تقييم استخباري دنماركي: حرب كبرى مع روسيا خلال 5 سنوات
العربي الجديد -

مناورات لحلف الناتو على الحدود الإستونية مع لاتفيا، 26 مايو 2022 (Getty)

نشر جهاز الاستخبارات العسكرية (الدفاع) الدنماركي إف إي (FE ويشمل عمله الخارج أيضا)، اليوم الثلاثاء، تقريره الذي يقيم فيه إمكانية اندلاع حرب كبيرة في أوروبا خلال السنوات القادمة. ويرجح التقرير الأمني العسكري استعداد روسيا لاستخدام القوة العسكرية في حرب إقليمية ضد واحدة أو أكثر من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) الأوروبية، خصوصا إذا رأت أن الناتو ضعيف عسكريا أو منقسم سياسيا. واللافت في هذا التقييم استنتاجه وقوع حرب كبرى في أوروبا بعد خمس سنوات، وبدون تدخل الحليف الأميركي.

بدون تدخل واشنطن لحماية الحلفاء

أكد الجهاز الأمني العسكري على أنه إذا ما توقفت الحرب في أوكرانيا، أو جرى تجميدها، فإن روسيا "ستكون قادرة على تحرير موارد عسكرية كبيرة وبالتالي زيادة قدرتها العسكرية على تشكيل تهديد مباشر للحلف الأطلسي". ويضيف التقييم أنه في غضون ستة أشهر من تجميد الحرب الأوكرانية ستكون روسيا "قادرة على خوض حرب محلية مع بلد حدودي (لروسيا)". وخلال عامين ستشكل موسكو "تهديدا موثوقا لدولة أو أكثر من حلف الأطلسي الأوروبية، وبالتالي ستكون مستعدة لخوض حرب إقليمية ضد عدة دول في منطقة بحر البلطيق".

ويسود قلق خاص لدى الدول السوفييتية البلطيقية الصغيرة السابقة، إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، بالإضافة إلى توترات متزايدة في عموم منطقة البلطيق منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014. وتزايدت المشاحنات في المنطقة بعدما انضمت رسميا كل من فنلندا والسويد إلى حلف الأطلسي، كردة فعل على الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022.

التقرير الاستخباري للجهاز العسكري (وينظر إليه بمصداقية عالية في الدول الإسكندنافية)، يقرأ بقلق مسألة تفرد روسيا بالدول الأوروبية "فخلال خمس سنوات ستكون روسيا مستعدة لحرب واسعة النطاق في القارة الأوروبية، والتي لن تتورط فيها الولايات المتحدة".

عدم تدخل الحليف الأميركي يزيد من احتمال توجس الأوروبيين من سياسات الرئيس دونالد ترامب بشأن نظرته إلى العلاقة عبر الأطلسي، والتي تبقى محكومة بالمصالح الأميركية قبل أي مصلحة أخرى للحلف الغربي. وزاد في الساعات الأخيرة منسوب غياب اليقين بشأن تلك السياسات بعد تناقل الوكالات تصريحات ترامب الأخيرة، والتي اختزلتها بجملة إخبارية تقول: "ربما تصبح أوكرانيا روسية في المستقبل".

بالإضافة إلى فتح ترامب ما يشبه حربا تجارية مع القارة، ووضعها في مرتبة "الأعداء"، كما ينظر إلى الصين، والإصرار على انتزاع جزيرة غرينلاند من الدنمارك الصغيرة، والتي استطاعت أن تحشد دول الاتحاد الأوروبي خلفها لرفض التلويح بالقوة والعقوبات الاقتصادية لفرض تنازلها عن الجزيرة الضخمة في القطب الشمالي.

