العربي الجديد - 1/22/2025 1:48:09 AM - GMT (+3 )
وزير الدفاع السوري خلال مقابلة مع التلفزيون العربي، 21 يناير 2025 (لقطة شاشة)
استعرض وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، خلال لقاء خاص مع التلفزيون العربي، أولويات وزارة الدفاع والتحديات التي تواجهها الدولة في هذه المرحلة الحرجة. كما تطرق الوزير إلى الجهود المبذولة لتحسين العلاقات مع دول الجوار والمجتمع الدولي، بالإضافة إلى مناقشة قضايا حساسة مثل إلغاء التجنيد الإلزامي، واستمرار وجود تنظيم "داعش" في بعض المناطق، والتدخلات الخارجية، فضلاً عن التعامل مع قضية "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) وتأثيراتها على الأمن القومي السوري. وتواجه سورية مرحلة جديدة من التحديات الأمنية والعسكرية التي تتطلب جهوداً كبيرة لإعادة بناء الدولة وتعزيز استقرارها الداخلي، بالإضافة إلى تعزيز ثقة دول الجوار بها بعد سقوط نظام الأسد.
وخلال اللقاء، بيّن أبو قصرة أن سورية تنعم حاليًا باستقرار نسبي، معتبرًا أن هذا إنجاز، مشيرًا إلى أن الواقع الأمني يتحسن يومًا بعد يوم في البلاد، حيث إن مسألة ضبط الأمن تحتاج المزيد من الوقت، وهناك إجراءات يومية بالتعاون ما بين وزارتي الدفاع والداخلية في هذا السياق. وأشار أبو قصرة إلى أن الأولوية حاليًا هي للانتقال من الحالة الفصائلية إلى وحدات عسكرية منظمة على كامل التراب السوري، لافتًا إلى اللقاءات الدورية ما بين الوزارة وقادة الفصائل، حيث أبدى القادة جميعهم تفاعلًا إيجابيًا باتجاه الانخراط في وزارة الدفاع.
ملف "قسد"بالنسبة لملف "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، أكد أبو قصرة أن الملف تتولاه القيادة العامة حاليًا، ولم يصل إلى الوزارة أي تعليمات للتحرك في هذا الشأن، نافيًا تحريك أرتال عسكرية باتجاه مناطق سيطرة "قسد". وفي ما يخص الأمن القومي للدولة التركية، قال: "لدينا مساعٍ حتى لا تشكل أي خطر على الدولة التركية. لكن إدارة ملف قسد سيكون سواء بالتفاوض أو بالحل العسكري، وذلك ضمن الإدارة الجديدة لسورية".
وعن قضية دمج الفصائل، أكد أبو قصرة أن هناك تجاوباً من فصائل الجنوب السوري بما فيها فصائل السويداء ودرعا، بخصوص الاندماج في الوزارة، التي طلبت الاطلاع على قواعد بيانات هذه الفصائل، بما يخص العتاد والقوة البشرية، لبدء خطوات لاحقة بهدف الاندماج. وأوضح أبو قصرة أن خطاب الوزارة هو خطاب مؤسساتي، ولن تدخل الوزارة مكونات وفصائل بتشكيلاتها، كون هذه الحالة ليست صحيحة، مردفاً: "يجب أن نطبق الحالة المؤسساتية التي تحقق مصلحة وطنية للقوات المسلحة". مشيرًا إلى أن انتقال أجسام إلى وزارة الدفاع أو فصائل بحالها لن يشكل جسما حقيقيًا للوزارة، مشددًا على ضرورة انضواء الفصائل لهيكلية الوزارة، وضمن نظامها الداخلي الذي يتوجب على الجميع الخضوع له، بمن فيهم وزير الدفاع.
