العربي الجديد - 5/15/2024 10:08:20 PM - GMT (+3 )
رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو خلال مؤتمر صحافي في بروكسل، 18 إبريل 2024 (Getty)
أصيب رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو بجراح تهدد حياته، بعد تعرّضه لمحاولة اغتيال، اليوم الأربعاء، بإطلاق النار عليه، حسب المكتب الحكومي في البلاد، الذي أضاف أن فيكو (59 عاماً) نُقل إلى مستشفى في مدينة هاندلوفا بوسط البلاد، بعد اجتماع للحكومة عُقد هناك، ومنها نُقل بطائرة هليكوبتر إلى مدينة بانسكا بيستريتسا لتلقي العلاج العاجل.
وذكرت القناة الإخبارية تي.إيه.3 أن أربع رصاصات أطلقت على رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو الذي أُصيب في بطنه. وقالت مديرة مستشفى هاندلوفا، مارتا إيكهارتوفا: "نُقل فيكو إلى المستشفى عندنا، وتلقى العلاج في وحدة جراحة الأوعية الدموية". وأضافت: "نُقل رئيس الوزراء بعد ذلك من المستشفى، وهو في طريقه إلى براتيسلافا". وتعتبر سلوفاكيا من البلدان الأوروبية الشرقية، وكانت تشكّل في السابق مع جمهورية التشيك ما كان يعرف باسم تشيكوسلوفاكيا.
رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو.. الرجل "الذي سرق الجمهورية"ينتمي فيكو إلى عائلة بروليتارية فقيرة في بلدة هروسوفاني في تشيكوسلوفاكيا الاشتراكية سابقاً، حيث كانت والدته تعمل في متجر أحذية، ووالده سائق شاحنات، وقد توفي مبكراً بنوبة قلبية أثناء طفولة روبرت. امتلك رئيس وزراء سلوفاكيا الحالي "هوس السلطة منذ الطفولة"، كما وصفه رئيس تحرير مجلة أكتوالتي في براتيسلافيا بيتر باردي، في مقابلة مع صحيفة إنفورماسيون الدنماركية في يناير/ كانون الثاني الماضي، وهو مؤلف كتاب "روبرت فيكو، الرجل الذي سرق الجمهورية السلوفاكية".
وصف باردي رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو بالمهووس بالسلطة، وزاد عليه أنه تسلق قممها "مخططاً لها بعناية" حين انضم لفترة قصيرة أثناء عمله محامياً متدرباً إلى الحزب الشيوعي في عام 1987. وعملياً لم يسعفه زمن بدايات تفكك "الكتلة الشرقية" بزعامة الاتحاد السوفييتي السابق، أن يصبح في هرم السلطة التشيكوسلوفاكية من خلال الانضمام إلى الحزب الشيوعي، باعتباره شرطاً إلزامياً، أو أمراً واقعاً يجب التعايش معه منذ قمع ربيع براغ في 1968 على يد "الرفاق" في حلف وارسو.
مع ذلك، استطاع الشاب روبرت فيكو أن يقحم نفسه في النظام السياسي لبلده منذ 1989، معززاً اقتناصه الفرص، بعد أن أصبحت سلوفاكيا مستقلة رسمياً في عام 1993 عن الشقيق التشيكي. وعلى مستوى براتيسلافا (العاصمة) يُعرف عنه أنه "شعبوي كلاسيكي"، وبأنه يقرأ مشاعر وانشغالات السكان، فيلعب لعبته المفضلة في التحدث عما يريد الناس سماعه، للحفاظ على حظوظ تسلق هرم السلطة.
منذ عام 2006 وصل قمتها رئيس حكومة يدغدغ مشاعر شعبه، مقدماً نفسه مدافعاً عن مصالح بلده. في 2010 أزاحته صناديق الاقتراع، ومع ذلك أعادته إلى القمة مجدداً الصناديق ذاتها في 2012 و2016.
في 2018، واجه رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو أكبر أزماته السياسية باغتيال الصحافي الاستقصائي يان كوتشياك، الذي كان ينبش في كومة نظام الفساد السلوفاكي. وبرغم أن التحقيقات لم تكشف صلة مباشرة بين جريمة اغتيال كوتشياك وفيكو، فإنه واجه غضب عشرات الآلاف من المتظاهرين في شوارع براتيسلافا، الذين أجبروه على ترك السلطة في 2018. وفي انتخابات 2020، جاء بديله السياسي المعارض إيغور ماتوفيتش، حيث راهن الشارع على نهاية الفساد في عهده، لكن جذوره الضاربة عميقاً كانت أقوى من رغبات السلوفاكيين.