روسيا تبني عسكرياً وتكنولوجياً منذ 2022

يكشف التقييم الاستخباري العسكري الدنماركي عن أن روسيا ومنذ عام 2022، وبالتوازي مع جهودها الحربية في أوكرانيا، قامت بإعادة بناء وإصلاح كبرى للقوات العسكرية في البلاد، وذلك لتعزيز الحشد العسكري بهدف رفع القدرة على القتال. وكان الجهاز نفسه قد قدم في تقرير سابق "آفاق 2024" نظرة مختلفة عن تلك التي رأت إعلاميا أن قدرات روسيا انهارت، مشددا على أن الجهد العسكري استطاع إعادة البناء خلال 2024.

ويوضح التقييم أن روسيا باتت بالفعل قادرة على خوض حرب ضد دول الناتو "فقد قامت بالفعل بترقية قدراتها على تحديث المعدات العسكرية، كما قامت بتحسينات كبيرة في مجال التكنولوجيا"، وذلك إلى جانب أن "الإنتاج العسكري الروسي زاد بالقدر الذي يجعلها تتسلح أكثر في مواجهة الحلف الأطلسي".

إلى ذلك، ووفقا للتقييم، فإن روسيا "ترى نفسها في صراع مع الغرب وتستعد للحرب ضد الناتو الأوروبي". وتجري موسكو تقييمات بشأن ما إذا كانت تلك المواجهة يمكن أن تفعّل المادة الخامسة من ميثاق الأطلسي (تدور حول التزام الدفاع الجماعي عن أي دولة عضو تتعرض لاعتداء).

في هذا السياق، يرى التقييم أن روسيا باتت أكثر استعدادا لاستخدام القوة العسكرية، مستغلة ضعف الحلف الغربي عسكريا وانقساماته السياسية. وترى موسكو أيضا، بناء على التقييم الاستخباري، أن واشنطن لا تستطيع أو لن تدعم الأطلسيين الأوروبيين. وخلال عامين من المحتمل قيام روسيا بتهديد دولة أو أكثر لإظهار استعدادها لخوض حرب تمنع تهديد أراضيها، إذ تحتاج لخمس سنوات للقيام بحرب واسعة النطاق في القارة الأوروبية.

قدم التقرير صورة عن التمدد العسكري الروسي نحو القطب الشمالي "فباتت تعطي أولوية للمنطقة، وستظهر قوتها من خلال السلوك العدواني والتهديدي، وبصورة أكبر مما شهدناه وفي سياق خطط روسية بعيدة المدى لمنطقة القطب الشمالي بأكملها"، مشدداً على أن روسيا هي القوة العسكرية الأكبر في القطب الشمالي، وأنها جددت عقيدتها البحرية فيها منذ 2022، وتريد السيطرة تماما على المناطق البحرية الواقعة شمال أراضيها الرئيسية وعلى كل الطريق حتى القطب الشمالي.

لا يستبعد التقييم الصادر عن الاستخبارات العسكرية الدنماركية أن تكون الدنمارك جزءا من توسيع الحرب الروسية على دول ناتو أوروبية. لكن التقييم يستبعد احتمال شن روسيا هجوماً عسكرياً منتظماً على جزيرة غرينلاند وجزر الفارو، وذلك بسبب السياق الأميركي الذي تريده روسيا أن يبقى بعيداً عن القارة.

سيناريوهات مختلفة قدمها التقييم بشأن لعبة روسيا لاستبعاد تفعيل المادة الخامسة من ميثاق الناتو، وبينها خوض حرب هجينة وإظهار القوة لتأكيد تفوقها الإقليمي. ويمكن أيضا أن تدفع بطيرانها الحربي بالقرب من السفن البحرية الغربية أو محاكاة هجمات على سفن وطائرات غربية أو إطلاق الأسلحة بالقرب منها. ختاما، أشار التقرير إلى أنه يستخدم مؤشرا إلى احتمال وقوع الحرب بعد خمس سنوات بحيث تراوح بين 60 و90%، بينما في السابق كان يضع احتمال وقوعها بين 40 و60%.



إقرأ المزيد