رجل الفكر والتنوير في ذكراه السنوية
الزمان -

د ڤيان فاروق

تمر هذه الأيام الذكرى السنوية لرحيل رجل الفكر والتنوير الأمير طلال بن عبد العزيز.

غادر عالمنا الفاني، لكنه ترك إرثًا يلمع كليلة الذهب، يشير إلى بصمته الواضحة في المجالات السياسية والإعلامية والاقتصادية، فضلاً عن منظمات المجتمع المدني وغيرها.

كان يعمل بصمت خارج مؤسسات الدولة، رغم أنه شغل في بداية حياته أرفع المناصب الحكومية وعمل سفيرًا، إلا أنه آثر التفرغ للعمل المجتمعي، متفانيًا في خدمة وطنه برؤية أبوية.

شعر الأمير طلال بوجود فراغات تحتاج إلى معالجة تتماشى مع إيقاع العالم المتسارع نحو المستقبل.

أدرك أهمية قراءة المشهد الدولي وحركة التاريخ، وضرورة التفاعل مع المتغيرات السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

عمل على مواجهة تحديات التشدد الديني وسعى لتفعيل دور المرأة في بناء الدولة على أسس الحداثة.

كما آمن بضرورة التعليم واهتم بإرسال البعثات الدراسية للخارج، قناعة منه بأن لا مستقبل دون موارد بشرية قادرة على البناء في ظل ظروف الثورة المعلوماتية والتكنولوجية المذهلة.

ولم يغفل خطورة دور الإعلام في تشكيل المجتمعات.

إلى جانب إنجازاته، كان الأمير طلال شخصية اجتماعية محبوبة، معروفًا بكرمه مع الجميع، سواء كانوا من العاملين معه أو من عامة الناس.

تبرع بدور سكن ورواتب، وحوّل منزله إلى مدرسة للبنات، وأنشأ بنوكًا لتقديم القروض للفقراء ودعم المشاريع الصغيرة. يعدّ بحق من الآباء المؤسسين للمملكة العربية السعودية الحديثة، بمقاييس التقدم والتنمية في مختلف المجالات.

في البلدان المتطورة، يولي الناس اهتمامًا برموزهم الإبداعية والمعرفية، وهذا يعكس التخطيط العلمي والحرص على تقديم الدعم المعنوي والمادي للمبدعين خلال حياتهم.

ومع ذلك، كان الأمير طلال بعيدًا عن السعي وراء التكريم والجوائز، حيث عزف عن قبولها بمختلف المستويات.

اليوم، وبعد رحيله، تبقى رمزية الأمير الراحل وعظمته إرثًا وطنيًا يستحق الاهتمام في المشهد الإعلامي والفضاء الاجتماعي. ما قدمه من عطاء مذهل على مدى عقود في المجالات السياسية والدبلوماسية والإعلامية والاقتصادية يستدعي التقدير والإشادة. هذه الإشادة ليست مجرد اعتراف بالفضل، بل هي أيضًا دعوة لتحفيز الآخرين على العطاء والتميز كلٌ في مجاله.

من المهم الإشادة بدور الراحل في التنوير وتثقيف المجتمع، ورفع مستواه نحو الأفضل، تقديرًا لإرثه العظيم الذي سيظل مصدر إلهام للأجيال القادمة.



إقرأ المزيد