوجيا، وزيادة الاعتماد المتبادل اقتصاديًا وعسكريا".
وأرسلت كوريا الشمالية أكثر من 14 ألف جندي وملايين الذخائر، بما في ذلك الصواريخ والقذائف، للمساعدة في الغزو الروسي، وفقًا لتقرير صادر عن فريق مراقبة العقوبات متعدد الأطراف، وهي مبادرة تضم 11 عضوًا من الأمم المتحدة.
وفي المقابل، زودت روسيا كوريا الشمالية بالأسلحة والتكنولوجيا القيّمة، بما في ذلك الدفاع الجوي، والصواريخ المضادة للطائرات، وأنظمة الحرب الإلكترونية، والنفط.
وخلص التقرير إلى أن هذه الإجراءات "تسمح لكوريا الشمالية بتمويل برامجها العسكرية ومواصلة تطوير برامجها للصواريخ الباليستية، وهي نفسها محظورة بموجب قرارات متعددة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، واكتساب خبرة مباشرة في الحروب الحديثة".
العراق وليبيا وإيران ودروس التدخل الأمريكي
ووفقًا لفيكتور تشا، رئيس قسم الشؤون الكورية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن كيم يرى أن العمليات العسكرية الأمريكية الأخيرة في إيران تتبع منطقًا مُقلقًا: فالدول التي لا تمتلك أسلحة نووية، من العراق وليبيا إلى إيران، عُرضة للتدخل الأمريكي.
وكوريا الشمالية، التي طورت صواريخ بعيدة المدى، ترى أن ترسانتها غير قابلة للتفاوض.
وبحسب لتشا، من المرجح أن تترك الضربات الجوية الأمريكية ضد الأصول النووية لطهران انطباعًا دائمًا على نظام كيم.
وقال: "الضربات على إيران لن تُؤكد إلا أمرين بالنسبة لكوريا الشمالية، وكلاهما لا يُناسب السياسة الأمريكية، أولًا: لا تملك الولايات المتحدة خيار استخدام القوة ضد البرنامج النووي لكوريا الشمالية كما كان لديها في إسرائيل ضد إيران، وثانيًا: الضربة تُؤكد فقط في ذهن كيم جونغ أون قناعته بالسعي إلى امتلاك ترسانة نووية والحفاظ عليها".
والتناقض بين إيران وكوريا الشمالية صارخ، لا سيما فيما يتعلق بالقدرات النووية.
وقال ليف إريك إيزلي، أستاذ الأمن الدولي بجامعة إيوا في سيول: "برنامج بيونغ يانغ النووي أكثر تطورًا بكثير، حيث من المحتمل أن تكون الأسلحة جاهزة للإطلاق على أنظمة إطلاق متعددة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية العابرة للقارات"، في إشارة إلى الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي يمكنها السفر حول العالم، لمسافة أبعد بكثير من أي صواريخ تمتلكها إيران.
وأضاف: "يمكن لنظام كيم تهديد الأراضي الأمريكية، وسيول تقع ضمن نطاق العديد من الأسلحة الكورية الشمالية من مختلف الأنواع".
وعلى النقيض من ذلك، لم تطور إيران بعد سلاحًا نوويًا قابلًا للإطلاق، وظل تخصيب اليورانيوم لديها أقل من الحد المطلوب للتسليح، وفقًا لأحدث تقييم للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
كما أنها سعت لسنوات من الدبلوماسية مع الولايات المتحدة والقوى الغربية بشأن برنامجها النووي، وهي دبلوماسية كان من المفترض أنها لا تزال قائمة عندما أمر ترامب.
مجموعة من أدوات الردع
يُعتقد أن كوريا الشمالية تمتلك ما بين 40 و50 رأسًا حربيًا، بالإضافة إلى وسائل إيصالها عبر المنطقة وربما إلى البر الرئيسي الأمريكي.
وحذر ليم من أن "أي هجوم على كوريا الشمالية قد يثير خطر اندلاع حرب نووية شاملة"، وأضاف أنه بموجب معاهدة التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، سيتطلب العمل العسكري الأمريكي ضد كوريا الشمالية أيضًا التشاور المسبق مع الحكومة الكورية الجنوبية، وهي خطوة تحمل تداعيات سياسية وقانونية.
وتابع: "هناك أيضًا قوى خارجية يجب أخذها في الاعتبار، فعلى عكس إيران، تربط كوريا الشمالية معاهدة دفاع مشترك رسمية مع روسيا، والتي تسمح لها بالتدخل تلقائيًا في حالة وقوع هجوم".
ومن المرجح أن تعزل عوامل الردع مثل القدرة النووية، والتحالفات الإقليمية الأمريكية، والدعم الروسي- بيونغ يانغ عن نوع العمل العسكري الأحادي الذي مارسته واشنطن في إيران.
وفي النهاية، قال ليم إن الضربة على إيران قد لا تكون رادعًا لانتشار الأسلحة النووية، بل مبررا، وقال: "سيعمق هذا الهجوم انعدام ثقة كوريا الشمالية بالولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يكون بمثابة حافز لتغيير في سياستها الخارجية، لا سيما من خلال تعزيز وتعميق التعاون العسكري مع روسيا".
إقرأ المزيد