مخاوف في طولكرم من توسع الاقتحام في ظل التهديدات الإسرائيلية
العربي الجديد -

سيدة تجلس على أنقاض محلها الذي دمّره الاحتلال في مخيم طولكرم، ديسمبر 2024 (Getty)

يتخوف أهالي طولكرم ومخيميها طولكرم ونور شمس في الضفة الغربية، من عملية اقتحام واسعة وممتدة وتدميرية، بالنظر أولاً إلى ما جرى خلال اقتحامات سابقة، لا سيما الاقتحام الأخير في 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، والذي ترافق مع قصف جوي، وكذلك بسبب عمليات التحريض الكبيرة التي أطلقها عدد من وزراء الاحتلال وقادة المستوطنين، خلال الأيام الماضية، بعد عملية الفندق التي قتل فيها 3 مستوطنين، والوعيد بتحويل مناطق في الضفة الغربية إلى جباليا وبيت حانون.

أسبوعان يفصلان عدواناً إسرائيلياً كبيراً على مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية، راح ضحيته 8 شهداء في مخيمي طولكرم ونور شمس، عن عدوان جديد تجلّت دقائقه الأولى بعملية ترهيب بطريقة الاقتحام. فعند الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم الأربعاء، اقتحمت 5 جرافات عسكرية بشكل متزامن مخيم طولكرم، مصحوبة بعدد كبير من الجيبات وناقلات الجند الإسرائيلية، ما تسبب بحالة إرباك في الشارع الرئيسي قرب مدخل المخيم، وقد أظهرت مقاطع فيديو نشرتها وسائل إعلام محلية، محاولات الأهالي الفرار بمركباتهم من أمام الجرافات الضخمة التي لم تعر أي اهتمام لوجود مركبات تسير على الطريق.

سرعان ما وصلت تلك الآليات والجرافات إلى عدد من أحياء المخيم وبشكل خاص الأحياء على أطرافه، كما أكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، وبدأت بعمليات تجريف للشوارع في أحياء البلاونة، والمدارس، والربايعة، ومدخل المخيم من جهة مقر المقاطعة، بالتوازي مع اشتباكات مسلحة، وتفجير عدد من العبوات محلية الصنع.

وأكد الناشط المجتمعي من مخيم طولكرم حسين الشيخ علي، لـ"العربي الجديد"، أن طريقة الاقتحام الحالية وعمليات التجريف توحي بأن آليات الاحتلال تقوم بالتهيئة من أجل اقتحام واسع وممتد، حيث بدأت الآليات بتجريف واسع للشوارع في أحياء أطراف المخيم، مع حصار كامل له عبر وضع سواتر ترابية عند كل المداخل بما فيها الطرق الداخلية، ونشر قناصة حول المخيم بشكل كامل، مع ما يرافق ذلك من ردم لبوابات عدد من المحال التجارية بتلك الأتربة وبعضها يتم طمره بشكل كامل.

ورغم عدم وصول الآليات وجيش الاحتلال إلى الأحياء الداخلية التي تشهد عادة الاشتباكات الأعنف، إلا أن عملية الاقتحام الحالية شهدت عمليات اشتباك وتفجير عبوات. وقال الشيخ علي، إن الاقتحام تم في وقت ذروة بالنسبة للناس في المخيم ومدينة طولكرم بشكل عام، ما أدى إلى حالة ارتباك كبيرة للناس وسائقي المركبات والطلبة، بسبب عملية الاقتحام السريعة والكبيرة.

وأدى الاقتحام بشكل أولي بحسب الشيخ علي، إلى تدمير بقايا البنية التحتية، وتلك التي تمت إعادتها بشكل محدود بعد التدمير الواسع الذي حصل خلال الاقتحام الأخير والاقتحامات السابقة، حيث كانت طواقم بلدية طولكرم قد بدأت أمس فقط بإعادة تأهيل جزء من شبكة الصرف الصحي، لوقف تدفق تلك المياه إلى الشارع الرئيسي (شارع نابلس) الذي تستخدمه المدينة بشكل عام.

وأكد الشيخ علي أن أجزاء من المخيم لا تزال تعاني من انقطاع شبكة الكهرباء والمياه، ويتم توفير المياه عبر صهاريج متنقلة بسبب صعوبة إعادة الشبكة بشكل كامل خلال فترات قصيرة بين الاجتياحات المتكررة. وبحسب الشيخ علي، فإن كثيراً من العائلات أيضاً يعاني من عدم وجود مخزون كافٍ من الغذاء بسبب حالة البطالة المتواصلة لمعظم شبان المخيم منذ 15 شهراً، ورغم ذلك، فإن الحاضنة الشعبية لكتائب المقاومة داخل المخيم كبيرة.

وأكد الشيخ علي أن هذا الاقتحام هو رقم 37 للمخيم، وقد ارتقى بعد الحرب على غزة 102 شهيد من داخل مخيم طولكرم، إضافة إلى عدد آخر من مدينة طولكرم ومخيم نور شمس المجاور. من جانبه، أكد منسق القوى الوطنية والإسلامية في طولكرم فيصل سلامة في تصريح له، أن مخيم طولكرم يتعرض لعدوان همجي وبربري غير مسبوق، وتدمير للبنية التحتية من شبكات المياه، والصرف الصحي، والكهرباء، والاتصالات، والشوارع، والبيوت السكنية، والمحلات التجارية، وإجبار السكان على الخروج من منازلهم في ظل الأجواء الباردة، وفرض الحصار العسكري والطوق الأمني الخانق وعدم السماح لسيارات الإسعاف والدفاع المدني بدخول المخيم للقيام بدورها الإنساني.

وناشد سلامة كل مؤسسات حقوق الإنسان التدخل السريع لإنقاذ حياة سكان مخيم طولكرم، وخاصة المرضى، وكبار السن، والأطفال، والنساء. وقال سلامة: "على المجتمع الدولي أن يقف أمام مسؤولياته القانونية والأخلاقية والإنسانية، ووقف العدوان وحرب الإبادة والتجويع والتعطيش، وسياسة هدم وتفجير البيوت، والتي تتعارض مع القانون الدولي والإنساني".



إقرأ المزيد