العربي الجديد - 1/21/2025 6:53:52 PM - GMT (+3 )
خلال تظاهرة للحريديم ضد التجنيد، 15 يناير 2025 (Getty)
في الوقت الذي يوغل فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي بعدوانه على مدينة جنين شماليّ الضفة الغربية المحتلة، وهو الذي يدعي حاجته الماسّة لآلاف الجنود والعتاد، كتعويضٍ عما تكبده إثر حرب الإبادة على قطاع غزة التي امتدت عاما وشهرين، استُكملت "معركة" أخرى في الكنيست حول الصيغة المقترحة لقانون تجنيد الحريديم للخدمة العسكريّة الإلزاميّة.
وفي الإطار، أوضح رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يولي أدلشتاين، لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، خلال لقاء بشأن مقترح القانون أنه "لا ينوي تدوير الزوايا"، مشدداً على التمسّك بمبادئ القانون المقترحة، في وقتٍ استعرض فيه وزير الأمن، يسرائيل كاتس، ما أُعدَ مبادئ قانون "التهرّب من الخدمة"، وسط اجتماع اللجنة الذي سادته عاصفة من الصراخ في خضم حضور جنود إسرائيليين وذوي أسرى محتجزين لدى حركة حماس، اعترضوا على النقاشات.
ونقلت قناة الكنيست وقائع الجلسة التي هاجم فيها شقيق أحد المحتجزين كاتس، متهماً إياه بدعم المستوطنين الذين ينفذون اعتداءات ضد الفلسطينيين بهدف عرقلة إتمام تطبيق الصفقة، قبل أن يدخل على الخط أحد جنود الاحتياط، صارخاً أنه "فقدت عشرات من رفاقي المقاتلين بينما تتحدثون عن تقريب القلوب"، في إشارة إلى تبرير كاتس اعتداءات المستوطنين. ووسط صراخه، أمر رئيس اللجنة، أدلشتاين، بإخراجه، فيما ظل يصرخ: "حاربت لسنة كاملة، على ماذا تتحاربون هنا؟".
من جهته، اعتبر رئيس المعارضة الصهيونية، يئير لبيد، أن كاتس هو "الوحيد في المنظومة الأمنية الذي لا يحمل عقدة السابع من أكتوبر"، ومع ذلك اتهمه بأنه يُناقش منذ أسبوعين "كيف يكون وزير التهرّب والرفض"، في إشارة إلى دفعه قانوناً لإعفاء الحريديين من التجنيد.
طبقاً للبيد، فإن ما استعرضه كاتس لم يكن قانون تجنيد وإنما "مكافآة"، قائلاً إن وزير الأمن يقترح قانوناً بموجبه "لن يتجند أي حريدي"، فيما على المقلب الآخر "أولادنا سيواصلون الموت، وعائلات الاحتياطيين الانهيار"، في إشارة إلى تحمّل فئتي العلمانيين والصهاينة المسيانيين العبء العسكري وحدهما. وتابع رئيس المعارضة: "لدّي إبنان، لم يقل لي أحد أن على أحدهما أن يتجنّد والآخر لا"، في انتقاد صريح لمقترح كاتس الذي يدعو لتجنيد 50% فقط من الشبان الحريديين في سن التجنيد.
وتابع لبيد مخاطباً كاتس: "الجيش قال إنه بحاجة إلى جنود؛ وهذا ليس وارداً في مقترحك. لأن الأخير عملياً سيجعل الاحتياطيين يواصلون دفع الثمن"، محذّراً من أن مقترح القانون ليس أنه لن يفضي إلى تجنيد الحريديم فحسب، وإنما سيتيح "مواصلة الرفض بحصانة رسمية".
وبالعودة إلى لقاء نتنياهو- أدلشتاين؛ فقد طالب الأوّل الثاني بتسريع النقاشات للتوصل إلى القانون، غير أن المقترح الذي يؤيده أدلشتاين يُعد مغايراً لمقترح كاتس، وفي الوقت ذاته غير مقبول عند الحريديم ما يعيد الائتلاف إلى مربع الأزمة التي تُهدد تماسكه.
