الكتابة تحولت لـ"طلاسم".. لغة الضاد تواجه الخطر ومطالبات بإعادة "كراسة الخط"
هذا اليوم -

شفق نيوز- بغداد 

بات خط الطلبة، من أبرز المشاكل التيتواجه العملية التربوية، وحتى على مستويات المعاهد والجامعات وليس مراحل التدريسالأولى، ولهذه المشكلة أسباب عديدة، منها تقليص أوقات الدوام الرسمي في المدارسالمزدوجة على سبيل المثال، وغياب كراسات الخط، التي تمكن الطلبة من تحسين كتابتهم،فضلا عن الاعتماد على الهواتف والحواسيب.

وغالباً ما يواجه الأساتذة صعوبة كبيرةفي فهم أجوبة الطلاب عن الأسئلة الامتحانية، بسبب سوء الخط أو عدم القدرة علىقراءته، حتى أصبح يشبه "الطلاسم".

ويبرر الطالب في الصف الرابع الابتدائيعبد الرحمن خلدون، عدم اهتمامه بالخط، بأنه يحفظ "المعلومة وينقلها فيالامتحان وينجح".

ويضيف في حديث لوكالة شفق نيوز،"لم يعترض أحد من المعلمين يوماً على خطي في الكتابة، وأحصل دائماً على درجاتجيدة، والمهم هو النجاح".

أما التلميذة في الصف الثالث الابتدائيجنا صفاء فتقول: " نحن نقرأ ونكتب مثلما موجود في القراءة".

وتضيف في حديثها لوكالة شفق نيوز،"نحن نتعلم من المعلم القراءة ورسم الحروف، فيما يرسم والدي خطاً طويلاً علىطول الصفحة في الورقة، ويعلمني الكتابة فوق الخط لتكون كتابتي مستقيمة".

ويحاول أولياء الأمور عبثاً تعليمأبنائهم الخط، بعد اختفاء كراسات التعليم التي كانت شائعة في المدارس الابتدائية،والتي علمت أجيالاً عديدة كتابة الأحرف بشكل صحيح وجميل.

واقترن الخط بالهوية العربية، واشتهرالعديد من أنواع الخطوط، وكلها تتسم بالرشاقة والفن والاتقان، وكان المعلمونيبذلون جهوداً كبيرة في تعليم التلاميذ كتابة الخط، ولكن تلك المهنية في التعليمالابتدائي اختفت منذ سنوات عدة.

وتعليقاً على الموضوع، تقول المعلمةإخلاص الساعدي في حديثها لوكالة شفق نيوز، إن "مادة اللغة العربية أصبحتحالياً صعبة حتى في الصفوف الأولى من الدراسة الابتدائية، لذا نركز على تيسيرالمادة وحفظها من أجل إتمام المنهج الدراسي المقرر".

وتضيف، ان "الوقت أصبح قصيراًجداً، خاصة في المدارس ذات الدوام المزدوج، ولا يوجد أمام الهيئات التدريسية الوقتالكافي لتعليم الطلبة رسم الأحرف، كما لا توجد متابعة من ذوي الطلبة بخصوص تحسينالخط وكتابة الإملاء على الوجه الصحيح".

ولا تنتهي المشكلة عند الطلبة فحسب،فالأدهى أن ثمة معلمين التحقوا حديثاً بمهنة التعليم وهم لا يجيدون كتابة الحروفبصورة صحيحة، كما تقول الساعدي.

وتختم الساعدي، بالقول ان الكراسالمطبوع المخصص للصفوف الابتدائية، كان يحتوي على الأحرف المنقطة، ما يتيح للطالبرسم الحروف مثلما هي مطبوعة في الكراس وبشكل مستقيم، وهو ما لم يعد اليوم موجوداً.

ويطالب تربويون ومختصون بضرورة عودةالخط العربي ضمن مناهج اللغة العربية، واحتساب درجات خاصة عليه، وعودة إلزاميةكراسة الخط العربي لتعزيز مهارة الكتابة لدى الطلبة في المدارس الحكومية والأهليةوالحفاظ على قيمة الخط العربي.