وزير الدفاع السوري للتلفزيون العربي: البنية التحتية للقوات المسلحة مدمرة بالكامل وقد وضعنا هيكلية أولية للنهوض بها #سوريا@Rola_Hidar pic.twitter.com/bM0zUEhGNQ
— التلفزيون العربي - سوريا (@AlarabyTvSY) January 21, 2025
وقال أبو قصرة: "نحن اليوم في جانب مرن نتعاطف به مع الجميع بما يحقق مصلحة، لكن هذا الجانب المرن يجب أن يكون له حد بحيث لا يتعارض مع البناء الصحيح لوزارة الدفاع، اليوم إذا كان هامش المرونة كبيرًا جدًا، فهذا سيؤثر في بناء الوزارة". وبخصوص المقاتلين الأجانب في سورية، الذين قاتلوا ضمن غرفة العمليات العسكرية، والذين أبدت بعض الدول استياءها من وجودهم، لفت أبو قصرة إلى أنهم قلة وقدموا التضحيات خلال عملية إسقاط نظام الأسد، وهم ملتزمون بالسياسة العامة للدولة الجديدة، بما يحقق مصالح سورية. مشيرًا إلى وجود دول عدة اعتمدت على مقاتلين أجانب في صفوفها.
وأكد أن الدولة السورية متوجهة إلى بناء علاقات متوازنة سواء مع الدول العربية أو الدول الأجنبية، بما يحقق الاستقرار والمصالح المشتركة. ولفت أبو قصرة إلى أن إلغاء التجنيد الإلزامي مرتبط بكره الشعب السوري للجيش، كون هذا الجيش لعب دورًا في الإبادة، مشيرًا إلى عدم صوابية استخدام التجنيد الإجباري حاليا، لافتًا إلى أن ذلك ممكن في حال ترميم الفجوة ما بين الشعب السوري والجيش.
ويحق لكافة المكونات الالتحاق بصفوف وزارة الدفاع في الوقت الحالي، كون الجيش هو للسوريين، وقال أبو قصرة: "الجيش السوري هو للسوريين. فأي مكون من مكونات الشعب السوري يمكن أن يدخل طوعًا، مثل غيره، فالباب مفتوح عن طريق القوات المسلحة". وتابع أبو قصرة: "وضعنا هيكلية مبدئية للقوات المسلحة. طبعًا البنية التحتية للقوات المسلحة تقريبًا مدمرة. الجيش متهالك بكل أقسامه، بكل هيئاته، بكل تشكيلاته". ولفت إلى أن التركيز في الوقت الحالي منصب على بناء القوة التنظيمية للجيش، وخلق حالة إدارية صحيحة وزرع العقيدة العسكرية.
وتعمل وزارة الدفاع بالتوازي مع وزارة الداخلية على ضبط الأمن، وإخماد بؤر التوتر التي تسبب خللًا في الأمن، حيث يتم ضبط المجرمين والخارجين عن القانون وتسليمهم إلى الجهات القانونية والقضائية. وبخصوص مراكز التسوية، أوضح أبو قصرة أن من يراجعون المراكز يحصلون على بطاقات مؤقتة، ممن كانوا في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، بغاية معرفة مرتكبي الجرائم بحق السوريين، وهذا بهدف ضبط الأمن وتجنب الفوضى، ومحاسبة مرتكبي الجرائم ومرتكبي التعذيب.
وتعمل الحكومة السورية الحالية على ملاحقة تنظيم "داعش"، حيث أكد أبو قصرة وجوده في سورية، وقال: "هناك بنك معلومات لدينا، وفي الحالة السابقة لم يكن هناك تماس جغرافي بيننا وبينهم، ولكن الآن هناك تماس جغرافي، هناك أجهزة مختصة تجمع المعلومات حتى تضع خطة عمل لمكافحة هذا التنظيم". وحول إمكانية استغلال "قسد" لسجون تنظيم "داعش"، أكد أبو قصرة أن هذا الملف أيضًا هو بيد القيادة العامة، وأهم نقطة في الوقت الحالي أن يتم استلام السجون من قبل إدارة سورية الجديدة، من أجل ضبط هذه السجون وعدم خلق حالة من الفوضى. إذا خرجوا من هذه السجون بطريقة أو بأخرى، يمكن أن يكون الأمر كارثيًا في سورية.
الضباط المنشقونوفي ما يتعلق بالضباط المنشقين، قال وزير الدفاع: "التقيت مع كثير من الضباط، شرحنا لهم رؤية الوزارة، وشرحنا لهم أيضًا ما هو دور الضباط في وزارة الدفاع"، وتابع: "طبعًا الضباط سيكون لهم دور أساسي، لكن الضباط هم قسمان: هناك قسم يدخل أفراده على رأس عملهم منذ تاريخ الانشقاق عن النظام، وهم على رأس عملهم يعملون. فهؤلاء الضباط بدأوا في تسليم قاعدة بيانات، وسيتم تفعيلها كمرحلة أولى".
