مدونة الأسرة في المغرب تدخل مرحلة الحسم
العربي الجديد -

الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى بايتاس في صورة متداولة (فيسبوك)

قرّرت الحكومة المغربية، اليوم الخميس، تشكيل لجنة وزارية ستضطلع بالصياغة القانونية لمدونة الأسرة (قانون الأحوال الشخصية)، في وقت تطرح فيه العديد من الأطراف في المجتمع تساؤلاً بشأن رهانات التعديل وإشكاليات المقاربة. وأعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، في المؤتمر الصحافي الذي عقد عقب الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة، أن الأخيرة قررت تشكيل لجنة للصياغة القانونية لمدونة الأسرة، تتشكل من القطاعات المعنية بمراجعة هذه المدونة.

وحسب الناطق الرسمي باسم الحكومة، تضمّ اللجنة وزارة العدل، والأوقاف والشؤون الإسلامية، والتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، والأمانة العامة للحكومة "التي تقرر الاستعانة بخبرتها في هذه اللجنة". كما ستشمل كفاءات قانونية وفقهية، ويمكنها الانفتاح على كفاءات أخرى. إلى ذلك، عبّر المسؤول الحكومي عن استنكار الحكومة ما سماه محاولة الإساءة للمجلس العلمي الأعلى والتنقيص من رأيه في بعض القضايا الشرعية، وترحيبها بالملاحظات الصادرة عن العلماء والباحثين الرامية إلى تجويد النص.

ويأتي تشكيل اللجنة بعد تكليف العاهل المغربي، في 23 ديسمبر/ أيلول الماضي، رئيس الحكومة عزيز أخنوش وأعضاء حكومته بالتواصل مع الرأي العام، وإحاطته علماً بمستجدات مراجعة المدونة، والتي ستسهر الحكومة، داخل آجال معقولة، على حسن بلورتها وصياغتها في مبادرة تشريعية طبقاً لأحكام الدستور المغربي.

وفي السادس من يناير/ كانون الثاني الحالي، أعلن مجلس النواب المغربي، تأجيل اجتماع كان مخصصاً لمناقشة تعديلات مقترحة مثيرة للجدل على قانون الأسرة في البلاد بناء على طلب الحكومة "إلى أجل غير مسمى"، دون ذكر مبررات ذلك. وبتشكيل اللجنة تكون ورش مراجعة مدونة الأسرة في المغرب قد دخلت مرحلة حاسمة، في حين تبدو مهمتها بالغة الحساسية، لما تواجهه من تحديات متعلقة بالتوفيق بين الخصوصية المحلية والمرجعيات الكونية.

وكانت التعديلات المقترحة على مشروع مراجعة مدونة الأسرة خصوصاً ما جرى اعتماده تأسيساً على مقترحات هيئة المراجعة والرأي الشرعي للمجلس العلمي الأعلى، قد لاقت ترحيباً واسعاً من طرف الحركة النسائية في البلاد.

وبينما دأبت العديد من الجمعيات النسائية والحقوقية في المغرب على المطالبة في السنوات الأخيرة، بإجراء تغيير شامل لمدونة الأسرة على خلفية ثغرات في مقتضياتها، بدا لافتاً أن حصيلة عمل الهيئة التي كلفها العاهل المغربي الملك محمد السادس في 26 سبتمبر/ أيلول 2023 بمراجعة المدونة بعد 20 عاماً على دخولها حيّز التطبيق، تسير في اتجاه الاستجابة لتطلعات وانتظارات الحركة الحقوقية النسائية في البلاد.

ويبقى من أبرز التعديلات المقترحة، تخويل الأم الحاضنة بالنيابة القانونية على أطفالها، واعتبار عمل الزوجة المنزلي مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية، ووجوب النفقة على الزوجة بمجرد العقد عليها، وبقاء حضانة المطلقة على أولادها بالرغم من زواجها. كذلك تضمّنت التعديلات جعل "النيابة القانونية" مشتركة بين الزوجين في حال قيام العلاقة الزوجية وبعد انفصامها، وإحداث هيئة غير قضائية، للصلح والوساطة، يكون تدخلها مطلوباً، مبدئياً، في غير حالة الطلاق الاتفاقي، مع حصر مهمتها في محاولة الإصلاح بين الزوجين، والتوفيق بينهما في ما يترتب عن الطلاق من آثار، مع جعل الطلاق الاتفاقي موضوع تعاقد مباشر بين الزوجين دون الحاجة لسلوك مسطرة قضائية، وتقليص أنواع الطلاق والتطليق. ومن التعديلات اللافتة للانتباه أيضاً، حصر المبرر الموضوعي الاستثنائي للتعدد في إصابة الزوجة الأولى بالعقم، أو بمرض مانع من المعاشرة الزوجية، أو حالات أخرى، يُقدرها القاضي وفق معايير قانونية محددة، تكون في الدرجة نفسها من الموضوعية والاستثنائية.



إقرأ المزيد