الزمان - 12/24/2025 1:27:56 AM - GMT (+3 )
فاتح عبد السلام
الإحاطة الأخيرة التي تقدم بها رئيس بعثة الأمم المتحدةعن العراق لمناسبة انتهاء مهمته ومغادرته البلاد، مليئة بالكلام العام الذي لا يعبر عن الوصول الى أساس المشاكل أو الى حفافات حلولها.
التقارير الإعلامية لوسائل غربية مستقلة عن أحوال العراق كانت أدق في توصيف الوضع العام لبلاد، لم تتعافَ بعدُ من كل ما لحق بها من أزمات خلّفتها تجارب محبطة لما بعد الاحتلال الأمريكي.
هذه التعابير العامة التي توافرت عليها الإحاطة هي أقرب الى مجاملات نهاية الخدمة منها الى مستوى العين الدولية العليا، إذ نراها تلامس في أحسن الأحوال الأغلفة الخارجية للأزمات العميقة في بنية العملية السياسية وافرازاتها في الفساد، والمليشيات، والنزوح، والتبعية. ولعل الإحاطة من زاوية المعيار السياسي ترتكز على منجز إقامة الانتخابات التشريعية أساسا في نجاح العملية السياسة وسلامة البلاد، من دون التوقف عند فحص اليات الانتخابات ذاتها بالتفصيل عبر المقاييس الدولية بدءاً من ربط المقاعد الافتراضي بتعداد سكاني “مجيّر” مع حرمان ستة ملايين عراقي بالخارج من التصويت، الى المال السياسي والنفوذ الخارجي الواضح وهما عنصران ينزعان شرعية اية انتخابات في العالم لو صادف حدوثهما، لكنهما منجز في العراق بحسب يونامي .
ليس العراق بلداً لم يعد بحاجة الى بعثة الأمم المتحدة أو سواها من البعثات الدولية فالبلد لم يحل مشكلة كبيرة واحدة مثل توفير الكهرباء، وانما العراق لا يحتاج فعلا الى هذا النوع من الأداء الذي يمكن توجيه على وجهة المجاملات أو وجهة العجز في الإنجاز أو اية وجهة أخرى لا تخص الاعمال الاستثنائية الكبيرة لبعثة دولية حتماً.
لو كان التفسير في أسباب انهاء مهمة يونامي صحيحاً، كما قالوا في انه ناتج عن انتفاء الحاجة لاستمرار عمل البعثة كون العراق بلغ المستوى التأهيلي المناسب كدولة، لما وجدنا الولايات المتحدة ترسل في وقت متزامن مبعوثاً شخصياً للرئيس ليكون عينا قريبة من أوضاع العراق بالرغم من انّ السفارة الامريكية في بغداد هي أكبر جهاز سياسي وأمني في الشرق الأوسط.
لا يوجد جديد يستحق الثناء في ختام مهمة يونامي في العراق، وأغلب عملها كان في سياق اداري روتيني ليس له أي أثر عميق في الحياة السياسية. قولوا لنا ما دور البعثة الاممية في تقريب وجهات النظر المتباعدة بين مسار بغداد ومسار أربيل في ملفات الطاقة والأموال والرواتب والعلاقات الخارجية؟ وهل استطاعت البعثة الأممية أن تساعد آلاف العوائل في معرفة مصير أولادهم المغيبين بعد عمليات تحرير ثلث العراق في العام 2017؟ حتى ملف المفقودين الايزيديين الذي خصّه صاحب الإحاطة بفقرة خاصة لا نرى فيها منجزاً عابراً للسياقات التي تكفلت بها أطراف الصراع والازمة من قبل ما بين العراق وسوريا.
جولة زيارة رئيس البعثة الوداعية الى شخصيات سياسية، لا تمنح صك براءة بصحة الممارسات السياسية الجارية، كما انها ليست صك شهادة بسلامة نهج البعثة الأممية بالعراق.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
إقرأ المزيد