وأضاف: "هناك أفراد شريحة ثانية، هم الضباط الذين انشقوا، وهناك قسم منهم في خارج سورية، وهناك قسم منهم أيضًا موجود في المناطق المحررة سابقًا، ولكن لم يكونوا ملتحقين في الفصائل، ووجهنا رسالة إلى الجميع أن الضباط كلهم يأخذون دورهم بشكل صحيح في المؤسسة، ولكن على مراحل. المرحلة الأولى هي تفعيل الضباط في الفصائل، والمرحلة الثانية هي الضباط الذين هم خارج سورية". مشيرًا إلى عدم وجود إحصائيات دقيقة لأعداد الضباط المنشقين. وأردف أبو قصرة: "التقيت مع سيادة العقيد رياض الأسعد في لقاء خاص، وشرحت له ما يخص ملف الضباط المنشقين. العدد كبير جدًا، لذلك نحن يجب أن نفعله بطريقة قانونية وطريقة صحيحة".
العلاقة مع إيرانوعن العلاقة مع إيران، قال الوزير: "ما نقوله هو أننا لم نعتد على إيران، هم الذين تعدوا على البلاد، ودخلوا إلى سورية، وشاركوا في إبادة الشعب السوري"، وتابع: "بالنسبة للمكون الشيعي أو المراقد، هي من مهام الدولة الجديدة. وهذا المكون يجب أن يمارس حقوقه ضمن ضوابط الدولة، ونحن مسؤولون عن إدارتهم، ليس إيران مسؤولة عن إدارتهم، لأنهم سوريون وموجودون على الجغرافية السورية".
وزير الدفاع السوري للتلفزيون العربي: إلغاء التجنيد الإجباري سببه نفور السوريين من الجيش نظرا للجرائم التي ارتكبها #سوريا@Rola_Hidar pic.twitter.com/5qZ8iPlQ6F
— التلفزيون العربي - سوريا (@AlarabyTvSY) January 21, 2025
ويجب أن تبتعد إيران عن التدخل في إدارة سورية وفق أبو قصرة، وأن تبني علاقات دبلوماسية صحيحة مع إدارة سورية الجديدة. مضيفًا: "حتى الآن تصريحاتهم بالأمم المتحدة سلبية. ولكن على الأرض لم نلمس أي تحرك، نحن نرى تحريضًا، لكن توجه الإدارة السورية الذي ذكرته أن أفراد المكونات الموجودة هم سوريون، فنحن نتولى إدارتهم، ونعطيهم حقوقهم وفق قانون وضوابط البلد، وليس من حقهم التدخل في الجغرافية السورية".
الوجود الروسيأيضاً أشار أبو قصرة إلى أن القيادة العامة السورية هي التي تتولى مسألة الوجود الروسي، أما الشكل النهائي لهذا الوجود فلم يتضح حتى الآن، وليس لدى الوزارة توجيهات للتعامل مع روسيا، وإنما نقول إن هناك مفاوضات تتولاها الرئاسة بتعاون مع وزارة الخارجية. ففي النهاية إذا حدث أي توجه جديد، سيتم إبلاغنا فيه، حتى نحن نتعامل كوزارة الدفاع بطريقة قانونية.
وأوضح: "كان هناك انتشار للقوات الروسية في كثير من الجغرافيا السورية، بعد التحرير، تم جمع كل القواعد الروسية في حميميم وفي قاعدة بانياس في طرطوس، قسم تم نقله إلى روسيا. لكن حاليًا الوُجود الروسي موجود في بانياس وقاعدة حميميم".
رسالة سورية لدول المنطقةوشدّد الوزير على أن سورية لن تكون منطلقاً لأي تهديد، لا للإقليم ولا حتى للدول جميعاً. مضيفاً: "نطمح لبناء علاقات متوازنة، هذه العلاقات تحقق مصالح لسورية. لكل من يعرف أن سورية بلد مدمر، بلد خرج من حرب 14 سنة. وبالتالي نطمح لتحقيق استقرار، لإفساح المجال سواء لبناء التنمية الاقتصادية أو إعادة الإعمار، وبناء القوات المسلحة بشكل جيد. ونطمح أيضًا لتحقيق علاقات إيجابية تنمو وتتطور مع الدول العربية وأيضًا مع الدول الأجنبية".
إقرأ المزيد