حراك سياسي مكثّف يمهّد لحسم "الرئاسات الثلاث" قبل المدد الدستورية
السومرية الشبكة الفضائية العراقية -
السومرية نيوز – سياسة

توقع سياسيون ومراقبون، حسم ملف اختيار "الرئاسات الثلاث" قبل المدد الدستورية المحددة لذلك، مرجعين ذلك إلى الانسجام العالي والهدوء بين الكتل السياسية، في وقت تشهد فيه الساحة السياسية حراكاً واسعاً ومكثفاً بين مختلف القوى والكتل الفائزة في الانتخابات الأخيرة.

وفي ظل هذا الحراك، استقبل رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، بمكتبه أمس الأحد، كلاً من محافظ ديالى ومحافظ البصرة.

وأفاد بيان للمكتب الإعلامي للمالكي بأنه "جرى خلال اللقاء تبادل التهاني بمناسبة نجاح الانتخابات وما رافقها من أجواء إيجابية عكست حرص الجميع على المسار الديمقراطي في البلاد".

وتابع: "بحث اللقاء سير العمل التنفيذي في المحافظتين، وتم استعراض أداء الدوائر الحكومية والمشاريع الخدمية والتنموية الجارية، إضافة إلى مناقشة التحديات التي تواجه الإدارات المحلية وسبل معالجتها بما يضمن تحسين مستوى الخدمات وتعزيز الاستقرار والتنمية".

وأكد رئيس ائتلاف دولة القانون – حسب البيان - حرصه على "دعم الجهود المحلية التي تسهم في تطوير المحافظات ورفع مستوى الأداء"، مشدداً على "أهمية تكامل الأدوار بين الحكومة المركزية والإدارات المحلية لتحقيق تطلعات المواطنين". من جهتهما، قدّم المحافظان "عرضاً موجزاً عن واقع العمل في محافظتيهما، مشيدين بالتواصل والدعم الذي يحظون به في سبيل الارتقاء بالعمل الخدمي والتنفيذي".

استحقاق الكتل
عضو "ائتلاف دولة القانون"، عباس الموسوي، قال إن "أغلب لقاءات الكتل السياسية مع الكتل الأخرى هو التأكيد على إنهاء استحقاقات الكتل، فلا يمكن تجاوز استحقاق أي كتلة على كتلة أخرى"، مشيراً إلى أن "استحقاق (الكتلة الأكبر) للإطار بانتظار حصول توافق داخل التحالف الكردستاني، من خلال اللقاءات التي جمعت زعيم الائتلاف نوري المالكي مع رئيس الحزب الديمقراطي مسعود البارزاني للتأكيد على ضرورة التعجيل في هذا الاستحقاق كونه سيكون مفتاحاً للاستحقاقات الأخرى".

وأضاف، أنه "في الوقت نفسه؛ فإن هنالك حديثاً مع الاتحاد الوطني الكردستاني بأنه يجب أن تكون هنالك لقاءات وتوافق بين الكتل الكردستانية للاتفاق على مرشح رئاسة الجمهورية، فضلاً عن الحراك مع الكتل السنية لإنهاء هذا الاستحقاق".

وبين الموسوي، أنه "بشكل عام نشعر أن هنالك إجراءات جدية حقيقية من الكتل السياسية من أجل التعجيل في إنهاء هذه الملفات، رغم الاحتياج إلى بعض الوقت"، متوقعاً "الوصول بنفس التوقيتات والاستحقاقات الدستورية في تشكيل الحكومة والرئاسات الثلاث".

تفاهمات سطحية
من جانبه، رأى المحلل السياسي مخلد حازم، أنه "لا توجد لغاية الآن تحركات واضحة المعالم، إذ إن هنالك تفاهمات سطحية بين أطراف المكون السني لتكوين الأغلبية السنية بين أحزاب (تقدم والسيادة وحسم والجماهير الوطنية)، لكن حتى هذه اللحظة لم يتم الجزم بأن هذه التحالفات حسمت أمرها باختيار رئيس لمجلس النواب".

وأضاف حازم، أنه "لا يوجد لغاية الآن ترشيح لشخصية معينة ليكون رئيساً لمجلس النواب"، متوقعاً أن "يرشح زعيم حزب تقدم محمد الحلبوسي نفسه لهذا المنصب".

ووصف حازم الأمور السياسية بأنها ما زالت "ضبابية"، متوقعاً "وضوح المعالم خلال الأيام القادمة.

مدد دستورية
أما أستاذة القانون الدولي الدكتورة منال فنجان، فقد توقعت أن "يكون اختيار الرئاسات الثلاث قبل المدد الدستورية، نظراً للهدوء الحاصل في المفاوضات بين الكتل".

وأضافت فنجان، أن "المفاوضات تتسم لغاية الآن بالهدوء أكثر مما موجود في الدورات السابقة، ورأينا كيف تشكلت (الكتلة الأكبر) بسهولة وسرعة غير معهودة".

أستاذة القانون الدولي، عدّت هذا الأمر، بأنه "إحساس عالٍ بالمسؤولية وأهمية المرحلة وخطورتها وحساسيتها والأوضاع الإقليمية الراهنة في المنطقة، ناهيك عن أن هذا الإجراء كان لإعطاء صورة إيجابية للجمهور الذي شارك بشكل كبير في الانتخابات، مما يعدُّ خطوات إيجابية متبادلة بين السياسيين والجمهور".

