الزمان - 11/25/2025 12:15:07 AM - GMT (+3 )
فاتح عبد السلام
الوزير، وجهه مرتاح، وكلامه هادئ سلس للغاية، والابتسامة تفترش محياه، وكلماته الواثقة تتدفق من قلب مطمئن، ولا ادري لمَن كان يوجه خطابه، حين سمعنا منه ذلك الخبر الجلل أو العادي جدا، لم نعد قادرين على التمييز بين الحالين، بأنّ هناك ترليونين ونصف الترليون من الدنانير العراقية تبخرت من خزينة تابعة لوزارته في ظروف يجهلها أو ربما لم يشأ أن يخبرنا عنها الآن لزيادة التشويق.
ولم ينسَ الرجلُ الباسم المرتاح جداً، أن يؤكد انّ تلك الأموال ضاعفها هو بجهوده في خلال بضع سنوات من وجوده على كرسي المنصب ما مقداره ست مرات، لكنه لفت انتباهنا في النهاية الى ملاحظة عابرة وبسيطة مفادها أنّ الخزينة الخاصة بالرعاية الاجتماعية فارغة.
هناك كائنات على الكوكب، لا ندري حين تبتسم إن كانت فرِحة، أم حزينة، أم تنوي الانقضاض على فريسة ضعيفة الحال أم تهم بتقبيلها؟
وحين يخبرنا ذلك الرجل الباسم عن تبخر أموال الخزينة في لمح البصر، نقف حائرين، أ هي خدعة كاميرا خفية؟ فنقوم من تلقاء أنفسنا بالبحث عن مكان اختباء الكاميرا لكي نفشل له تلك المفاجأة التي أعدها للملايين الخمسة والأربعين.
السعادة التي تتفتق عن ملامحه، كانت ممزوجة بثقة عميقة بالنفس، واطمئنان أعمق بأن يد المحاسبة لن تمتد اليه، وانه في مكان عال جداً، يعصمه من ذلك الامر الكبير، حتى انّ أيّ مراقب يستغرب لِمَ كان الرجل الباسم يخبرنا بتبخر أموال خزينة من خزائن وزارته بعد اعلان نتائج الانتخابات وليس قبلها وهو مرشح فائز فيها، بل انّ الفضول يدفع الى سؤال آخر، عن سبب قراره في اخبارنا، نحن معشر الشعب او المتقاعدين او المتطلعين لقطرات راتب الرعاية، ولماذا لم يذهب الرجل الى رئيسه الأعلى ويبلغه بذلك، ويسعيان لحل ما، قبل ابلاغ «المكاريد” بذلك الخبر الصاعقة.
ما علينا من قيمة المبلغ المفقود، ليتراصف مع اخوة ضائعين له في مجاهل الدولة وأصقاعها، ولنتأمل بإعجاب ابتسامة الرجل التي لم تفارق كلمة واحدة من كلماته الواثقة المستندة الى ظهر لابدّ انه قوي.
فعلا الرجل الباسم يثير الاعجاب.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
إقرأ المزيد


