قدورة فارس يطالب بالتراجع عن تحويل ملف الأسرى لـ"التمكين الاقتصادي"
العربي الجديد -

طالب رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطيني قدورة فارس، اليوم الثلاثاء، بسحب المرسوم الصادر عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس القاضي بإلغاء المواد الواردة بالقوانين والنظم المتعلقة بنظام دفع المخصصات المالية لعائلات الأسرى، والشهداء، والجرحى، في قانون الأسرى واللوائح الصادرة عن مجلس الوزراء ومنظمة التحرير الفلسطينية، ونقلها مع برنامج المساعدات الإنسانية إلى المؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي.

وقال فارس، خلال مؤتمر صحافي، عقدته مؤسسات الأسرى في مقر الهيئة في مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، إنه يطالب بسحبه فورا، مشيراً إلى أنه فوجئ أمس الاثنين، بمرسوم من الرئيس عباس يقضي بإلغاء قانون الأسرى والأنظمة المتعلقة بالشهداء والجرحى، معتبرا أن قرارا من هذا المستوى كان يجب أن يناقش في الأطر الحزبية والوطنية كافة.

واتهم فارس بشكل غير مباشر من قال إنهم مستشارين وصفهم بـ"المضللين والضالين والمضلين"، باختراع ما أسماها مبررات واستدارات. وناشد فارس عباس بصفته رئيس دولة فلسطين ورئيس منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، الاستماع لصوت الأغلبية الساحقة للشعب الفلسطيني، قائلا: "لا يجتمع الناس على ضلالة".

وتابع فارس: "أنا أناشده وهو من الرعيل الأول الذي أطلق المجموعة التي أطلقت الرصاصة الأولى وأقول له: هؤلاء أبناؤك، وأبناؤهم وزوجاتهم وعائلاتهم هم أبناؤك، وهذه مسؤولية نسأل عنها يوم العرض العظيم، أناشدك أن نتدارك وأن يتم سحب المرسوم، وإن كان هناك داعٍ لقرار ما، فأنا أؤمن بدور المؤسسات فلتتخذ هي القرار، وهذا معمول به في المؤسسات الفلسطينية، فنحن في امتحان وابتلاء كبير، حيث توجد حكومة يمينية قاتلة مجرمة نريد التفكير بعضنا مع بعض كيف نواجهها".

واعتبر فارس قانون الأسرى والمحررين، والأنظمة واللوائح التي تضبط هجمة عوائل الشهداء والجرحى اللوحة الأجمل في البيت الفلسطيني، حيث لم يختلف عليها أحد وكل الفصائل لم تتطاول على هذا القانون أو تنتقده. وقال فارس إن الأمر كان قد عرض عليه عدة مرات، وكان قد استشير في مراحل سابقة حوله، وكان يجيب في كل مرة بأن مثل هذا الأمر يمكن نقاشه حين يكون هناك عرض سياسي من الوزن الثقيل، وحينها يمكن مناقشته.

وكشف فارس أنه وقبل 11 شهرا وفي ضوء الجهود المحمومة كما أسماها، التي مارسها كل المنافقين وأعداء الحرية، قبل ببعض الاستدارات، في ضوء توجيهات من عباس بأن يتم العمل على الأمر بما لا يتعارض مع الحقوق المعنوية والمادية للأسرى وعوائل الشهداء والجرحى.

وأكد فارس أن من ضمن المقترحات كان تقسيم الرواتب العالية للأسرى وعوائل الشهداء، لأكثر من وكيل، وأن يتم إعداد الكشوف في هيئة الأسرى وتسليمها لمؤسسة تمكين دون المساس بحقوق الأسرى، وهي تقوم بصرفها، لكنه أشار إلى أن المرسوم يجعل من مؤسسة تمكين المسؤولة وهي مؤسسة أهلية كما قال وليست رسمية، وكذلك، ستقوم بزيارات لمنازل الأسرى والكشف على وضعهم الاجتماعي، رافضا ذلك.

وحول سبل التعامل مع الضغوطات على السلطة الفلسطينية، قال فارس: "نعم نحن في قضية معقدة والخصوم كثر، لمَ لا تكون هناك استدارات وتكتيكات؟ ولكن المبدأ نبحثه ونتفق عليه، وأنا شخصيا كنت أقول إذا عرض علينا عرض سياسي باتجاه عملية سياسية؛ ستقوم بموجبها دولة فلسطينية، لكن الثمن الأسرى، كنت لأقول إن الأسرى سيوافقون وبعد الدولة سنعوضهم، ولكن لا يوجد عرض سياسي ولا يوجد مقابل"، متسائلا فما الهدف؟

وأكد فارس أن موضوعا بهذا الحجم يحتاج إلى نقاش في كافة الأطر الحزبية والوطنية، قائلا: "إذا كان اعتماد يوم الأسير الفلسطيني تم باجتماع للمجلس الوطني، فعلى الأقل يجب عقد اجتماع للمجلس المركزي لمثل هذا المرسوم وأن يناقشه ويتخذ القرار ويتحمل المسؤولية عنه".

هيئة شؤون الأسرى والشهداء (العربي الجديد)

وناشد فارس اللجنة المركزية لحركة فتح والمجلس الثوري وكل الأطر التنظيمية الوقوف عند مسؤولياتهم، محذرا في المقابل من توظيف موضوع المرسوم في إطار مناكفات حزبية، بل أن يتم التعامل معه ضمن اعتبار عملي. وطالب فارس برد الموضوع إلى المؤسسات الفلسطينية لتدرسه ويتحمل الجميع المسؤولية عنه، متسائلا: "لماذا يتم بهذه الطريقة؟".

