استحالة‭ ‬التسوية‭ ‬العرجاء
الزمان -

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام

واهم‭ ‬مَن‭ ‬يظن‭ ‬انّ‭ ‬اللعبة‭ ‬السياسية‭ ‬ستجري‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة،‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬التشكيل‭ ‬الرسمي‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬مطابق‭ ‬المواصفات‭ ‬والمعايير‭ ‬المقبولة‭ ‬أمريكياً‭ ‬ولو‭ ‬في‭ ‬حدوده‭ ‬الظاهرية‭ ‬العامة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬انّ‭ ‬الأيدي‭ ‬التي‭ ‬تلعب‭ ‬في‭ ‬الميدان‭ ‬غير‭ ‬الرسمي،‭ ‬ستبقى‭ ‬حرّة‭ ‬كما‭ ‬ترغب‭. ‬

هذه‭ ‬المرّة،‭ ‬هناك‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬أمريكي‭ ‬إسرائيلي‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬بحسب‭ ‬مصادر‭ ‬موثوقة،‭ ‬ويقع‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬أولويات‭ ‬هذا‭ ‬الجدول،‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬عامل‭ ‬تخريب‭ ‬لخطة‭ ‬تسعى‭ ‬لوضع‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬كمنطلق‭ ‬بعد‭ ‬انهاء‭ ‬حرب‭ ‬غزة،‭ ‬وحسم‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬خارج‭ ‬المحور‭ ‬الإيراني‭ ‬المعروف‭.‬

المطالب‭ ‬باتت‭ ‬محددة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تشخيص‭ ‬الهوية‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬سيكون‭ ‬عليها‭ ‬العراق‭ ‬كعضو‭ ‬أساس‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬خطة‭ ‬تسوية‭ ‬منقوصة‭ ‬وعرجاء،‭ ‬وهي‭ ‬عرجاء‭ ‬فعلا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬العراق،‭ ‬غير‭ ‬انّ‭ ‬هناك‭ ‬قلقا‭ ‬متعدد‭ ‬الجوانب‭ ‬دوليا‭ ‬من‭ ‬احتمال‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬مفاجآت‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ويتحول‭ ‬الى‭ ‬الخاصرة‭ ‬الرخوة‭ ‬لعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬بسبب‭ ‬طبيعة‭ ‬الازمات‭ ‬المعقدة‭ ‬بين‭ ‬ايران‭ ‬كقطب‭ ‬إقليمي‭ ‬أساسي‭ ‬وبين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ومصالحها‭ ‬وحلفائها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

غير‭ ‬انّ‭ ‬اللافت‭ ‬هو‭ ‬انتظار‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬فترة‭ ‬ليست‭ ‬قليلة‭ ‬حتى‭ ‬انقضاء‭ ‬دورة‭ ‬حكومية‭ ‬كاملة‭ ‬شهدت‭ ‬الاحداث‭ ‬الكبيرة‭ ‬والساخنة‭ ‬المندلعة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬يجري‭ ‬اليوم‭ ‬ربط‭ ‬تنفيذ‭ ‬الاشتراطات‭ ‬البنيوية‭ ‬والجوهرية‭ ‬للانسجام‭ ‬العراقي‭ ‬مع‭ ‬محيطه‭ ‬الإقليمي‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحكومة‭ ‬الجديدة‭ ‬قيد‭ ‬التشكيل‭.‬

‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬تغيير‭ ‬حقيقي‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭ ‬الامريكية‭ ‬في‭ ‬الأقل،‭ ‬بين‭ ‬الوضع‭ ‬العراقي‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬المنصرمة‭ ‬و”الوضع”‭ ‬خلال‭ ‬الحكومة‭ ‬المقبلة؟

لا‭ ‬توجد‭ ‬اية‭ ‬أساسيات‭ ‬متغيرة،‭ ‬فالأسماء‭ ‬والوجوه‭ ‬والتشكيلات‭ ‬هي‭ ‬على‭ ‬حالها،‭ ‬وانّ‭ ‬العقيدة‭ ‬المحركة‭ ‬للفعل‭ ‬السياسي‭ ‬هي‭ ‬مصدر‭ ‬الخلاف‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬نفهم‭ ‬،‭ ‬وانّ‭ ‬التأثير‭ ‬الخارجي‭ ‬هو‭ ‬الحاسم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الامر،‭ ‬ولا‭ ‬اظن‭ ‬انّ‭ ‬أي‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومي‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬احداث‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬المسار‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬ترسخ‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عنصرين،‭ ‬هما‭ ‬قبول‭ ‬وجود‭ ‬المؤثر‭ ‬الخارجي‭ ‬كلاعب‭ ‬داخلي،‭ ‬وقبول‭ ‬انطلاق‭ ‬لاعبي‭ ‬النفوذ‭ ‬الاقليمي‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬كمصدر‭ ‬مورد‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬تعبئة‭ ‬المقاتلين‭ ‬العراقيين‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬اليمن‭ ‬او‭ ‬قبلها‭ ‬حرب‭ ‬سوريا،‭ ‬وزاد‭ ‬الطين‭ ‬بلة‭ ‬ثبوت‭ ‬تورط‭ ‬اعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬العراقيين‭ ‬في‭ ‬القتال‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬ضد‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬ومن‭ ‬الصعب‭ ‬الاعتقاد‭ ‬ان‭ ‬ذلك‭ ‬سيكون‭ ‬منقطعا‭ ‬عما‭ ‬سيحدث‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬تحت‭ ‬عناوين‭ ‬أزمات‭ ‬جديدة‭. ‬هنا‭ ‬مفهوم‭ ‬السيادة‭ ‬المطعون‭ ‬فيه،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬محل‭ ‬اهتمام‭ ‬أمريكي‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬إسرائيلي‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬مادام‭ ‬تحت‭ ‬سقف‭ ‬شعارات‭ ‬معروفة‭ ‬لتصدير‭ ‬القتال‭ ‬الى‭ ‬اليمن‭ ‬وسوريا،‭ ‬لكن‭ ‬الحالة‭ ‬اختلفت‭ ‬كثيرا‭ ‬عندما‭ ‬تمس‭ ‬التسوية‭ ‬الجديدة‭ ‬المرتبطة‭ ‬بحالة‭ ‬الاستقرار‭ ‬والنماء‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

أرى‭ ‬انّ‭ ‬هذا‭ ‬التعقيد‭ ‬الكبير‭ ‬سيفضي‭ ‬الى‭ ‬انفراج‭.. ‬من‭ ‬نوع‭ ‬ما‭. ‬

fatihabdulsalam@hotmail.com

رئيس‭ ‬التحرير‭-‬الطبعة‭ ‬الدولية

مشاركة


إقرأ المزيد