العربي الجديد - 1/22/2025 5:11:00 AM - GMT (+3 )
عناصر من الشرطة بسجن القناطر، 27 ديسمبر 2020 (خالد دسوقي/فرانس برس)
أفادت معلومات توفرت لـ"العربي الجديد"، بأن هناك توجهاً للإفراج عن بعض المعتقلين بالعفو، مع قرب إعلان المراجعة الدورية الشاملة في مجلس حقوق الإنسان بجنيف لملف مصر في يناير/ كانون الثاني الحالي، وذلك بعد إبراز وسائل إعلام مصرية (شبه رسمية) مناقشات الحوار الوطني لـ"قضية الحبس الاحتياطي والعدالة الجنائية"، التي جرت في 23 يوليو/ تموز الماضي، والتي رفعت بعض التوصيات وقوائم بعض المحبوسين إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبلغ عدد هذه القوائم أربعة، ضمت 175 اسماً لمحبوسين إثر دعم القضية الفلسطينية وحقوقيين وصحافيين ومشجعين رياضيين وآخرين.
ويبدو أن هذا التوجه شجع الحركة المدنية الديمقراطية على التقدم بمذكرة إلى النائب العام للإفراج عن المحبوسين احتياطياً. كما شجع النائب العام على التعاطي مع هذا المطلب، ما يعكس توجهاً نحو استجابة "جزئية" لبعض المطالب الحقوقية المتزايدة.
خلت قائمة العفو الرئاسي من أي أسماء محبوسين سياسيين أو نشطاء
ففي الوقت الذي تقدمت فيه الحركة المدنية الديمقراطية في مصر بمذكرة إلى النائب العام تطالب بالإفراج عن المحبوسين احتياطياً على ذمة قضايا سياسية، يبدو أن المشهد السياسي المصري ما زال يرزح تحت وطأة سياسة الاعتقال التعسفي والتضييق على الحريات العامة، ما يُفاقم أزمة حقوق الإنسان في البلاد. وتأتي هذه التطورات في ظل غياب أي استجابة ملموسة للمطالب الحقوقية، وهو ما يبرز بوضوح في قائمة العفو الرئاسي الأخيرة.
خلو العفو من أسماء محبوسين سياسيين أو نشطاءومع اقتراب الذكرى الثانية عشرة لثورة 25 يناير/ كانون الثاني، صدرت قائمة العفو الرئاسي التي تضم 4600 مسجون، لكنها خلت تماماً من أي أسماء محبوسين سياسيين أو نشطاء، واكتفت بالمحكومين في قضايا جنائية. وأثارت هذه الخطوة استياءً واسعاً بين الأوساط الحقوقية والسياسية التي رأت فيها تجاهلاً متعمداً لمطالب الشعب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين.
وعلى الرغم من الحديث الرسمي المتواصل عن تحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وخاصة مع قرب إعلان المراجعة الدورية الشاملة في مجلس حقوق الإنسان، يبقى الوضع تقريباً على ما هو عليه. والدليل على ذلك، قررت نيابة أمن الدولة العليا المصرية، مساء الاثنين الماضي، حبس التيكتوكر المصري محمد أحمد علام الشهير بـ"ريفالدو"، لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات التي تجري معه، وذلك بعدما وجهت إليه 3 اتهامات، هي "الانضمام إلى جماعة إرهابية مع علمه بأغراضها، ونشر أخبار وبيانات كاذبة، والتحريض على ارتكاب جريمة إرهابية". وجاءت هذه الاتهامات على خلفية نشره مقاطع مصورة مناهضة للسيسي، ومنتقدة للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر.