ويشير أستاذ اللغة العربية نايف شلالالخالدي، في حديث خاص لوكالة شفق نيوز، إلى "وجود أسباب عديدة وراء تراجعالخط، وفي صدارتها قلة الكتابة والاعتماد على الحاسوب والنقال بدلاً من القلم،إضافة إلى ضعف الرغبة في تحسين الخط العربي لدى الطالب وعدم المتابعة من أولياءالأمور".

ويضيف، ان "غياب متابعة المعلموعدم اهتمامه بتحسين خط الطلبة وانعدام التشجيع ومكافأة المبدعين من الطلاب وراءتراجع الخط العربي ايضاً"، منوهاً إلى ضرورة إقامة دورات وورش تدريبية للطلبةبغية تحسين الخط، وخلق المنافسة لدى الطالب من خلال الجوائز والهدايا".

بدوره يقول التدريسي في معهد الفنونالجميلة بمحافظة ذي قار، صلاح الدين الجاسم، إن "الخط والكتابة هما من أبرزوسائل التواصل الفكري والاجتماعي منذ اكتشاف الكتابة، ويجب التأكيد على حصص الخطفي المدارس الابتدائية كونها النواة الأساسية للتعليم".

ويضيف خلال حديث لوكالة شفق نيوز، إن"الاعتماد غالباً ما يتم في الوقت الحاضر على خط النسخ الذي تحتاج كتابتهوتعلمه لفترة طويلة، لأن حروف هذا الخط تشبه حروف القرآن الكريم"، مبيناً أن"من الأفضل الكتابة بالأسلوب الاعتيادي، أي بخط الرقعة الذي تكون فترة تعلمهقصيرة".

ويلفت الجاسم إلى أن "أسباب ركاكةالخط عند الأطفال هي بسبب التطور الرقمي الذي ألقى بظلاله على الخط العربي وهيمنةالطباعة على الكتابة بالقلم".

وينوه، إلى "غياب الاستعدادالنفسي وعزوف الكثير من الطلبة عن الكتابة وتحسين الخط في الوقت الراهن".

ويوضح: "وضعت في خمسينيات القرنالماضي كراسات للخط العربي مكتوبة بخط الرقعة، ونحن ندرسها، لكن مشكلة تراجع الخطتكمن بعدم تهيئة معلمي الصفوف الأولى لتعليم التلاميذ على كتابة الخط من خلالإعطاء تمارين للتلاميذ وإعادة كتابتها مرات عدة لترسيخ الحروف الصحية في أذهانالتلاميذ وكي تعتاد أيديهم على المرونة في الكتابة".

ويتابع الجاسم "يجب تنمية قدراتاليد في تصوير الحروف ورسمها في التصوير البصري، من خلال رسم صورة الحرف في الذهنأولاً"، مؤكداً أن "هذه التغذية البصرية تسهم في رسم الخط، إضافة إلىالجلسة المريحة خلال الكتابة ومسك القلم بشكل صحيح".

ويشدد على ضرورة أن "يراعي المعلمالتوافق بين اليد والعين أثناء الكتابة ويراقب الطلبة عند القيام بذلك".

وتشير دراسات حديثة إلى وجود علاقة بينالفرد والخط، لأن الخط يكشف عن قوة شخصيته، فإذا كان الخط جميلاً، فأن صاحبه سيكونشخصية ذات شأن في الحياة.

ويختتم الجاسم حديثه بالقول،"أجرينا استقراءً في محافظة ذي قار، فوجدنا عدم التفريق بين حرف الكاف والعينوعدم كتابة حرف الياء بشكل صحيح، إضافة إلى الخلط بين حروف الحاء والخاء والجيموالصاد والضاد والتاء الطويلة والتاء المربوطة، وعدم التمييز في كتابتها لدى كثيرمن الطلبة".



إقرأ المزيد