العربي الجديد - 1/16/2025 4:20:09 PM - GMT (+3 )
![](http://pbs.twimg.com/profile_images/955427099942227968/iCwmntVD_normal.jpg)
اقتحامات إسرائيلية لقرى القنيطرة، 10 ديسمبر 2024 (بكر القاسم/الأناضول)
أكدت الإدارة الجديدة في دمشق أن سورية لن تكون مصدر تهديد لأي دولة، بما فيها إسرائيل، التي استهدفت، أمس الأربعاء، لأول مرة رتلا عسكريا تابعا لهذه الإدارة في جنوب سورية، في سياق سلسلة اعتداءات قامت بها بُعيد سقوط نظام بشار الأسد وصلت إلى حد احتلال أراض سورية جديدة. وأكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في تصريحات إعلامية خلال الزيارة الرسمية التي قام بها على رأس وفد إلى العاصمة التركية أنقرة، الأربعاء، أن الإدارة الجديدة في البلاد أرسلت رسائل مفادها أن "سورية لن تكون مصدر تهديد لأي دولة بما فيها إسرائيل"، مضيفا: "كما يريدون أن يحفظوا أمنهم (الإسرائيليون)، يجب أن يحافظوا على أمن الآخرين"، كما أكد التزام الإدارة باتفاقية "فض الاشتباك" الموقعة بين سورية وإسرائيل منذ خمسين عاما، والتي أعلنت تل أبيب أخيرا إلغاءها، متجاوزة بذلك كل القوانين والمواثيق الدولية.
ودعا الشيباني "المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة إلى ممارسة الضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي السورية"، وأشار إلى أن الذرائع التي كانت تستخدمها إسرائيل لقصف سورية، وهي استهداف حزب الله والمليشيات الإيرانية، قد أزيلت، مضيفا: "كان يجب عليهم أن يحترموا سيادة سورية وألا يتدخلوا في الأراضي السورية".
وجاءت تصريحات الشيباني في وقت صعّدت فيه إسرائيل وتيرة تدخلها في جنوب سورية، حيث توغلت آليات تابعة لقوات الاحتلال، صباح الخميس، في قريتي المسيرتية وصيصون في ريف درعا الغربي، جنوبي سورية، بحجة البحث عن أشخاص تدعي اسرائيل أنهم يتبعون لحزب الله، والتفتيش عن أسلحة بيد السكان. كما يواصل الجيش الإسرائيلي عمليات تجريف واسعة في الأراضي السورية، حيث قام مساء أمس الأربعاء بأعمال تجريف لبعض الطرقات بالقرب من بلدات المعلقة وصيدا وأم اللوقس والمسريتية وعين ذكر والقيد، على الحدود الإدارية بين محافظتي القنيطرة ودرعا، قبل ان ينسحب إلى الشريط الحدودي، وفق مصادر محلية.
وللمرة الأولى، استهدفت طائرة مسيَّرة إسرائيلية، أمس الأربعاء، رتلاً تابعاً لإدارة العمليات العسكرية في بلدة غدير البستان بريف القنيطرة، أثناء قيامها بجمع السلاح الذي يحمله المدنيون، ما أدى إلى مقتل عنصرين من الدورية ومختار البلدة.
وللمرة الأولى استهدفت طائرة مسيَّرة إسرائيلية، الأربعاء، رتلاً تابعاً لإدارة العمليات العسكرية في بلدة غدير البستان
وكان أحمد الشرع، قائد الإدارة الجديدة في سورية، قد أكد قبل نحو شهر أن سورية "منهكة من الحرب ولا تشكل تهديدًا لجيرانها أو للغرب". ولكن الجانب الإسرائيلي أوغل في اعتداءاته وتوغله في الأراضي السورية مستغلا الأوضاع التي تمر بها سورية منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر/ كانون الأول من العام الفائت، فأطاح بـ"فك الاشتباك" بشكل كامل، حيث توغلت القوات الإسرائيلية عدة كيلومترات في الأراضي السورية، كما قضمت مساحات جديدة من الأراضي السورية واعتلت قواتها جبل الشيخ، وسيطرت على سد المنطرة، وهو أكبر السدود في جنوب سورية، في ظل عجز الإدارة الجديدة عن التصدي للاعتداءات الإسرائيلية قبل تشكيل جيش وطني.
ونص اتفاق "فك الاشتباك" الموقع في عام 1974، والذي أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انهياره في الثامن من ديسمبر الفائت، على أن "إسرائيل وسورية ستراعيان بدقة وقف إطلاق النار في البر والبحر والجو، وستمتنعان عن جميع الأعمال العسكرية فور توقيع هذه الوثيقة". وحددت الاتفاقية بالتفصيل أماكن انتشار قوات النظام والجانب الإسرائيلي، ومنطقة الفصل بينهما، والتي تبلغ مساحتها حوالي 400 كيلومتر مربع، ورابطت بها منذ ذلك الحين قوة مراقبة تابعة للأمم المتحدة يبلغ عددها 1200 عنصر.
وشنت إسرائيل بعد سقوط بشار الأسد أكبر حملة قصف جوي في تاريخها، حيث دمرت على مدى عشرة أيام أغلب مقدرات سورية العسكرية على امتداد الجغرافيا السورية. وظل اتفاق "فك الاشتباك" هو الناظم للأوضاع في جنوب سورية، ولشكل العلاقة بين دمشق وتل أبيب، ولا سيما أن النظام المخلوع حافظ على هدوء الجبهات مع إسرائيل وفق مضمون الاتفاق رغم الاعتداءات الإسرائيلية على سورية سواء قبل عام 2011 أو بعده.
ورأى الباحث السياسي أحمد القربي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن العودة بالأوضاع في جنوب سورية قبل إعلان إسرائيل انهيار اتفاق فك الاشتباك "ليس بالأمر اليسير"، مضيفا: "إسرائيل تضغط على الإدارة الجديدة للحصول على تنازلات منها بخصوص وجود جيش الاحتلال في جنوب سورية، وخاصة أن إسرائيل تدرك أن سورية في حالة من الضعف من النواحي كافة"، ورأى أن حالة "اللايقين" تطغى على الأوضاع في جنوب سورية"، معربا عن اعتقاده بأن الوجود العسكري الإسرائيلي ربما يستمر في الأراضي السورية خلال الفترة المقبلة وخاصة بعد إلغاء اتفاق فك الاشتباك من قبل إسرائيل.
من جانبه، أوضح المحلل العسكري العقيد فايز الأسمر، في حديث مع "العربي الجديد"، أن إسرائيل "دمرت بواسطة غاراتها الجوية أكثر من 85% من القدرات التسليحية للجيش القادم بعد سقوط نظام الأسد لجعل سورية دولة فاشلة لا تقوى على حماية نفسها". وتابع: "توغلت إسرائيل بريا وسيطرت على 400 كلم من الأراضي السورية على طول الجبهة مع الجولان، وذلك لفرض واقع جديد والتفاوض لاحقا عليه، وإضافة شروط جديدة صعبة على أي اتفاقية قادمة مع إسرائيل لا تتطرق إلى مسألة الجولان السوري المحتل من إسرائيل منذ عام 1967".
إقرأ المزيد