العربي الجديد - 12/22/2024 2:11:33 AM - GMT (+3 )
منذ استلام الإدارة السورية الجديدة في العاشر من الشهر الحالي، مهامها كحكومة تصريف أعمال على مستوى السلطة التنفيذية، وهيئة سياسية على مستوى الخطاب السياسي، والتي كلفت بإدارة البلاد لمدة ثلاثة أشهر، وضعت حكومة تصريف الأعمال برئاسة محمد البشير، ثلاث أولويات رئيسية أمامها في هذه المرحلة. كانت أولى هذه الأولويات الحفاظ على استقرار مؤسسات الدولة وضمان عدم تفككها، وهي مهمة ترتبط بالدرجة الأولى بمدى تعاون حكومة النظام السابق التي أبدى رئيسها محمد غازي الجلالي استعداده للتعاون في نقل الملفات الرسمية بشكل سلس ومنهجي بما يحفظ مرافق الدولة. إلا أن مشاكل عديدة لا تزال تعيق هذا الانتقال الذي تم بأفضل سيناريو محتمل حتى الآن، تتجلى في عدم تعاون مسؤولي بعض المؤسسات الموالين للنظام السابق في نقل هذه الملفات، سواء من خلال هرب بعضهم وترك الملفات والوثائق المتعلقة بالدولة عرضة للسرقة والنهب، أو من خلال إحراق ملفات بعض المؤسسات بشكل متعمد قبل الهروب منها، هذا بالإضافة إلى تعرّض بعض المؤسسات الحكومية للنهب والسرقة من قبل بعض عناصر الفصائل غير المنضبطة التي لا تنتمي لـ"هيئة تحرير الشام"، أو حتى من قبل بعض المواطنين العاديين الذين استغلوا حالة الفراغ التي حصلت بعد هروب بشار الأسد وقبل وصول عناصر "هيئة تحرير الشام" إليها.
أما المهمة الثانية لهذه الحكومة فتتمثل في الضبط الأمني، وهو موضوع تعترضه الكثير من التحديات، منها عدم كفاية عناصر الأمن العام والأمن الداخلي التابع للهيئة للقيام بمهمة هذا الضبط على مستوى البلاد، واضطرارها إلى الاستعانة بعناصر غير مدربة وغير منضبطة في هذه العملية. كما أن بقاء السلاح بيد عناصر سابقين لدى فصائل المعارضة وبيد عناصر النظام السابق الذين التزموا منازلهم، يثير مخاوف من حالات فلتان أمني في بعض المناطق، خصوصاً ضواحي العاصمة دمشق وبعض المدن السورية.
أما الهدف الثالث فهو استمرار تقديم الخدمات للمواطنين، والذي يمثل التحدي الأكبر، نظراً لحالة الفساد الكبير المستشري في مؤسسات الدولة، ولعدم توافر مصادر طاقة سواء لتأمين كهرباء للمواطنين أو طاقة تشغيلية للمؤسسات الخدمية، هذا عدا عن سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) على المناطق التي تحتوي على السلة الغذائية الزراعية، ومصادر الطاقة الأحفورية لسورية، من نفط وغاز وغيرها.
لكن، على الرغم من كل التحديات التي تعترض الأهداف الآنية لحكومة تصريف الأعمال، إلا أن التحدي الأكبر أمام هذه الإدارة يكمن في آليات الانتقال السياسي التي تحدثت عنها هيئتها السياسية، لناحية آلية اختيار ممثلين عن السوريين لمؤتمر وطني، ومن الذي سيختار وما هي محددات هذا الاختيار، لأنه بناء على تلك الآليات فقط تظهر جدية الإدارة الجديدة لسورية من عدمها في إقامة دولة مدنية ديمقراطية لكل السوريين.
إقرأ المزيد