وقال فارس، إنه شخصيا حين لمح إلى أن موضوع إلغاء قانون الأسرى ليس مجرد استدارات أو تكتيكات من أجل درء أخطار عن الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية، حذر من المسّ بالقانون، وأكد أن اللوائح التنفيذية أقرت بمجلس الوزراء، وإن كان الموضوع متعلقاً بالرواتب فقط، فيمكن إيجاد مخارج لتعديل اللوائح. وأضاف: "قلت لبعض الأشخاص الذين كانوا مصرين على إلقاء كرة اللهب في حضن الرئيس، إنه يمكن أن نجد مخارج لجدول الرواتب ولكن دون أن يغير الرئيس القانون، ولكن كان هناك إصرار من البعض لرمي الأمر في حجر الرئيس لتغيير القانون وقد كان هذا الخطأ الكبير".

وفي إجابة عن سؤال "العربي الجديد" حول الشق المعنوي للقرار، قال فارس، إنه هو وآخرين في المجلس التشريعي الأول بعد تأسيس السلطة الفلسطينية، كانوا يفكرون في إقامة وزارة المجاهدين أسوة بالجزائر، لكن تم الاتفاق بعد النقاش على استحداث وزارة للأسرى، مؤكدا أن القضية لم تكن مادية، ولو كانت كذلك لتم تحويل عوائل الأسرى إلى وزارة المالية، ولكن كان الأمر متعلقا بإنشاء كيانية ترمز للأبطال الذين كافحوا وترمز لنضالهم، وأن لهم عنوانا.

وتابع فارس: "مع احترامنا لكل فئات المجتمع الفلسطيني، لكن عنوان الأسرى ليس المؤسسات الاجتماعية سواء كانت الأهلية أو الرسمية، فهؤلاء جزء من الكينونة الوطنية الفلسطينية، وهم الجزء الأجمل والأرقى، فلذلك يجب أن يكون لهم عنوانهم". وقال فارس إن الأسرى حين ناضلوا لم يناضلوا بشكل منفرد أو بقرارات شخصية بل تنفيذا لسياسات من الفصائل، ووفقا للفطرة الإنسانية.

وحول خطواته القادمة في حال لم تتم الاستجابة، قال فارس إن الأمر ليس قضية فردية، وهو قد علق الجرس لكن على الناس أن تطالب بحقوقها حسب وصفه. وذكّر فارس بمواقف عباس السابقة بما يتعلق برواتب الأسرى وعوائل الشهداء والجرحى، قائلا إنه "وخلال 77 عاما لم يمر شهر واحد دون أن تكون القضية الفلسطينية معرضة للتصفية، ولذلك اتخذ الشعب الفلسطيني قرارا بالصمود، وقال لا للإملاءات والضغوط، وعبر عباس عن هذا الموقف الجماعي". وقال فارس، عن ذلك من على أعلى منصة في الأمم المتحدة؛ بقوله "إن هؤلاء مناضلون ورموز كفاح وأبطال ولن نتخلى عن مسؤوليتنا تجاههم لو بقي معنا قرش واحد سندفعه لهم".

بدوره، اعتبر مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات" حلمي الأعرج أن الفلسطينيين أمام لحظة تاريخية فاصلة تتحدد على أساسها أمور كثيرة، وفي صراع دامٍ مع الاحتلال الإسرائيلي على الأرض والقضية ومكانة الأسرى النضالية والسياسية والكفاحية، بحيث لا يمكن حصر أمر رواتب الأسرى وعوائل الشهداء في الجانب المالي والمادي على أهميته، لكنه أمر وطني سياسي بامتياز.

وأكد الأعرج أن الاحتلال ومن ورائه الإدارة الأميركية يحاولان ابتزاز الشعب الفلسطيني وقيادته من خلال قضية وطنية سامية، معتبرا أن هناك حالة إجماع وطني شامل على هذه المكانة وعلى الدور وعلى الحقوق لهم، وأعاد الأعرج المطالبة بسحب المرسوم، خاصة في توقيته بالإضافة إلى مضمونه وأبعاده وتداعياته.

وقال الأعرج: "اليوم الأسرى على أبواب الحرية، لكنهم يواجهون التنكيل الإسرائيلي بهم، ونواجه والضغط والابتزاز الأميركي ومحاولة استعمار واحتلال وتهجير أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، إضافة لإغلاق وكالة أونروا ومحاربة مؤسسات الأمم المتحدة، وتجويع الشعب الفلسطيني وتدمير البنية التحتية، وإبادة جماعية أخرى في الضفة الغربية بالإضافة لكل ما جرى في قطاع غزة؛ يعتقدون بأننا في أضعف حالاتنا لتمرير الإملاءات على السلطة الفلسطينية وقيادة الشعب الفلسطيني، لكننا نقول إننا بأقوى حالاتنا وغزة هي أكبر شاهد وموقف المقاومة بتجميد عملية التبادل ما لم يحظ أهل غزة بما نص عليه الاتفاق هذا دليل قوة وليس دليل ضعف".

وأضاف: "الرد على الضغوطات والإملاءات والابتزازات مهما كان اسمها وأياً كان توقيتها هو بالوحدة الوطنية الفلسطينية وبوحدة الحركة الأسيرة والأسرى المحررين وعائلات الأسرى والقوى السياسية وكل الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده لإفشال والتصدي لكل المخططات التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس وفي قطاع غزة".



إقرأ المزيد