هذا اليوم - 12/31/2025 6:02:49 PM - GMT (+3 )
بغداد (هذا اليوم)- في تطور جديد ومتسارع يهدف إلى استكمال أركان السلطة الثلاث في العراق، وبعد ساعات قليلة من حسم الجدل حول هيئة رئاسة البرلمان، أعلن مجلس النواب العراقي رسمياً عن فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، مدشناً بذلك مرحلة جديدة من الصراع السياسي الذي لن تقل سخونته عن معركة رئاسة البرلمان.
واستند المجلس في إعلانه إلى المواد القانونية النافذة من القانون رقم (8) لسنة 2012، محدداً توقيتات زمنية صارمة تبدأ من اليوم الأربعاء 31 ديسمبر 2025، وتستمر ليومي الأحد والاثنين 4 و5 يناير من العام الجديد 2026، لاستقبال طلبات الطامحين في الجلوس على كرسي الرئاسة.
لم يكن لهذا الإعلان أن يرى النور لولا نجاح الكتل السياسية أخيراً في تفكيك عقدة هيئة رئاسة البرلمان، حيث شهدت الأروقة السياسية مخاضاً عسيراً انتهى بتنصيب هيبت الحلبوسي رئيساً، وعدنان فيحان نائباً أول، بينما كانت المفاجأة التكتيكية الكبرى في منصب النائب الثاني.
وسبق ان تمكن الحزب الديمقراطي الكوردستاني من قلب الطاولة على خصومه عبر سحب مرشحه الأول شاخوان عبد الله بعد تعثر تمريره نتيجة تشتت الأصوات ومنافسة ريبوار كريم، ليدفع بـ "الجوكر" فرهاد الأتروشي، الشخصية التي جمعت بين الخبرة التنفيذية والقبول السياسي، مما أنهى حالة الانسداد وسمح للمجلس بالانتقال فوراً إلى الاستحقاق الدستوري التالي وهو رئاسة الجمهورية.
وفي خضم هذا الحراك، تتجه الأنظار صوب الرئيس الحالي الدكتور عبد اللطيف رشيد، الذي لا يزال يمثل خياراً قوياً للاتحاد الوطني الكوردستاني (اليكيتي) للبقاء في منصبه لولاية ثانية، إلا أن الطريق أمامه ليس مفروشاً بالورود هذه المرة، فالأجواء السياسية ملبدة بغيوم الخلافات الحادة بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، والتي تفاقمت بشكل ملحوظ خلال الجلسة الأولى لمجلس النواب، وما رافقها من "كسر عظم" ومحاولات كل طرف فرض إرادته عبر مرشحين متضادين (قصة شاخوان وريبوار)، وهو ما قد يدفع الحزب الديمقراطي الكوردستاني (البارتي)، المنتشي بانتصاره الأخير بتمرير الأتروشي، إلى وضع "فيتو" على مرشح الاتحاد أو المطالبة بمرشح تسوية، ليعيد للأذهان سيناريوهات الصراع على منصب الرئيس في الدورات السابقة.
وعلى الصعيد الإجرائي البحت، وضع مجلس النواب مجموعة من المحددات الصارمة التي يجب أن تتوفر في كل من يرى في نفسه الأهلية لشغل هذا المنصب السيادي، حيث نصت الشروط المستندة للمادة الأولى من القانون على أن يكون المرشح عراقياً بالولادة ومن أبوين عراقيين، كامل الأهلية وقد تجاوز سن الأربعين، كما اشترطت أن يكون حاصلاً على الشهادة الجامعية الأولية كحد أدنى ومعترف بها، وأن يتمتع بسمعة حسنة وخبرة سياسية مشهودة، فضلاً عن خلو سجله من أي شوائب قانونية تتعلق بالجرائم المخلة بالشرف أو إجراءات المساءلة والعدالة.
ووفرت الدائرة القانونية قنوات اتصال مباشرة للمرشحين عبر البريد الإلكتروني (Legal.dep@parliament.iq) وأرقام الهواتف (07889978012 – 07779010703) لتسهيل الإجراءات اللوجستية.
ورغم الشكل "الديمقراطي" للإعلان الذي يفتح الباب لكل العراقيين، إلا أن الواقع السياسي يؤكد أن المنافسة الحقيقية ستدور في فلك التوافقات الكردية-الكردية والكردية-الشيعية، فبينما يتمسك الاتحاد الوطني بمنصب الرئيس كاستحقاق تاريخي، يلوح الحزب الديمقراطي بأوراقه الضاغطة في بغداد، مما يجعل الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت، فهل سنشهد تجديداً للرئيس رشيد كجزء من صفقة شاملة، أم أن "عقدة شاخوان" ستلقي بظلالها وتدفع نحو مرشح جديد يعيد خلط الأوراق في قصر السلام؟ الأيام القليلة القادمة كفيلة بالإجابة.
إقرأ المزيد


