غزة تعود رهينة عقبات المرحلة الثانية لخطة ترمب لوقف الحرب
هذا اليوم -

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في القدس (أ ب)

قبل وصوله إلى تل أبيب ولقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية ومسؤولين آخرين، أثار بنيامين نتنياهو أجواء أمنية حول زيارة السفير الأميركي في الأمم المتحدة، مايك والتز، المتوقعة الإثنين، وطالب بإلغاء جلسة محاكمته لما تحمله هذه الزيارة من أهمية سياسية وأمنية أيضاً.

الزيارة التي تشكل استمراراً للضغوط الأميركية على إسرائيل في ملفي غزة ولبنان ستعمل أيضاً على تمهيد الأجواء للقاء المرتقب بين نتنياهو والرئيس الأميركي، دونالد ترمب، نهاية الشهر في نيويورك. ووفق مسؤولين سياسيين فإن واشنطن تطمح أن يخرج من هذا اللقاء إعلان خاص لتفاهمات حول اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل.

والتز سيتجول في الشمال والجنوب وسيزور معبر كرم أبو سالم ومركز التنسيق العسكري - المدني في كريات غات. الأهداف المعلنة للزيارة هي الدفع قدماً بخطة ترمب للمرحلة الثانية، وعلى المستوى العملي واليومي متابعة تزويد المساعدات الإنسانية للقطاع، بعد خلافات مستمرة مع إسرائيل حول المرحلة الثانية التي تريد واشنطن ومختلف الدول ذات العلاقة البدء فيها، فيما إسرائيل ترفض بدء تنفيذ المرحلة الثانية بل استبقت هذه الزيارة بتكثيف القصف والعمليات في غزة والتهديد بتوسيعها.

نتنياهو استبق وصول والتز وأوضح الموقف الإسرائيلي المصر على إنهاء دور "حماس" في غزة، وليس فقط نزع سلاحه، خلال لقائه الأحد مع المستشار الألماني، فريدريش ميرتس. وبحسب نتنياهو هذا الجانب "هو جزء مركزي من أجل ضمان مستقبل آخر في المنطقة". واعتبر نتنياهو المرحلة الثانية هي الأصعب.

عقبات المرحلة الثانية

إسرائيل طرحت أمام ميرتس وستوضح ذلك، الإثنين، أن نزع سلاح "حماس" شرط لانسحاب إسرائيل والتقدم في المرحلة الثانية بادعاء أن الانسحاب الكامل، في هذه المرحلة، سيؤدي إلى سيطرة ثانية لـ"حماس" على كل مساحة القطاع.

ويشكل نزع السلاح واحداً من ثلاث عقبات مركزية في التقدم في المرحلة الثانية من خطة ترمب ويطرحها الإسرائيليون على طاولة النقاش. وبحسب ميخائيل ملشتاين، المستشار السابق لمنسق الأعمال في الضفة للشؤون الفلسطينية، يشكل مطلب نزع سلاح "حماس" العقبة الأولى والأصعب أمام المرحلة الثانية من خطة ترمب. 

وبرأيه "إزاء الرفض المبدئي من جانب "حماس" للتخلي عن عنصر مركزي في هوية الحركة يعمل الوسطاء على حلول وسط في شكل استعداد للتخلي فقط عن السلاح الهجومي، وهذا قد يدفع الرئيس الأميركي الذي يريد الحفاظ على اتفاق غزة، إلى الإعلان عن حل وسط ويعتبره حل وسط كافٍ بالنسبة له للاستمرار في إنهاء المرحلة الثانية".

أما العقبة الثانية فهي نشر القوات متعددة الجنسيات في القطاع، وتتمثل، بحسب ملشتاين، بصعوبة تحقيق الفكرة إزاء الاستجابة القليلة من الأسرة الدولية لإرسال قوات حين تكون "حماس" تعارض المبادرة. ويقول: "هناك تخوف من أن تعمل حركة (حماس) ضد هذه العناصر في الميدان، ولكن متوقع طرح حل وسط يتبناه ترمب لتواجد قوات بحجم محدود وأساساً لأغراض الرقابة، يحتمل أن تنتشر بدلاً من الجيش الإسرائيلي على طول الخط الأصفر.

 

العقبة الثالثة، والتي تعتبر نسبياً بسيطة، فهي فكرة إقامة حكم بديل لـ"حماس"، الأمر الذي وافقت عليه الحركة منذ بداية الحرب انطلاقاً من الفهم بأن هذا سيكون بغطاء تجميلي من خلفه يمكنها أن تواصل حفظ قوتها في غزة، فيما يشبه "حزب الله" في لبنان، يقول ملشتاين ويضيف: "نتنياهو سيعارض الصلة بين الحكم الجديد والسلطة، لكن يبدو أن من ناحية ترمب، الذي بات يتحدث منذ الآن عن دولة فلسطينية، لا توجد هنا مشكلة مبدئية".