أوكرانيا: بوابة تفجير علاقة فيكو بالغربفي خريف العام الماضي اقتنص فيكو مجدداً فرصته للعودة الرابعة إلى هرم السلطة، وهذه المرة كانت حالة الامتعاض في الشارع السلوفاكي محركاً للتصويت الاحتجاجي، على خلفية الإرهاق الذي شكلته الحرب الأوكرانية. بدهاء بقي الرجل ينتظر على دكة الاحتياط، غير متحمل مسؤولية تدهور المعيشة والتضخم وأزمات الطاقة والاقتصاد ومعاملة الأوكرانيين معاملة تفضيلية على حساب السلوفاكيين أنفسهم، وخصوصاً فلاحي البلد. هنا طرح نفسه مجدداً على أرضية فهمه الشعبوي لمشاعر الشارع، جاعلاً سياسات رئيس وزراء المجر القومي المحافظ فيكتور أوربان، الرافض انتهاج خط متشدد تفرضه أوروبا على روسيا، وتسخير اقتصادات وسلاح أوروبا لمصلحة كييف، نموذجه المفضل، والابتعاد عن "أوربة" علاقات ومصالح بلده.
في خريف العام الماضي اقتنص فيكو مجدداً فرصته للعودة الرابعة إلى هرم السلطة
رأي روبرت فيكو كان واضحاً من الحرب الأوكرانية ومخاطبة مشاعر الساخطين من شعبه، وخصوصاً أن ذلك السخط انطلق مبكراً في ربيع 2022، بعد أسابيع قليلة على الغزو الروسي لأوكرانيا، احتجاجاً آنذاك على عقوبات أوروبا وبدايات نشوء أزمة الطاقة.
"أوكرانيا ليست دولة مستقلة وذات سيادة"، ولكنها "تحت النفوذ والسيطرة الكاملة للولايات المتحدة"، أقلّ ما عبر عنه فيكو وهو يتسلق في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي هرم السلطة مجدداً. سريعاً أثارت مواقفه ذعراً بين الأوروبيين، وخصوصاً التهديد على خلفية أزمة الصادرات الزراعية التفضيلية للأوكرانيين، بوقف تسليح كييف، معتبرين أنه "أكثر حرصاً على علاقته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين من علاقات سلوفاكيا بأوروبا والغرب".
لم يأبه الرجل لانتقادات الأوروبيين لتقاربه مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، واتهامه بأنه "في جيب بوتين"، أو أنه "ذراعه في الاتحاد الأوروبي". بفضل تلك المواقف فاز تحالفه في الانتخابات الأخيرة بتحقيق نحو 23 في المائة من أصوات الناخبين، هازماً حزب سلوفاكيا التقدمي ذا التوجه الغربي بنحو سبع نقاط مئوية.
لم ينزعج الناخبون، الذين يعرفون أن بلدهم عضو في الاتحاد الأوروبي وفي حلف شمال الأطلسي (ناتو)، حين قال لهم فيكو في حملاته الانتخابية: "يجب أن نقول للعالم إن الحرية تأتي من الشرق، والحرب تأتي دائماً من الغرب". بل وأثناء حملاته الانتخابية في أغسطس/آب العام الماضي لم يتردد في القول علناً إن "النازيين الأوكرانيين قتلوا الروس في دونباس ولوهانسك منذ 2014"، ومطالباً شعبه أن يتذكر "كيف قامت روسيا (الاتحاد السوفييتي) بتحرير سلوفاكيا من النازيين أثناء الحرب العالمية الثانية".
تداخل وتشعب ما قبل محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكوقضايا كثيرة مثيرة للجدل في علاقة سلوفاكيا بالاتحاد الأوروبي، ومن بينها تلك التي كان رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو ينتهج الخط البولندي والمجري بالنسبة لـ"إصلاحات" تتعلق بالنظام القضائي وبوسائل الإعلام التي تراها بروكسل تنسف مبادئ الاتحاد الأوروبي في الفصل بين السلطات.
ومع ذلك، بقيت قضية الحرب الأوكرانية طيلة الأشهر الماضية إحدى أهم نقاط السجال في سياق تصريحات رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو المثيرة للجدل، وخصوصاً تلك التي اعتبر فيها أن الحرب يجب أن تتوقف وحتى لو اضطرت كييف إلى التخلي عن بعض الأرض لعقد اتفاقية سلام مع موسكو. بالطبع إلى جانب الجدل الذي أثارته المخاوف من أن يوقف الرجل بالفعل تسهيل بلده تسليح الأوكرانيين، وفتح بوابات خلفية لموسكو.
إقرأ المزيد