وتقدم وفد من الحركة المدنية الديمقراطية، صباح أول من أمس الاثنين، بمذكرة رسمية إلى النائب العام، لمراجعة موقف المحبوسين احتياطياً على ذمة قضايا حرية الرأي والتعبير تمهيداً للإفراج عنهم. وقد تم تسجيل الطلب برقم 5355 عرائض مكتب فني لسنة 2025. وقد أجرت رئيسة حزب الدستور جميلة إسماعيل، مفوضة من الوفد، مقابلة مع المستشار محمد حسام، رئيس الاستئناف بمكتب النائب العام المكلف من جانب النائب العام لمناقشة العريضة واستلامها. وقامت بشرح تفاصيل العريضة ومطالبة النائب العام بمراجعة ظروف احتجاز كافة المحبوسين وإصدار الأمر بإخلاء سبيلهم. وقد تعهد المستشار محمد حسام بعرض المذكرة على النائب العام.
وغالباً ما تدفع السلطة في مصر بعدم وجود معتقلين سياسيين، مشيرة إلى أن جميع المحبوسين في مصر إما محكوم عليهم في جرائم جنائية أو متهمون يُحاكمون أمام قاضيهم الطبيعي ووفقاً للقانون. وقد أكد المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، خلال مناقشات قانون الإجراءات الجنائية داخل البرلمان، أنه لا يوجد معتقلين في مصر في ظل الجمهورية الجديدة. وأوضح أن الاعتقال كان مرتبطاً بفرض حالة الطوارئ، والتي لم تعد مطبقة. وأضاف أن "جميع المحبوسين يُحاكمون وفقاً للإجراءات القانونية المقررة وبالضمانات الدستورية الواجبة".
سيادة القانون في مصر ليست شعاراًأحمد بهاء الدين شعبان: توفير بيئة سياسية صحية الخطوة الأولى نحو معالجة الأزمات المزمنة التي تواجه مصر
وفي السياق، قال أحمد بهاء الدين شعبان، الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري، لـ"العربي الجديد": "نحن مع سيادة القانون بلا شك، لكن سيادة القانون ليست شعاراً حينما يكون هناك آلاف من الشباب مسجونين بلا جريرة لمجرد أنهم ساندوا الحق الفلسطيني أو تكلموا عن الحرية أو احترام حقوق الإنسان. كيف يمكن الحديث عن احترام حقوق الإنسان في ظل مصادرة المجال العام وحصار القوى والأحزاب المعارضة من كل جهة؟". وأضاف: "لم يعد لثورة 25 يناير وجود، فقد تم العصف بها وبكل من يمثلها أو اقترب منها أو دافع عنها، وتم تصويرها باعتبارها مؤامرة وخيانة وعمالة وتخريباً وفوضى، وهو ما ينتقص من حق الناس في التعبير عن رغبتهم في التغيير والحرية والديمقراطية". وأضاف شعبان: "ما نحتاجه اليوم هو تغيير مناخ الحصار ومصادرة العمل العام، وإطلاق المجال العام، وإنهاء السيطرة الأحادية على وسائل الإعلام. لا يستطيع حزب معارض أو شخص له وجهة نظر مختلفة أن يظهر في وسائل الإعلام الرسمية لطرح رأيه، بينما الأبواب مفتوحة على مصراعيها لمن يؤيد السلطة. نحن في لحظة حرجة تواجه فيها مصر تهديدات من جميع حدودها شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، بالإضافة إلى أزمات داخلية تتمثل في المديونية الضخمة، وتردي أوضاع التعليم والصحة، وارتفاع الأسعار والتضخم، ما يهدد الاستقرار الاجتماعي في الدولة".
واختتم قائلاً: "إذا كانت الدولة تريد حل مشكلات المجتمع بصدق، فيجب أن توفر مناخاً يسمح بحرية التعبير والعمل السياسي، وأن تطبق الدستور الذي أقره الشعب بأغلبية كبيرة في عام 2014. لماذا تُحاصر كل الجماعات والأحزاب التي أيدت ثورة 25 يناير وتُعاملها كأعداء يجب مطاردتهم؟ إن توفير بيئة سياسية صحية هي الخطوة الأولى نحو معالجة الأزمات المزمنة التي تواجه مصر".
إقرأ المزيد