وتابعت، أن "المفاوضات لم تقتصر على تشكيل (الكتلة الأكبر) فحسب؛ وانما الانفتاح للحوار مع باقي الكتل الأخرى، وهو دليل نضج سياسي عالٍ بين الفرقاء بعد مرور 6 دورات انتخابية".

وتوقعت فنجان بأن "تشكيل الحكومة القادمة سيكون أسرع من الحكومات السابقة وقبل المدد الزمنية المحددة لانتخاب الرئاسات الثلاث، كون المفاوضات تنمُّ عن نضجٍ ووعي في المشهد السياسي، وكذلك إعطاء مصداقية ورسائل تطمين للمواطن العراقي في المرحلة الحالية".

مواقف متعددة
وفي خضم المشهد الحالي، تبرز مواقف متعددة من قادة سياسيين ومحللين، تكشف التحديات التي تواجه عملية تشكيل الحكومة الجديدة وإدارة مرحلة ما بعد الانتخابات.

وقال المتحدث باسم "ائتلاف النصر" عقيل الرديني، إن "ما يجري من زيارات متبادلة بين رؤساء الكتل واللجان المنبثقة عنها، يأتي في إطار التشاور حول مستقبل المرحلة المقبلة وشكل التحالفات"، مضيفاً أن "هذه اللقاءات تمثل (جس نبض) ومحاولة لوضع أسس لتحالفات مرتقبة".

وبيّن الرديني، أن "(الإطار التنسيقي) ما يزال يُعدُّ (الكتلة الأكبر) من وجهة نظر قواه الداخلية، وأن اختيار رئيس الوزراء المقبل سيتم وفق لجان ومعايير داخلية".

وأضاف، أن "الأمر سيُحسم بـ(الأغلبية داخل الإطار)، إذ لا يجري تصويت رسمي، بل يعتمد القرار على توافق أغلبية الأعضاء على شخصية محددة".

وأكد، أن "لجاناً من الإطار ستباشر زيارة كتل سياسية سنية وكردية لإجراء حوارات أولية تتعلق بمناصب رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان"، وأشار إلى "وجود خلافات كردية - كردية قديمة تتجدد عند كل دورة سياسية، إذ يتمسك الاتحاد الوطني الكردستاني بمنصب رئاسة الجمهورية باعتباره (استحقاقاً تاريخياً)، بينما يسعى الحزب الديمقراطي الكردستاني لانتزاعه، في ظل انقسامات داخلية تتعلق أيضاً بمنصبَي رئاسة الإقليم ورئاسة حكومة الإقليم".

وفي الشأن السني، أوضح الرديني، أن "هناك خلافاً بين قوى (تقدم وعزم والسيادة) حول منصب رئاسة البرلمان"، مبيناً أن "محمد الحلبوسي يعدُّ الفائز الأكبر سنياً، لكن ترشيحه قد يواجه عوائق، ما يجعل التوافق ضرورة لحسم المنصب".

وتابع الرديني، أن "المرحلة بحاجة إلى تفكيك معادلات معقدة بين مختلف المكونات"، لافتاً إلى أن "المطلوب اختيار رئيس وزراء اقتصادي بحت قادر على قيادة البلاد في الاتجاه الصحيح بعيداً عن الشخصنة".

مناصب سيادية
القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، محمود خوشناو، قال إن "المناصب السيادية والتنفيذية في العراق، ومنها رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والنواب ووزارات الدولة، تُعدُّ استحقاقاً وطنياً يقوم على توازن المكونات بعد 2003".

وأكد خوشناو، أن "ما يُسمى بـ(المحاصصة) يفضله البعض، بينما يصفه آخرون بأنه (توازن وطني) يحفظ حقوق المكونات الكردية والسنية والشيعية والمكونات الأخرى، ومنها التركمان".

وأضاف، أن "منصب رئيس الجمهورية يدخل ضمن هذا التوازن، ولا يمكن تجاوزه أو التعامل معه خارج معادلة الشراكة الوطنية"، وأوضح أن "الاتحاد الوطني الكردستاني يمثل جزءاً أساسياً من المعادلة العددية والسياسية داخل الإقليم وفي بغداد، ولا يمكن استبعاده عند توزيع المناصب العليا".

وأكد خوشناو، أن "الحسم النهائي سيعتمد على توافقات في الفضاء الوطني، سواء بين الطرفين الكرديين أو مع الإطار التنسيقي أو المكونات السنية".

رئاسة الجمهورية
بدوره، قال المحلل السياسي الكردي، ريبين سلام، إنه "لم تُعقد أي لقاءات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني بعد الانتخابات لبحث منصب رئاسة الجمهورية"، مبيناً أن "أطرافاً غير كردية طرحت هذا المنصب لصالح المكون السني، لكن حتى القوى السنية نفسها غير متفقة على هذا الطرح".

ووصف سلام هذه الدعوات بأنها "استخفاف بالمكون الكردي"، وأنها قد استُخدمت "انتخابيا" من قبل بعض القوى، وأكد أن "المكونات كافة (الشيعية والسنية والكردية) تتفق على أن منصب رئيس الجمهورية سيظل ضمن الاستحقاق الكردي، وأن أي حديث غير ذلك لا يتعدى ضرورة انتخابية وإعلامية".




إقرأ المزيد