العربي الجديد - 1/16/2025 6:41:03 PM - GMT (+3 )
فرح في مدينة غزة بعد الإعلان عن التوصل للاتفاق، 15 يناير 2025 (الأناضول)
زعم كل من الرئيس الأميركي الحالي، جو بايدن والمنتخب، دونالد ترامب، أمس الأربعاء، أنّ له الفضل في موافقة إسرائيل وحماس على اتفاق وقف إطلاق النار في غزّة. وبينما لم يتأخر ترامب في التأكيد أنه كان "القوة المحرّكة" وراء الاتفاق، أكد بايدن أنّ الاتفاق جرى التوصل إليه بموجب "الخطوط العريضة الدقيقة" لخطة وضعها في أواخر مايو/أيار الماضي. لكن يبقى، بحسب ما كشفته تسريبات إعلامية، أن الاتفاق كان ثمرة تعاون "لافت" بين فريقي بايدن وترامب.
ونقل موقع "أكسيوس" الإخباري عن مسؤولين من الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وقطر قولهم إن اتفاق وقف إطلاق النار لم يكن ممكناً من دون التنسيق غير المسبوق بين الإدارتين. وأضاف نقلا عن مسؤول أميركي: "بينما وضع ترامب الخطوط العريضة لهذا الاتفاق في أواخر مايو وأمضى شهوراً في الضغط على الأطراف من أجل الموافقة عليه، كان انخراط ترامب السري والعلني قطعة العشرة سنتات التي تنقص الدولار ليكتمل". ونقل عن مسؤول آخر قوله إنّ كلًّا من حماس والاحتلال الإسرائيلي كانت له دوافع أكبر من أجل التوقيع على الاتفاق بعد علمهما بأن الأمر يتعلق بصفقة مع الرئيس الأميركي المقبل، وليس مع بايدن فقط.
من جانبها، نقلت وكالة "فرانس برس" عن مسؤول أميركي رفيع المستوى مطلع على جزء مما دار في كواليس المفاوضات في الأيّام الأخيرة، قوله إن المبعوث الأميركي الجديد الذي اختاره ترامب لمنطقة الشرق الأوسط ستيف ويتكوف سافر قبل أربعة أيام إلى الدوحة حيث عقدت المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل وساهم في "الجهد النهائي" إلى جانب بريت ماكغورك الذي يتولى هذا المنصب في الإدارة الديمقراطية التي تشارف على نهايتها. وأكّد أن هذا التعاون "لا مثيل له على مستوى التاريخ"، مشيداً بشراكة "بنّاءة جدّا ومثمرة جدّا" بين المسؤولين لدرجة تقاسم المهام.
تعاون يتعارض مع العداء السياسيوأفاد المسؤول الأميركي بأنه حين كان مبعوث الرئيس بايدن يشرف على المفاوضات في قطر، "أردنا تبادل وجهات النظر مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فذهب (ستيف ويتكوف) إلى إسرائيل لتولّي المهمّة ثمّ عاد". ولا شكّ في أن هذا التعاون المثمر الذي كُشف عنه النقاب يتعارض مع ما يظهر للعلن من عداء سياسي بين جو بايدن ودونالد ترامب. وبغية انتزاع الاتفاق الذي أُعلن الأربعاء، تطلّب الأمر مناقشات امتدّت "18 ساعة في اليوم" أو أكثر منذ الخامس من يناير/كانون الثاني، وفق المسؤول الأميركي رفيع المستوى. وكشف عن مسار يتقدّم تارة ويتراجع تارة أخرى منذ عدّة أشهر مع استئناف المفاوضات في منتصف ديسمبر/كانون الأول بمبادرة من الولايات المتحدة وإنجاز اختراق بعد عيد الميلاد عندما أعلنت حماس موافقتها على تقديم قائمة بأسماء المحتجزين الإسرائيليين الذين سيتم الإفراج عنهم.
من جهة أخرى، كشف موقع "أكسيوس" أنه في الثاني من ديسمبر زار السيناتور ليندسي غراهام منتجع ترامب في فلوريدا ولعب معه الغولف هناك. وقال غراهام للموقع: "أخبرته أنه إذا أصدر تصريحاً حول الرهائن (المحتجزين) في غزة فإن وقع ذلك سيكون كبيراً"، وهو ما وافق عليه ترامب وحذر في موقف مثير للجدل من أن "الجحيم سيندلع في الشرق الأوسط"، إذا لم يتم إطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل موعد تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني الجاري. وقال ترامب: "لن يكون هذا جيدا لحماس ولن يكون جيدا، بصراحة، لأي شخص، سوف يندلع الجحيم، ولا داعي لقول المزيد، لكن هذا هو الأمر. لم يكن ينبغي أن يحدث هذا أبدا". وحول ذلك ذكر موقع "أكسيوس" عن مصادره المطلعة على المحادثات، أن موقف ترامب خلق حالة من الإلحاح لدى الوسيطين القطري والمصري، وكذلك رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
وصول مبعوث ترامبمن جهة أخرى، ذكر موقع "أكسيوس" أن ويتكوف شدد خلال الاجتماعات التي أجراها بعد وصوله الجمعة مع رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، على أن ترامب يريد التوصل إلى صفقة وبأنه يتوقع من الوسطاء دفع حماس لإبرامها. وأضاف أنه أخبر نتنياهو: "ترامب جدي بشأن هذا الاتفاق، لا تفسد ذلك"، بحسب مصادر مطلعة على المحادثة. وقال كذلك إن ويتكوف طلب من نتنياهو إرسال مسؤولين كبار إضافيين من أجل التفاوض، وأن يخول لهم إتمام الاتفاق، وهو ما وافق عليه نتنياهو، وفق مصدر "أكسيوس".
وحول ذلك، قال غراهام لـ"أكسيوس" إن جميع الأطراف كانت تعلم أن ويتكوف يتحدث نيابة عن ترامب، مضيفا: "الناس في المنطقة لا ترغب في بداية سيئة مع ترامب". وفي هذا الإطار، أشار المسؤول الأميركي لـ"فرانس برس" إلى أنه كما الحال في كلّ المفاوضات الدبلوماسية، "تفرض بعض المهل الزمنية نفسها ومن بينها انتقال السلطة من رئيس إلى آخر"، معتبراً أن الظروف العامة التي "حفّزت هذا المجهود الدبلوماسي تمحورت على هزيمة حزب الله ووقف إطلاق النار في لبنان وانعزال حماس بشدّة".
وكشف أن عدم اليقين ظلّ يخيّم على الجولة الأخيرة من المفاوضات حتّى آخر لحظة، في مبنى كان فيه وفد حماس في الطابق الأول ووفد إسرائيل في الطابق الثاني وحيث بقي الوسطاء القطريون والمصريون يصعدون وينزلون من طابق إلى آخر حتّى ساعات متأخّرة في الليل. وعكف المفاوضون على تسوية "أدقّ التفاصيل"، سواء في قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين ستطلق إسرائيل سراحهم أو في ما يخصّ مواقع تمركز قوّات الاحتلال الإسرائيلي بعد سريان وقف إطلاق النار أو الجهود المبذولة في المجال الإنساني. وأقرّ المسؤول الأميركي الرفيع بأنه لم يتأكّد من أن الاتفاق سيبرم فعلا هذه المرّة إلا "في نهاية فترة بعد الظهر" بتوقيت الدوحة.
إقرأ المزيد