العقبات الثلاث وما قد يحدث في أعقابها من سيناريوهات "ستكون صادمة لكل إسرائيلي سيفهم اليوم عكس ما سمعه طوال الوقت بأن الحرب لن تنتهي إلا مع اختفاء (حماس)"، ويشدد ملشتاين أن "حماس" ليست فقط تواصل الوجود بل وتشكل لاعباً سائداً في غزة بعد أن استكملت معظم التزاماتها للمرحلة الأولى من اتفاق إنهاء القتال، وليست مطالبة الآن إلا بإعادة جثة الأسير الأخيرة، ران غوئيلي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ترمب يقرر في غزة

إسرائيل لا يمكنها أن تعود إلى قتال قوي، أكد ملشتاين وعقيد احتياط جاك نيريا وغيرهما من الأمنيين والعسكريين الذين أضافوا يقولون إن ذلك يحدث لأن ترمب هو من يقرر ما يحدث في غزة، وهو يتطلع لأن يعرض إنجازاً استراتيجياً، رغم خروقات "حماس"، ويطالب بالتقدم إلى المرحلة الثانية.

المرحلة الثانية، في نظر الأمنيين، كفيلة بأن تكون قريبة وستكشف فجوات كبيرة وهامة بين ما تطالب فيه الحكومة، بل تخطط أن يتحقق في غزة، وبين ما يحصل وقد يحصل على أرض الواقع.

بين هذه الفجوات تكثيف الضغوط على إسرائيل للانسحاب من الخط الأصفر الذي عنونه كثيرون منذ الآن كـ"سور برلين" الذي سيكون على مدى سنوات طويلة وسيفصل بين نوعين متضاربين من غزة.

وقد طرح الإسرائيليون خلال نقاشات المرحلة الثانية في غزة أهمية التركيز على ثلاث مصالح مركزية: حفظ قدرة العمل ضد كل تهديد ينشأ في القطاع، عبر رقابة ناجعة بقيادة أميركية على محور فيلادلفيا ومعبر رفح، وقدرة على استخدام الفيتو على تركيبة الحكم المستقبلي الذي سيقوم في القطاع، خاصة إذا تبين أنه يتضمن عناصر تتماثل مع "حماس". كل هذا بالتوازي مع تخطيط معركة مستقبلية واسعة للقضاء على "حماس" تكون هذه المرة مخططة، واعية، وبمبادرة إسرائيل.

الانتقال المرحلي

الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وخلال مناقشة ملف غزة والمرحلة الثانية، قدمت لنتنياهو توصية باسم كبار مسؤولي الجيش تؤكد فيها على ضرورة الانتقال التدريجي من وضعية الحرب إلى التفاهمات السلمية ليس فقط في غزة إنما في لبنان وسوريا أيضاً، والتجاوب مع المطالب الأميركية.

ونقل عن مصدر أمني أن هناك أغلبية في هيئة الأركان العامة تعتقد أنه في الوقت الحالي، وفي كل ما يتعلق بقطاع غزة، ينبغي "السير مع التيار" مع إدارة ترمب، حتى يتضح ما إذا كان الوسطاء سينزعون سلاح "حماس"، أم ستضطر إسرائيل إلى ذلك.

وشدد هذا المصدر أن ترمب يسعى لوضع ما أسماه "قواعد اليوم الذي يلي الحرب"، وأبرزها: نقل مركز الجهد من المواجهة العسكرية إلى الدبلوماسية. السماح لإسرائيل بمواصلة الضغط العسكري، لكن بنيران دقيقة وجوية فقط، لا بتوغلات برية واسعة. تفكيك سلاح "حماس" و"حزب الله" سيتم أساساً عبر ضغط سياسي وليس عبر اجتياحات.

ووفق التقديرات يريد ترمب استقراراً لبدء تقليص الوجود الأميركي، أما نتنياهو فيسعى إلى "نصر كامل" يشمل تفكيك "حماس" و"حزب الله" وتجريد غزة ولبنان من البنى العسكرية، ومنع أي دور للسلطة الفلسطينية أو تركيا أو قطر في غزة، وفرض منطقة منزوعة من السلاح في جنوب سوريا، ووقف تعاظم القوة الإيرانية، خاصة في السلاح الدقيق والطائرات المسيرة، وتأمين الحدود الشرقية من تهديدات الحوثيين والميليشيات العراقية.

كلها مطالب تشكل، بحد ذاتها، عقبة كبيرة ليس فقط في غزة إنما في مختلف الجبهات التي تواجه إسرائيل أمامها تحديات متزايدة.





إقرأ المزيد