وطبقاً لما نقله موقع "واينت" عن مصادر مطلعة على النقاشات، فقد أوضح أدلشتاين أنه يتمسك بقانون تجنيد جديد من شأنه أن يوفر عددا أكبر من العدد الذي يقترحه كاتس، الذي يتحدث عن تجنيد 50% من الحريديم الملزمين بالتجنيد، في خلال سبع سنوات. وقد طالب أدلشتاين بأرقام كبيرة، وبزيادة فترات التجنيد، وبدمج الحريديم بوظائف قتالية وأخرى داعمة للقتال، علاوة على عقوبات فعالة تضمن تطبيق القانون الجديد.
وينظر الائتلاف الحاكم إلى القانون باعتباره يُشكل إحدى العقبات الرئيسية التي قد تؤدي إلى تفكك الحكومة، انطلاقاً من أن القيادة الحريدية ترفض التعاون مع خط أدلشتاين، في وقت يُفقد فيه الدعم لمقترح كاتس الذي لم يظهر الحريديون أساساً رضاهم به.
وفي السياق، رأى وزراء في "الليكود" الحاكم أنه إذا لم ينجح أدلشتاين بالتوصل لصيغة تحقق مصالح الائتلاف، فسيكون لزاماً تغييره وتعيين آخر في منصبه رئيسا للجنة الخارجية والأمن. غير أنه وفق الموقع "المسألة وراء الكواليس معقدة أكثر"؛ إذ ثمة انقسام في المواقف داخل "الليكود" ذاته، خصوصاً وأن أدلشتاين يحظى بدعم جهات كبيرة بالحزب، تطالب بقانون فعّال من شأنه أن يحدث نقلة نوعية في تجنيد الحريديم، لا بقانون على هيئة "لاصق جراح".
عدا أدلشتاين ثمة أعضاء في "الليكود" ينقلون لمكتب نتنياهو رسائل مماثلة، وبين هؤلاء أعضاء الكنيست موشيه سعدة ودان إيلوز؛ ثم إن استقالة وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، من الحكومة، تضع علامة استفهام حول موقف "عوتسماه يهوديت" من الصيغة المقترحة للقانون، وهي صيغة قد تُهدد أساساً الاستقرار الحكومي.
كاتس من جهته، صرّح بأنه يطمح لدمج عشرات آلاف الحريديم في الجيش، من خلال "الحفاظ على نمط حياتهم المحافظ"، لكنه أوضح أن تجنيد هؤلاء سيكون متاحاً "فقط في حال التوافق"، فيما تصعب الصيغة المقترحة ما تقدّم لأنها تدعو لفرض عقوبات اقتصادية تحديداً على المتهربين من أوامر التجنيد، وليس فقط على "اليشيفوت" (المعاهد الدينية التوراتية).
وفي وقت سابق، قال رئيس حزب "شاس" الحريدي، أريه درعي، في مقابلة مع راديو "كول برما" إن "الأمر المهم الآن هو تمرير قانون التجنيد"، مضيفاً: "ثمة مسألة مع ادلشتاين، وأنا اتمنى على رئيس الحكومة حلّها". وأمس الاثنين، خلال جلسة كتلة "يهوداة هتوراة" الحريدية أيضاً، عادت المسألة إلى التداول، وجزء من أعضاء الكتلة اقترح خيار العودة إلى مقاطعة جلسات التصويت وحتى التصويت ضد القوانين المهمة للائتلاف في خطوة من شأنها أن تشكل ضغطاً على نتنياهو لدفعه إلى تقديم قانون يضمن التهرّب من الخدمة.
والعودة للمقاطعة ليست خياراً مستبعداً؛ إذ كما نقل موقع "واينت" فإن عضو كنيست من الكتلة قال خلال الجلسة: "لا يعقل أن نواصل التصويت على قوانينهم، بينما المسائل المهمة بالنسبة لنا لا يدعمونها. لقد سئمنا من أن نكون بُلهاء"، في إشارة إلى أن مقترح كاتس الذي يُعد مُخففاً لا يلقى رضى الحريديم.
إقرأ المزيد